عرض مشاركة مفردة
  #85  
قديم 25-08-2004, 06:25 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

قال -عليه الصلاة والسلام- هنا : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) يعني أن حفظ اللسان من الفضول بقول الخير ، أو بالصمت إن لم تجد خيرا أن هذا من علامات الإيمان بالله واليوم الآخر ؛ لأن أشد شيء على الإنسان أن يحفظه لسانه ، لهذا جاء في حديث معاذ المعروف أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له -عليه الصلاة والسلام- : ( وكف عليك هذا ) فاستعجب معاذ ( فقال : يا رسول الله أوإنا مؤاخذون بما نقول ؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على مناخرهم -أو قال : على وجوههم- إلا حصائد ألسنتهم ) فدل على أن اللسان خطير تحركه ، إذا لم يكن تحركه في خير فإنه عليك لا لك .

والتوسع في الكلام المباح قد يؤدي إلى الاستئناس بكلام مكروه أو كلام محرم كما هو مجرب في الوقع ، فإن الذين توسعوا في الكلام ، وأكثروا منه في غير الثلاثة المذكورة في الآية جرهم ذلك إلى أن يدخلوا في أمور محرمة من غيبة أو نميمة أو بهتان أو مداهنة ، أو ما أشبه ذلك مما لا يحل .

فإذن الإيمان بالله واليوم الآخر يحض على حفظ اللسان ، وفي حفظ اللسان الإشارة لحفظ جميع الجوارح الأُخر ؛ لأن حفظ اللسان أشد ذلك ، وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال : ( من ضمن لي ما بين لَحيَيْهِ وما بين فخذيه ضمنت له الجنة ) .

ثم قال -عليه الصلاة والسلام- ( ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ) وإكرام الجار يعني : أن يكون معه على صفة الكرم ، والكرم هو : اشتمال الصفات المحمودة التي يحسن اجتماعها في الشيء فيقال : هذا كريم ؛ لأنه ذو صفات محمودة ، وفي أسماء الله -جل وعلا- الكريم ، والكريم في أسماء الله -جل وعلا- هو : الذي تفرد بصفات الكمال ، والأسماء الحسنى فاجتمع له -جل وعلا- الحسن الأعظم في الأسماء ، والعلو في الصفات ، والحكمة في الأفعال .

فالكريم : من فاق -يعني في اللغة- من فاق جنسه في صفات الكمال. فالإكرام هو : أن تسعى في تحقق صفات الكمال ، أو في تحقيقها ، فإكرام الجار : أن تسعى في تحقيق صفات الكمال التي تتطلبها المجاورة .
وإكرام الضيف : أن تسعى في تحقيق صفات الكمال التي تتطلبها الضيافة.
وقوله : "فليكرم جاره" على هذا ، يدخل فيه إكرام الجار بالألفاظ الحسنة ، إكرام الجار بحفظ الجار في أهله ، حفظ الجار في عرضه ، في الاطلاع على مسكنه .
ويدخل في هذا حفظ الجار في أداء الحقوق العامة له ، في الجدار الذي بينهما ، أو النوافذ التي تطل على الجار ، أو في موقف السيارات -مثلا- أو في غذاء الأطفال ، أو ما أشبه ذلك ، فيدخل هذا جميعا في إكرام الجار ، ويدخل فيه -أيضا- أن يكرم الجار في المطعم والملبس ، وأشباه ذلك يعني أنه إذا كان عنده طعام فإنه يطعم جاره منه .

وقد كان -عليه الصلاة والسلام- ربما طها في بيته بعض اللحم فقال : ( أرسلوا لجارنا اليهودي من مرقة هذا اللحم ) وهذا في حق الجار الكافر ، ولهذا رأى طائفة من أهل العلم كأحمد في رواية ، وكغيره أن إكرام الجار في هذا الحديث عام يدخل فيه إكرام الجار المسلم ، وإكرام الجار الكافر .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }