حديث نقض الصحيفة
إجتمع بنو هاشم وبنو المطلب في منزلهم الذي تعاقدت فيه قريش عليهم في الصحيفة التي كتبوها ثم إنه قام في نقض تلك الصحيفة التي تكاتبت فيها قريش على بني هاشم وبني المطلب نفر من قريش ولم يبل فيها أحد أحسن من بلاء هشام بن عمرو بن ربيعة وذلك أنه كان ابن اخي نضلى بن هاشم بن عبد مناف لأمه فكان هشام لبني هاشم واصلا وكان ذا شرف في قومه فكان يأتي بالبعير وبنو هاشم وبنو المطلب في الشعب ليلا قد أوقره طعاما حتى إذا أقبل به فم الشعب خلع خطامه من رأسه ثم ضرب على جنبه فيدخل الشعب عليهم ثم يأتي به قد أوقره بزا أو برا فيفعل به مثل ذلك
ثم إنه مشى الى زهير بن ابي أمية وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب فقال يا زهير أقد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء وأخوالك حيث قد علمت لا يباعون ولا يبتاع منهم ولا ينكحون ولا ينكح إليهم أما إني أحلف بالله أن لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام ثم دعوته الى مثل ما داعاك إليه منهم ما اجابك إليه أبدا قال ويحك يا هشام فماذا أصنع إنما أنا رجل واحد والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها حتى أنقضها
قال قد وجدت رجلا قال فمن هو قال انا قال له زهير أبغنا رجلا ثالثا
فذهب الى المطعم بن عدي فقال له يا مطعم أقد رضيت ان يهلك بطنان من بني عبد مناف وانت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه أما والله لئن امكنتموهم من هذه لتجدنهم إليها منكم سراعا قال ويحك فماذا أصنع إنما انا رجل واحد قال قد وجدت ثانيا قال من هو قال انا فقال أبغنا ثالثا قال قد فعلت قال من هو قال زهير بن ابي امية قال أبغنا رابعا
فذهب الى البخترى بن هشام فقال له نحوا مما قال للمطعم ابن عدي فقال وهل من احد يعين على هذا قال نعم قال من هو قال زهير بن أبي أمية والمطعم بن عدي وأنا معك قال أبغنا خامسا
فذهب الى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد فكلمه وذكر له قرابتهم وحقهم فقال له وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد قال نعم ثم سمى له القوم
فاتعدوا خطم الحجون ليلا بأعلى مكة فاجتمعوا هنالك فأجمعوا أمرهم وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها وقال زهير أنا أبدؤكم فأكون أول من يتكلم فلما أصبحوا غدوا الى أنديتهم وغدا زهير بن أبي أمية عليه حله فطاف بالبيت سبعا ثم أقبل على الناس فقال يا أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكه لا يباع ولا يبتاع منهم والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة
وكان أبو جهل في ناحية المسجد فقال كذبت والله ولا تشق قال زمعة بن الأسود أنت والله أكذب ما رضينا كتابها حيث كتبت قال أبو البختري صدق زمعة لا نرضى ما كتب فيها ولا نقر به قال المطعم بن عدي صدقتما وكذب من قال غير ذلك نبرأ الى الله منها ومما كتب فيها قال هشام بن عمرو نحوا من ذلك فقال ابو جهل هذا أمر قضي بليل تشوور فيه بغير هذا المكان وأبو طالب جالس في ناحية المسجد فقام المطعم الى الصحيفة ليشقها فوجد الأرضة قد أكلتها إلا باسمك اللهم - شلت يد من كتب الصحيفة - وكان كاتب الصحيفة منصور ابن عكرمة فشلت يده فيما يزعمون
وذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي طالب يا عم إن ربي الله قد سلط الأرضة على صحيفة قريش فلم تدع فيها اسما هو لله إلا اأثبتته فيها ونفت منه الظلم والقطيعة والبهتان فقال أربك اخبرك بهاذا قال نعم قال فوالله ما يدخل عليك أحد ثم خرج الى قريش فقال يا معشر قريش إن ابن اخي أخبرني بكذا وكذا فهلم صحيفتكم فإن كان كما قال ابن اخي فانتهوا عن قطيعتنا وانزلوا عما فيها وإن يكن كاذبا دفعت إليكم ابن أخي فقال القوم رضينا فتعاقدوا على ذلك ثم نظروا فإذا هي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فزادهم ذلك شرا فعند ذلك صنع الرهط من قريش في نقض الصحيفة ما صنعوا
.. يتبع ..