الإرهاب من الإسلام ومن أنكر ذلك فقد كفر
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بيان للناس
( الإرهاب من الإسلام ومن أنكر ذلك فقد كفر )
االحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد :
فقد اهتز العالم من مشارقه إلى مغاربه إثر التفجيرات المدمرة التي أوقعت آلاف القتلى بأمريكا يوم الثلاثاء 11 سبتمبر 2001م ، وأصابت أمريكا بالإهانة والإذلال ومرغت سمعتها في التراب ، وأراد الأمريكيون غسل العار ، فلم يمض شهر على ذلك إلا وقد صبت أمريكا جام انتقامها على أفغانستان وذلك يوم الأحد 7أكتوبر 2001م ، متهمة إياها بإيواء المسئولين عن هذه الهجمات المدمرة على أمريكا بغير دليل قدمته إلى الآن .
وقد طيّرت وسائل الإعلام المختلفة تصريحات كثيرة لرجال السياسية والدين والإعلام والعامة حول هذه الأحداث فيها كثير من المغالطات الشرعية ، بل الضلالات والكفر المبين ، التي أخشى أن تصير ديناً مقبولاً لدى الناس إذا سُكِتَ عنها خاصة مع شيوع الجهل بالدين والركون إلى التقليد ، فلزم التنبيه عليها قياماً بما أوجبه الله تعالى على كل من أوتي من علم الدين شيئاً في قوله تعالى ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) [آل عمران ]. وقال تعالى ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ، إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ) [ البقرة] ، وعلى هذا كان الصحابة يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم أن يقولوا الحق ولا يخافون في الله لومة لائم .
وإنما جرى تبديل الديانات السابقة من اليهودية والنصرانية وتحريفها ، باختراع البدع والضلالات وسكوت الباقين عن إنكار المنكر ، فصارت تلك الضلالات هي الدين المبدل المتبع إلى يومنا هذا عند اليهود والنصارى ، كما قال تعالى ( قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قومٍ قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل ) [ المائدة ] ، والذين كانوا يعرفون الحق منهم هربوا بدينهم من بطش الجبابرة إلى الصوامع والأديرة حتى ماتوا ومات معهم الحق ، قال تعالى ( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله ) [ الحديد ] ، حتى أن عند بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على ظهر الأرض ممن يعرف الدين الحق إلا أفراد شذاذ معدودون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ) الحديث رواه مسلم ، ويدل عليه أيضاً حديث زيد بن عمرو بن نفيل في رحلة بحثه عن الدين الحق وحديثه بالبخاري ، ولكن هذا التبديل والتحريف لا ينتهي إليه دين الإسلام أبداً ، نعم قد ظهرت البدع والضلالات على مر قرون أمة الإسلام ولكن الله تعالى قيض من يرد عليها ويكشف زيفها ويظهر الحق ليبقى الدين الصحيح قائماً ميسوراً لمن يطلب الحق ، لتبقى حجة الله قائمة على خلقه إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد نبينا صلى ا لله عليه وسلم ، وقد قال تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر ] ، وفي حديث الطائفة ا لمنصورة المتواترة أنه لا تزال طائفة من الأمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم . وأدعو الله جل شأنه أن يجعلنا من القائمين ببيان شيء من الحق في هذا المقام ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
فأقول وبالله التوفيق من المغالطات والضلالات التي شاعت في الفترة السابقة :
أولاً : الإرهاب من الإسلام ومن أنكر ذلك فقد كفر :
وذلك لقوله تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) [ الأنفال ] ، فإرهاب الأعداء الكفار واجب شرعي بنص هذه الآية ومن أنكر ذلك فقد كفر لقوله تعالى ( وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون ) [ العنكبوت] ، والجحد هو الإنكار والتكذيب باللسان ، وقال تعالى ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذّب بالحق لما جاءه - أليس في جهنم مثوىً للكافرين ) [ العنكبوت] ، فمن قال أن الإسلام برئ من الإرهاب أو أراد التفريق بينهما فقد كفر ، فالإرهاب من الإسلام ، وبهذا تعلم أن الذين يقولون إنهم يريدون أن يحاربوا الإرهاب إنما هم يريدون محاربة الإسلام على الحقيقة ، وأن مكافحة الإرهاب تعني مكافحة الإسلام ، وإنما هم يلبسون الحقائق على الجهلة .
ثانياً : أمريكا دولة كافرة عدوة لله ولرسوله وللمؤمنين :
قال تعالى ( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ) [البينة]، وقال تعالى ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ...إلى قوله .. لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) ، ]المائدة ] وقال تعالى( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون ) [ التوبة ] ، وكُفر اليهود والنصارى ـ وهم أهل الكتاب ـ من المعلوم بالدين بالضرورة كما ذكره ابن تيمية وغيره ، ومن أنكر ذلك فقد كفر .
وقال تعالى( إن الكافرين كانوا لكم عدواً مبيناً ) [ النساء ] ، وما دامت أمريكا كافرة عدوة فإرهابها واجب ، فكيف وقد جمعت مع الكفر محاربة المسلمين وإيذائهم والتضييق عليهم ونهب ثروات بلادهم ومساعدة كل من يحارب المسلمين من اليهود والأتراك والحكام الكفرة وغيرهم .
إن أمريكا اليوم هي بلطجي العالم ، وهي أشبه شيء بقوم عاد الذين وصفهم الله بقوله ( وأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا ، أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو اشد منهم قوة ، وكانوا بآياتنا يجحدون )] فصلت[ ، إن أمريكا تتدخل في شئون شتى دول العالم بمختلف الذرائع ، مرة بدواعي حفظ السلام أو مكافحة الإرهاب أو بدوافع إنسانية ،وهي دواعي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب ، أي إنسانية عند هذه الدولة المجرمة الذي أصلها مجموعة من القراصنة والمغامرين الأوربيين الذين هاجروا إلى تلك القارة وأبادوا سكانها الأصليين من الهنود الحمر ثم جلبوا العبيد من أفريقيا ليزرعوا لهم تلك القارة حتى استرقوا نصف سكان أفريقيا السوداء ، فلما قضوا حاجتهم من هؤلاء العبيد أعادوا معظمهم إلى دولة ليبيريا التي أنشأوها لذلك بغرب أفريقيا حتى لا يشاركهم العبيد خيرات أمريكا ، أي إنسانية عند هذه الدولة المجرمة التي كانت وما زالت أول وآخر دولة تستخدم الأسلحة الذرية في الحرب إلى يومنا هذا في هيروشيما ونجازاكي ، أي إنسانية عند هذه الدولة المجرمة التي تعهد رئيسها الأسبق نيكسون بأن يعيد فيتنام إلى العصر الحجري أي إلى ما قبل الحضارة, وهل كانت أمريكا إنسانية عندما استخدمت قنابل اليورانيوم المشع ( الذي يزعمون أنه مستنفذ الإشعاع ) ضد العراقيين حتى أصيب أطفالهم بالتشوهات الخلقية العجيبة وارتفعت نسبة الإصابة بالسرطانات بين العراقيين .
وها هم يفعلون هذا اليوم في أفغانستان ، أي إنسانية عند هذه الدولة المجرمة التي هي الداعم الأساسي لليهود الذين يدمرون فلسطين وأهلها ويعيثون في الأرض فساداً ، وما زالت أمريكا إلى يومنا هذا تحمي إسرائيل من أي إدانة دولية باستخدام حق النقض ( الفيتو) في مجلس الأمن المزعوم بالأمم المتحدة .
وأي إنسانية عند هذه الدولة المجرمة التي تخطف المسلمين المجاهدين من شتى بلدان العالم وتسلمهم لبلادهم حيث يتم قتلهم أو سجنهم وقد حدث هذا في كرواتيا وألبانيا وأذربيجان وغيرها.
ثالثاً : خطأ القول بأن المدنيين أبرياء:
تقسيم الناس إلى مدني وعسكري تقسيم حديث مخترع ليس له أصل في شريعة المسلمين ، وأما التقسيم الشرعي فهو تقسيم الناس إلى :
- المقاتلة : وهم الرجال البالغون خمسة عشر عاماً فما فوق ، هؤلاء مقاتلون شرعاً وإن لم يباشروا القتال فعلاً .
- وغير المقاتلة : وهم الأطفال دون البلوغ والنساء والشيوخ الطاعنون في السن والمرضى أمراضا مزمنة تقعدهم عن القتال من الرجال البالغين كالأعمى والأعرج والأصم ونحوهم ، وكل من قاتل من هؤلاء بقوله أو بفعله فهو من المقاتلة .
وبهذا تعلم أن النساء في أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ونحوها من البلدان يعتبرن مقاتلات لأنهن يجرى تجنيدهن بجيوش هذه البلدان ، ومن لم تكن بالخدمة العسكرية فهي من الاحتياط ،
وهذا الذي ذكرته من أن غير المقاتلين إذا قاتلوا قُتلوا لا خلاف عليه بين الفقهاء وتجد تفصيلية بكتاب الجهاد من ( المغني ) لابن قدامة الحنبلي وغيره من كتب الفقه .
فليس صحيحاً أن المدنيين أبرياء ، بل معظم الرجال والنساء منهم مقاتلة شرعاً ، فكيف وقد أظهرت استطلاعات الرأي العام بعد تلك التفجيرات تأييد أغلبية الشعب الأمريكي لرئيسهم الصليبي جورج بوش الإبن للقيام بعمليات انتقامية ضد أفغانستان؟ ولم يقتصر ا لأمر على الشعب الأمريكي بل تعداه إلى غيره من الشعوب الصليبية في كندا وبريطانيا وغيرها .
أما الأبرياء فعلا فهُم الأطفال منهم ومن خالطهم من المسلمين لغرض شرعي مباح من تجارة أو نحوها ، فهؤلاء لا إثم في قتلهم وأمرهم يوم القيامة إلى علام الغيوب ، ودليل ذلك بالنسبة للأطفال فهو حديث الصعب بن جثامة الذي رواه البخاري أن الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الذين يُقتلون من ذراري الكفار ( أي أطفالهم ونسائهم ) في البيات ( وهو الهجوم على الكفار ليلاً حين يتعذر التمييز بينهم ) ، فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ( هم منهم ) ، ومعناه أن حكمهم كحكم أوليائهم في الكفر، وأنه لا إثم في قتلهم إذا تعذر التمييز بينهم ، وتفرع عن ذلك مسألة التترس ، وجواز قتل الترس الكافر غير المقاتل إذا احتمى به الكافر المقاتل ، وهو ما يسمونه في زماننا بالدروع البشرية.
وأما المسلم الذي يُقتل بين الكفار وهو معذور ، فيبعثه الله على قدر عمله يوم القيامة ، دلّ على ذلك حديث ابن عمر المتفق عليه ( إذا أنزل الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم بُعثوا على أعمالهم ) ، وحديث أم سلمة في الجيش الذي يغزو الكعبة فيخسف الله به ببيداء من الأرض وفيهم المكره ومن ليس منهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( يُخسف بأولهم وآخرهم ثم يُبعثون على نياتهم ) . الحديث متفق عليه ، ولابن تيمية كلام مفصل في هذا الحديث بفتوى التتار بالمجلد 28 من مجموع فتاويه ، وخلاصة المسألة أن اختلاط من لا يستحق القتل بمن يستحق القتل لا يمنع من قتل الجميع عند تعذر التمييز بينهم .
إذن ، فليس صحيحاً أن المدنيين أبرياء ، وماذا عن الأبرياء الذين دُفنوا بالآلاف في البوسنة ؟ ، وماذا عن الأبرياء في العراق وفلسطين والشيشان وأفغانستان وغيرها ؟! والإحصائيات تدل على أن أكثر من نصف اللاجئين في العالم اليوم/ هم من المسلمين ، أم أن الدم المسلم رخيص والدم الكافر غالي ؟! أم أن القتل والحزن قد كتب على المسلمين وحدهم ؟
__________________
إن هذه الكلمات ينبغي لها أن تخاطب القلوب قبل العقول .. والقلوب تنفر من مثل هذا الكلام .. إنما الدعوة بالحكمة ، والأمر أعظم من انتصار شخصي ونظرة قاصرة !! الأمر أمر دين الله عز وجل .. فيجب على من انبرى لمناصرة المجاهدين أن يجعل هذا نصب عينيه لكي لا يضر الجهاد من حيث لا يشعر .. ولا تكفي النية الخالصة المتجرّدة إن لم تكن وفق منهج رباني سليم ..
وفقنا الله وإياكم لكل خير ، وجعلنا وإياكم من جنده ، وألهمنا التوفيق والسداد.
كتبه
حسين بن محمود
29 ربيع الأول 1425 هـ
اخوكم
فــــــــــارس تـــــــــــرجّلَ
|