شكرا للموقع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحوا لي أولا أن أتوجه بالشكر لكل العاملين بالموقع وكذلك رواده الكرام وأخص بالشكر الأختmuslima04 وحقيقة الأمر أنا لا أستحق كل هذا
وأعتذر عن التأخير لإعداد كتيب بعنوان أنين المذنبين وفور طباعته إن شاء الله سوف أنشره على هذا الموقع
محبة الله لعباده
بعد أن خلق الله الخلق واختصهم بالتكليف، أرسل إلى الإنس والجن رسلا مبشرين بالجنة ونعيمها ،ومنذرين من النار وجحيمها .يدعون الناس إلى عبادة الله الواحد الأحد التي يجب أن تقوم على الحب المتبادل بين الله وعبيده، والحب على ثلاثة أقسام : إلهي وروحاني وطبيعي , فحب الله العبد حب إلهي , وحب جبريل والملائكة لله حب روحاني , وحب العباد له حب طبيعي،
محبة الله للعبد
اعلموا-أكرمكم الله بحبه- أن الله لم يخلق هذا الخلق إلا حبا لعباده، فالله وهو الخالق والمتفرد بصفات الجمال والجلال والكمال ليس في احتياج لنا ،و إنما خلقنا ليسبغ علينا نعمه، ويعمنا بفضله ،والدليل على ذلك :أن الله خلقنا و أوجدنا من عدم ،وهل العدم ينفع أو يضر؟ كما قال تعالي" قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شيئا" مريم 9 أي كما خلقك الله تعالى من العدم ولم تكُ شيئاً موجودا ،ًوكذلك قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون ِمَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ) الذاريات 56
ويظهر حب الله سبحانه وتعالي على الإنسان في جميع مراحل تطوره من خلق الله له حتى دخوله الجنة.
ومحبة الله لعباده تنقسم إلى قسمين :محبة مطلقة ومحبة خاصة
أولا- محبة الله المطلقة لعباده
1- خلق الإنسان بيده
لقد كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان عندما خلقه من غير واسطة، وأنه خلقه بيده كما قال تعالى "قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ العالين". ص : 75
وهنا نتساءل لو أنك صنعت شيئا بيدك ألا تحب ذلك الشيء ،ولو أنك أعددت طعاما بنفسك ألا تحب أن تأكله ،ولو لم يكن شهيا ، كما كان نبي الله داوود يحب أن يأكل من عمل يده ، كما في الحديث الذي رواه البخاري (عن أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ دَاوُدَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) صحيح كتاب : البيوع باب : كسب الرجل وعمله بيده
ولله دائما المثل الأعلى وهو الذي خلقنا من عدم بيده ،ألا يكون ذلك دليلا على حب الله لنا، ولو أنصفنا نسميه إحسانا إلينا، فنحن نذنب وهو يغفر ويستر، ولكن أصبحنا نحتاج إلى أدله لنثبت محبة الله لنا، مع أنها واضحة وضوح الشمس .
والله قدم لنا محبته وتركنا نختار، فإذا اخترنا محبته كنا من عباده المؤمنين، أعزنا بالقرب منه ،و أغنانا عمن سواه، ولكن إذا تركنا محبته سبحانه لغيره أذلنا لأننا طلبنا العزة من غيره ،وإن ذلنا الآن بين الأمم والشعوب يرجع إلى أننا قصرنا في حق الله، وأننا لم نذل إليه ، فأذلنا غيره ، فهو القائل سبحانه: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ )المنافقون :8
فالله عندما خلقنا لم يفرق بين مؤمن ومشرك، و إنما أثبت خلقه لكل الموجودات، فبذلك يكون التكريم والإحسان للإنسان عموما ،فمن قبل محبة الله أصبح مؤمنا ،ومن رفض محبة الله أصبح كافرا كما قال تعالى: "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "التغابن :2
2- الله صور الإنسان في أحسن صوره
إن الله خلق الإنسان في أحسن صوره من حيث اعتداله واستوائه ،فلم يخلقه منكبا كالحيوانات ،ولم يخلقه من ذوات الأربع بدليل أن الإنسان لا يقبل أن يكون علي هيئة الحيوان فالله خلقنا في أحسن تقويم كما قال تعالى : "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ " التين :4
3-نفخ الروح في الإنسان
بعد أن خلقنا الله وسوانا من طين ،نفخ فينا من روحه سبحانه وتعالى والنفخ: هو إجراء الريح في الشيء، وهذا دليل آخر من التكريم والحب، لأن إضافة روح في هذه الآية إضافة إلى نفسه تشريفاً وتكريماً ،وهل التكريم والتشريف الا حبا كما في قوله تعالى:"فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ "الحجر :29
4- سجود الملائكة لآدم
حيث أمر الله سبحانه وتعالى الملائكة أن تسجد لآدم ،وهو سجود تحية وتكريم لا سجود عبادة. -ولله أن يفضل من يريد - فسجدوا إلا إبليس اللعين الذي أبى أن يسجد لأبينا آدم عليه السلام كما قال تعالى:"وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ "البقرة :34
5- العقــل :
إن الله سبحانه وتعالى وهب الإنسان عقلا يستطيع به أن يدرك الأشياء، ويختار من بدائلها ،وبالعقل يعرف الإنسان ربه عز وجل ،وفضله عليه ،فيؤمن به ويعبده ،ولقد كرم الله الإنسان بالعقل عن سائر مخلوقاته كما قال تعالى :"وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا "الاسراء : 70
6- التسخير
حيث سخر الله كل شئ في الكون لخدمة الإنسان من جماد ونبات وحيوان ،ومن هذه الأشياء تتحقق لنا الاستفادة في البر والبحر والجو ،وفي أمور حياتنا كلها كما في قوله تعالى:"وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " الجاثية : 13أي تفضلاً وتكرماً وإحسانا
7- الرزق
حيث أن الله عز وجل يرزق بني آدم كلهم مؤمنهم وكافرهم، وكذلك جميع خلقه ،فلا رازق غيره فمن سواه يرزقنا ان لم يرزقنا هوسبحانه وتعالى كما في قوله تعالى: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها..الآيةْ)هود:6 وقوله تعالى: (أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ ونفور) الملك:21 إذ أنه لا رازق إلا الله ،ولا واهب إلا الله ،ولا رحيم إلا الله سبحانه وتعالى عما يشركون.
و الآن نتساءل أبعد كل هذا التكريم والإحسان من الله تعالى نرفض حبه وعبادته، ألا نعود إلي رشدنا وعقلنا الذي كرمنا الله به ،وننظر في الدعوة التي دعانا الله بها إلى محبته
محبة الله الخاصة
و إنا لنتساءل أيضا إذا كانت كل هذه المحبة المطلقة من الله،فكيف بمحبة الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين والصالحين ،الذين لا يعصون الله ما أمرهم ،و إذا تحدثنا في أمر هذه المحبة فحدث ولا حرج نقول وبالله التوفيق .
إن الله ما خلق هذه الدنيا إلا ليسبغ نعمه على المؤمنين من عباده ،و الحب بين الله و عباده المؤمنين حب متبادل، و يقول سبحانه في هذا: ((فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ))المائدة:54 فحين يحبون الله يرد سبحانه على تحية الحب بحب زائد، و هم يردون على تحية الحب منه سبحانه بحب زائد، و هكذا تتوالى زيادات و زيادات، حتى نصل إلى قمة الحب. ولكن فيوضات الله على عباده المؤمنين لا تنتهي أبدا، ولو نظرنا في الآية نجد أن الله قدم محبته أولا ثم تبعها بمحبة العباد له، مما يدل على أن محبة الله لعباده إحسانا منه لا ينتهي ولن ينته.
ويمكن أن نقسم حب الله لعباده المؤمنين إلى قسمين
* محبة الله لعباده المؤمنين في الدنيـا
* محبة الله لعباده المؤمنين في الآخرة
ولنا لقاء إن شاء الله
__________________
نبيل عطوه
مصر الاسلامية
|