إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه
كان اسلام عمر بن الخطاب أن اخته فاطمة بنت الخطاب وكانت عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وكانت قد اسلمت وأسلم بعلها سعيد بن زيد وهما مستخفيان بإسلامهما من عمر وكان نعيم بن عبدالله النحام من مكة رجل من قومه من بني عدي بن كعب قد أسلم وكان أيضا يستخفي بإسلامه فرقا من قومه وكان خباب بن الأرت يختلف الى فاطمة بنت الخطاب يقرئها القرآن
فخرج عمر يوما متوشحا سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطا من اصحابه قد ذكروا له أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا وهم قريب من أربعين ما بين رجال ونساء
ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه حمزة بن عبد المطلب وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق وعلي بن أبي طالب في رجال من المسلمين رضي الله عنهم ممن كان أقام من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ولم يخرج فيمن خرج الى أرض الحبشة
فلقيه نعيم بن عبدالله فقال له أين تريد يا عمر فقال اريد محمدا هذا الصابئ والذي فرق أمر قريش وسفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتها فأقتله ..
فقال له نعيم والله لقد غرتك نفسك من نفسك يا عمر أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا أفلا ترجع الى أهل بيتك فتقيم امرهم
قال وأي أهل بيتي قال ختنك وابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو وأختك فاطمة بنت الخطاب فقد والله أسلما وتابعا محمدا على دينه فعليك بهما
قال فرجع عمر عامدا الى أخته وختنه وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة فيها طه يقرئهما إياها فلما سمعوا حس عمر تغيب خباب في مخدع لهم أو في بعض البيت واخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها
وقد سمع عمر حين دنا الى البيت قراءة خباب عليهما فلما دخل قال ما هذه الهينمة التي سمعت ؟؟، قالا له ما سمعت شيئا
قال بلى والله لقد أخبرت أنكما تابعتما محمدا على دينه وبطش بختنه سعيد بن زيد فقامت إليه أخته فاطمة بنت الخطاب لتكفه عن زوجها فضربها فشجها
فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه نعم لقد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله فاصنع ما بدا لك فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع فارعوى ، وقال لأخته أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرءون آنفا أنظر ما هذا الذي جاء به محمد
وكان عمر كاتبا فلما قال ذلك قالت له أخته إنا نخشاك عليها
قال لا تخافي وحلف لها بآلهته ليردنها إذا قرأها إليها فلما قال ذلك طمعت في إسلامه
فقالت له يا أخي إنك نجس على شركك وإنه لا يمسها إلا الطاهر
فقام عمر فاغتسل فأعطته الصحيفة وفيها ( طه ) فقرأها فلما قرأ منها صدرا قال ما أحسن هذا الكلام وأكرمه
فلما سمع ذلك خباب خرج عليه ، فقال له يا عمر والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه فإني سمعته أمس وهو يقول ( اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطاب ) فالله الله يا عمر
فقال له عند ذلك عمر فدلني يا خباب على محمد حتى آتيه فأسلم فقال له خباب هو في بيت عند الصفا معه فيه نفر من أصحابه
فأخذ عمر سيفه فتوشحه ثم عمد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه فضرب عليهم الباب فلما سمعوا صوته قام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر من خلل الباب فرآه متوشحا السيف فرجع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع فقال يا رسول الله هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف ، فقال حمزة بن عبد المطلب فأذن لهى فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه له وإن كان يريد شرا قتلناه بسيفه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذن له
فإذن له الرجل ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة فأخذ حجزته أو بمجمع ردائه ثم جبذه به جبذة شديدة ، وقال ما جاء بك يا بن الخطاب فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة ، فقال عمر يا رسول الله جئتك لأومن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله
قال فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر قد أسلم
فتفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانهم وقد عزوا في أنفسهم حين اسلم عمر مع إسلام حمزة وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتصفون بهما من عدوهم
فهذا حديث الرواة من أهل المدينة عن إسلام عمر بن الخطاب حين أسلم
أما ما رواه عطاء ومجاهد عن إسلام عمر
أن إسلام عمر فيما تحدثوا به عنه أنه كان يقول كنت للإسلام مباعدا وكنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأسر بها وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بلاحزورة عند دور آل عمر بن عبد بن عمران المخزومي قال فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك قال فجئتهم فلم أجد فيه منهم أحدا فقلت لو اني جئت فلانا الخمار وكان بمكة يبيع الخمر لعلي أجد عنده خمرا فأشرب منها قال فخرجت فجئته فلم أجده قال فقلت فلو أني جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين قال فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل الكعبة بينه وبين الشام وكان مصلاه بين الركنين الركن الأسود والركن اليماني قال فقلت حين أتيته والله لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى اسمع ما يقول فقلت لئن دنوت منه أستمع منه لأروعنه فجئت من قبل الحجر فدخلت تحت ثيابها فجعلت أمشي رويدا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي يقرأ القرآن حتى قمت في قبلته مستقبله ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة قال فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام فلم ازل قائما في مكاني ذلك حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته ثم انصرف وكان إذا انصرف خرج على دار ابن ابي حسين وكانت طريقه حتى يجزع المسعى ثم يسلك بين دار عباس بن عبد المطلب وبين دار ابن أزهر بن عبد عوف الزهري ثم على دار الأخنس بن شريق حتى يدخل بيته وكان مسكنه صلى الله عليه وسلم في الدار الرقطاء التي كانت بيدي معاوية بن أبي سفيان قال عمر رضي الله عنه فتبعته حتى إذا دخل بين دار عباس ودار ابن أزهر أدركته فلما سمع رسول اله صلى الله عليه وسلم حسي عرفني فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أني إنما تبعته لأوذيه فنهمني ثم قال ما جاء بك يا بن الخطاب هذه الساعة قال قلت لأومن بالله وبرسلوه وبما جاء به من عندالله قال فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال قد هداك الله يا عمر ثم مسح صدري ودعا لي بالثبات ثم انصرفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته
.. يتبع ..