عرض مشاركة مفردة
  #18  
قديم 13-09-2004, 10:14 AM
ahmednou ahmednou غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
المشاركات: 477
إفتراضي خطأ تقييم في المعرفة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم..

يحكى أن رتبة كبيرة في الشرطة كان يركب سيارته مع بعض أصحابه ويلبس لبسا عاديا.. فأراد هو وصاحبه دخول الخلاء، فوجدا مخفرا للشرطة… فقال لصاحبه ادخل معي هنا للدخول في دورة مياه المخفر…
وعند الباب سألهما الشرطي: أين تذهبان؟؟ ممنوع الدخول هنا.. فرد الرتبة الكبيرة: سوف ندخل دورة المياه… فضحك الشرطي وسخر منهما وقال: هل فتحناها دورة مياه؟ هذا قسم للشرطة يا ناس، أما عندكما أي نظر، اذهبا فورا وإلا سلطت عليكما سلاحي، ممنوع الدخول، وأخذ يسخر ويضحك ويسب كيفما شاء، اذهبا أيها الكذا والكذا… ثم قال له الرتبة: أما تعلم من أنا؟؟؟ قال: ومن تكون؟ وزير الداخلية، وأخذ يضحك ويسخر… ولكن عندما أخرج له الرتبة كارنيه الشرطة، وتبين للشرطي أنه رتبة كبيرة، حينئذ اصفر وجه واخضر واحمر واسود ثم ازرق.. ووجل قلبه كما توجل قلوب المؤمنين لذكر الله، واقشعر جلده كما يقشعر جلد الذين يخشون ربهم عند سماع كلامه… وكاد يسقط على الأرض من الرعب… ثم قال لهما: أنا لم تربيني أمى التربية الصحيحة، أنا حمار، أنا سافل، أنا كذا وكذا… أرجو أن تسامحني، أرجو أن تعفو عني يا بيه…

والسؤال هنا: لماذا تغيرت معاملة الشرطي للرتبة على الرغم من أن كليهما لم يتغير في قوته ووظيفته…؟
والإجابة وهي النظرية التي أقصدها هنا: أن معاملة من تعامله تختلف على حسب معرفتك لقوته ومكانته…


وتطبيق هذه النظرية علينا.. ولله المثل الأعلى… عندما نسمع النداء للصلاة يختلف رد الفعل باختلاف معرفة البشر بربهم… فالبعض تراه يغلق جميع أعماله وينهي جميع مشاغله، ويلغي جميع مواعيده.. ويذهب إلى الصلاة بنشاط غير عادي فرح مسرور، لأنه سوف يلتقي بمن يعرف جيدا، إلى الملك الذي خلقه وخلق السماوات والأرض ورباه وأطعمه وسقاه وشفاه وهداه..
وآخر يستهتر ويستهزئ بالذين يذهبون للصلاة ويغلقون دكاكينهم وأعمالهم، ودنياهم الحقيرة التافهة، ويذهب إلى الصلاة ولكن وهو كسلان..

لماذا يختلف رد فعل البشر؟؟ لاختلاف معرفة البشر بمن يطلب منهم الحضور للقائه… فالأول علم أن من يناديه هو من بيده ملكوت كل شيء، خالق كل شيء، بكل شيء عليم، على كل شيء قدير، بيده ناصية كل دابة، وما من دابة إلا عليه رزقها، الذي خلقنا فهو يهدينا والذي هو يطعمنا ويسقينا والذي يميتنا ثم يحيينا والذي جعل الشفاء بالدواء أو بدون الدواء، بالصيدليات أو بدون صيدليات، فهو خالق كل شيء: الأطباء والصيادلة والصيدليات والأدوية… منجي إبراهيم من النار بلا ماء، مغرق فرعون بالماء الذي نجى به موسى عليه السلام.. لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.. من يملك الرزق والشفاء والهداية والقوة وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا وأنه هو أغنى وأقنى، بيده الغنى والسعادة والضحك والبكاء والموت والحياة..
والثاني: كالسكران الذي ظل يسخر من رئيسه وحاكمه وهو لا يدري أن ذلك قد يسبب له المشاكل والمتاعب.. وكلنا لا يسلم من ذلك..


وهكذا: الخطأ في المعرفة يؤدي إلى الخطأ في ترتيب الحياة والمعاملة..
__________________
أبو سعيد