عرض مشاركة مفردة
  #80  
قديم 16-08-2004, 04:21 AM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

أما قتل كل نفس بكل نفس فهذا خلاف السنة ، وذهب أبو حنيفة الإمام المعروف -رحمه الله- وأصحابه إلى أن المسلم يقتل بالكافر لعموم الآية ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {45}‏ سورة المائدة ، ولعموم الحديث ، وعلى أن الحر يقتل بالعبد ، والجمهور على إعمال الأحاديث الأُخَر في هذا الباب من أن النفس بالنفس تقيد بما جاء في الأحاديث ، فيكون هذا من العام المخصوص .
قال : ( والتارك لدينه المفارق للجماعة ) .
"التارك لدينه" فسرت بتفسيرين :
الأول : التارك لدينه يعني : المرتد الذي ترك دينه كله فارتد عن الدين ، فيباح دمه .
والتفسير الثاني : أن التارك للدين هو : من ترك بعض الدين ، مما فيه مفارقة للجماعة ، يعني: ترك بعض أمر الدين ، مما فيه المفارقة للجماعة ، قالوا : ولهذا عطف ( المفارق للجماعة ) على ( التارك لدينه ) فقال : ( والتارك لدينه المفارق للجماعة ) فجعل مفارقة الجماعة عطفا لبيان ترك الدين ، فدل هذا على أن إباحة الدم في ترك الدين يكون بترك الجماعة ، وترك الجماعة يراد بها ترك الجماعة التي اجتمعت على الدين الحق بمفارقته للدين ، وتركه للدين بما يكفره .
والثاني : يعني: مفارق للجماعة ، جماعة الدين أو الاجتماع في الدين، والثاني : أن المفارقة للجماعة يعني بالخروج على الإمام ، أو البغي ، فيكون المفارقة للجماعة المقصود بها الاجتماع بالأبدان .
وهنا تكلم العلماء في كثير من المسائل التي تدخل تحت ترك الدين ، فجعلوا باب الردة فيه ، أو باب حكم المرتد فيه مسائل كثيرة ، فيها يخرج المرء من الدين ، ويكون مرتدا بذلك ، فكل مسألة حكم العلماء فيها على أنها من أسباب الردة ، أو بها يرتد المسلم ، فإنه بعد اكتمال الشروط ، وانتفاء الموانع يحل دمه ، يعني: يحل دم المرتد ، وكذلك المفارق للجماعة بالأبدان يحل دمه لقوله -عليه الصلاة والسلام- : ( من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم فاقتلوه كائنا من كان ) .
فدل هذا على أن ترك الجماعة ، ومفارقة الجماعة يحصل بترك الدين ، بالردة عن الدين ، وبمفارقة الاجتماع على الإمام ، وهذا ظاهر بين في تعلية ترك الدين بمفارقة الجماعة ، ولهذا جعل أهل العلم في ترك الدين هذا كل المسائل التي يقتل بها .
إذا تقرر هذا فإن إحلال الدم هذا متوجه إلى الامام -إمام المسلمين- فإنه لا يجوز لأحد أن يستبيح دم أحد ؛ لأنه عنده قد أتى بشيء من هذه الثلاث . فإذا قال : أنا رأيت هذا يزني رأيته بعيني فاستبحت دمه لذلك فإنه يقتل ، ولا يجوز له ؛ لأن الله -جل وعلا- جعل ثبوت الزنا منوطا بشهادة أربع .
ولو شهد ثلاثة من أعظم المسلمين صلاحا على حصول الزنا ، وأنهم رأوا ذلك بأعينهم لَدُرِئَ الحدُّ ، ولأقيم على هؤلاء الصلحاء حد القذف ؛ لأنهم قذفوه ، ولم يكمل أربعة من الشهداء ، كما هو بين لكم في أوائل سورة النور .
كذلك من قال : هذا ارتد عن دينه فأنا أقيم عليه الحد وأقتله ، وأبيح دمه لأجل هذا الحديث فإن هذا افتئات وتعد ، ولا يباح له أن يفعل ذلك ، ودمه لا يحل لكل أحد .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }