عرض مشاركة مفردة
  #12  
قديم 04-09-2004, 07:31 AM
ahmednou ahmednou غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
المشاركات: 477
إفتراضي الخطأ في حساب سعر العملة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد:

فلو أن شابا قد ولد في جزيرة بعيدة لا يتعامل أهلها المعاملات المالية إلا بالذهب فقط، ولا يعرفون أي شيء عن العملات الورقية ولا يعتبرونها قيمة مالية.. ثم سافر هذا الشاب إلى المملكة السعودية مثلا، وعاش فيها عشرين سنة ظل يجتهد ويجد ويتعب نفسه ويستغل جميع وقته وجهده لتحصيل الريالات، حتى استطاع تحصيل مائة مليون ريال..
ثم رجع إلى جزيرته وهو يتخيل أنه سوف يعيش أفضل حياة على الجزيرة بما معه من الريالات.. ولكنه عندما وصل أراد أن يشتري قصرا، فقيل له ماذا معك من ذهب، فقال معي ملايين الريالات سوف أشتري بها أفضل قصر في الجزيرة.. فقيل له إن كل ما معك لا يساوي شيئا عندنا، إننا لا نتعامل إلى بالذهب فقط.. فقال فأعطوني بيتا وخذوا ما معي، فقالوا أيضا: لا .. فقال فسأشتري به كوخا صغيرا حقيرا.. فقيل له: لا… فعاش في العراء… وأراد أن يشتري طعاما ليسد جوعته، فقال له صاحب المطعم كم معك من ذهب، فقال معي ملايين الريالات.. فقال صاحب المطعم: لا تساوي عندنا شيئا، لن أعطيك أي طعام.. وحاول أن يشتري رغيفا واحدا من الخبز كذلك، فلم يجد من يبيع له رغيفا واحدا.. فعاش في العراء والبرد والمطر والجوع والعري، فأراد أن يرجع ليغير ما معه من عملات إلى ذهب، فسأله صاحب المركب كم معه من ذهب، فقال: ليس معي أي ذهب، ولكن معي ملايين الريالات.. فقال له صاحب المركب كذلك: فلن تركب لأننا لا نتعامل إلا بالذهب فقط.. وهكذا عاش في الجوع والعطش والبرد حتى هلك…
فهذا، كل ما أخطأ فيه هو الخطأ في حساب سعر العملة…


الحياة التي نعيشها اليوم ليست هي الحياة الحقيقية، إنما هي معبر أو ترانزيت أو لجنة امتحان، أو فترة محددة مثل الغربة التي كان يعيشها صاحبنافي المثال السابق، أو فترة لتحصيل العملة المطلوبة للحياة الحقيقية وهي الحياة بعد الموت، أو الدار الآخرة…

والبعض أو قل جميعنا يخطئ نفس الخطأ الذي وقع فيه الشاب المذكور في المثال السابق، وهو الخطأ في حساب سعر العملة..
أي ينشغل بجمع مئات وآلاف وملايين الريالات واليورو والجنيهات [لا للدولارات لأنها في المقاطعة حتى تكف أمريكا عن حرب الإسلام وغزو بلاد الإسلام] … فإذا كان يوم القيامة، قيل: أين المتقون..؟؟ لم
يقل: أين أصحاب الملايين من الريالات؟؟ ولا أين من وصل إلى القمر والمريخ؟؟ ولا أين من اخترع أحدث الاختراعات؟؟

والعملة هنا هي الحسنات، والحسنات فقط، لا الجنيهات ولا الريالات والدينارات.. فمن معه هذه العملة استطاع أن يشتري في الجنة قصرا من ذهب، أو بيتا من فضة، أو خيمة من لؤلؤ.. على حسب ما معه من مقدار هذه العملة.. وأما من ليس معه هذه العملة، فيقول: أنا الذي عندي في البنك ملايين الجنيهات، فيقال له: هل معك من حسنات؟ فإذا قال: لا، يقال له: لا قيمة لك.. ويقول: أنا الذي وصلت إلى القمر، فيسأل: هل معك من حسنات؟ فإذا قال: لا، يقال له: العملة الوحيدة هنا هي الحسنات..
ويستوي في ذلك رئيس الشركة العالمية الذي من معه مائة مليون جنيه، مع صاحب محل الحلاقة الذي معه عشرة جنيهات، فكل ذلك يوم القيامة لا يساوي قيمة كلب ميت..

فحينئذ يتذكر كل واحد: لقد سمعت الأذان، ولكني انشغلت بجمع الدينارات والدراهم، عن الحسنات لأنني ظننت أن من معه جنيه يساوي جنيها، ومن معه عشرة جنيهات يساوي عشرة جنيهات، ومن معه نصف جنيه يساوي نصف جنيه.. ولكن اتضح لي الآن أن من معه حسنة يساوي حسنة، ومن معه عشرة حسنات يساوي عشرة حسنات، ومن معه ألف حسنة يساوي ألف حسنة.. ولم أذهب إلى المسجد لأنني نسيت أن العملة التي سوف أحتاجها لمعيشتي هي الحسنات التي أتحصل عليها من: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة.. وكنت أسخر ممن يفعل هذا وينشغل عن جمع الجنيهات والريالات والدراهم والدينارات.. ولطالما سمعت أن الصلاة هي الفلاح في كلمات الآذان: حي على الصلاة حي على الفلاح، فقد كنت أسمعها في اليوم والليلة عشر مرات، ولكني لم أصدق، أو نسيت، أو كنت كالسكران لا يسمع ولا يعقل ولا يريد أن يسمع ولا يريد أن يعقل…

لقد أخطأت في حساب سعر العملة التي سوف تكون في الحياة الحقيقية… {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}..
__________________
أبو سعيد