عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 20-09-2004, 06:29 PM
الهادئ الهادئ غير متصل
جهاد النفس الجهاد الأكبر
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2003
الإقامة: بلد الأزهر الشريف
المشاركات: 1,208
إفتراضي

الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، وهي فرقة من فرق حزب الغلاة:

1 - أصبحت الطرقات العامة غير آمنة بسبب الحواجز التي يقيمونها فجأة ومن غير سابق إنذار، ثم يدققون في هويات الركاب، فهذا يقتلونه لأنه من العسكريين،(18) وذاك يقتلونه لأنه من الشباب الذين لم ينصاعوا لأوامر كانت قد أصدرتها قيادة هذا الحزب، وربما لم يسمع الضحايا بها، أو ربما ظنوا أن ما يشاع عن هذه الجماعة غير صحيح، وهذا من قبيل حسن ظن المسلم بأخيه المسلم. وأخبرني من يعيش في ظل هذه المحنة أنهم إذا لم يجدوا من يستحق القتل(19) : تقدموا من الركاب مرة ثانية، وقالوا لهم: أليس بينكم من نتقرب إلى الله بقتله.

2 - يفجّرون قنابلهم في الأسواق التي يزدحم بها الناس بحجة قتل دورية من دوريات رجال الأمن، ولا يبالون بالضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ لأنهم سيحشرون على نياتهم [هكذا أفتى قادة الحزب، وهكذا فهموا بعض فتاوى العلماء السابقين].

3 - لم يسلم الدعاة ولا الجماعات من جرائمهم، وإليكم ما كنت قد قلته قبل حوالي عام كامل: "لقد قتلوا أحد المسؤولين في جماعة إسلامية تخالفهم وتنقد أعمالهم، والقتيل رحمه الله من الذين يشهد الناس لهم بالخير والاستقامة، وقتلوا أيضاً مسؤولين في وزارة الشؤون الدينية، مع أنهم ليسوا من الذين يملكون حق إصدار القرارات في هذه الوزارة، كما قتلوا عدداً من أعضاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ"(20) .

كانت جرائمهم في أوساط الدعاة قليلة وتحتاج إلى تثبت، وكنا نتهم نظام "الجنرالات" عندما يبلغنا نبأ مقتل داعية، لأننا لم نعهد مثل هذا الاستهتار بدماء المؤمنين من قبل،(21) غير أن بيانات الغلاة كانت تضعنا أمام الحقيقة المرة، وكأن الذين يصدرون هذه البيانات حريصين على تبرئة الطغاة مما ينسب إليهم... وهكذا فقد توالت بيانات الغلاة التي تؤكد ولوغهم في دماء الدعاة.

4 - أصدرت الجماعة المسلحة بياناً بإهدار دم قيادة الإنقاذ في الخارج، وبدأوا تنفيذ مضمون هذا البيان بقتل عبد القادر صحراوي في فرنسا [وهو عضو في قيادة الخارج].

5 - أصدروا البيان رقم (40) تحت عنوان: (بيان في قتال جيش الإنقاذ)، وكان مما جاء فيه: "ولقد عزمت الجماعة الإسلامية المسلحة على أن تقاتل هذه الطائفة الضالة المضلة، وتعتقد أنه من جنس الجهاد في سبيل الله ونصرة دينه وتطهير منهاجه لأن هؤلاء قد اجتمع فيهم أمران: الدعوة إلى البدع في الدين، وتفريق جماعة المسلمين".

وجاء في البيان أيضاً: "فإن جيش الإنقاذ طائفة مبتدعة بدعة كفرية باتخاذهم الديمقراطية والانتخابات الشركية وسيلة لهم يدعون إليها".

قلت: ما أسموه بدعة كفرية ليس جديداً على جبهة الإنقاذ، فمنذ تأسيسها تحدثت عن المغالبة عن طريق الانتخابات النيابية، وكذلك فإن لقاءات قادة الإنقاذ مع المسؤولين الجزائريين وزعماء الأحزاب لم تبدأ في روما، فلماذا سكت الغلاة طوال هذه المدة، ثم جاءت هذه الفتوى التي تقطر إجراماً في: 13 شعبان 1416 هـ؟!، وهل هناك جهات اخترقت هذه الجماعة ودفعتها إلى هذا المنزلق الخطير [وهذا ما يؤكده كثير من المهتمين بالمسألة الجزائرية]:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود

لقد كان البيان رقم (40) منعطفاً مأساوياً في الساحة الجزائرية، وأصبحت مواقع الجيش الإسلامي للإنقاذ هدفاً لخناجر الغلاة، الذين كانوا لا يدخرون وسعاً في قتل كل من يستطيعون الوصول إليه من أعضاء هذه الجماعة.

6 - قاد أمير حزب الغلاة الجزائري [زيتوني]، انقلاباً دموياً داخل حزبه، انتهى في إبعاد خصومه [الجماعة الإسلامية - الجزأرة] عن جميع مراكز القيادة بعد أن أوقع فيهم مذبحة يعجز خيال الأديب العبقري عن وصف بشاعتها، وانحطاط أخلاق الذين نفذّوها، ولا أظن أن مفردات الكلمات العربية سوف تسعفه ليختار منها اللفظ الذي يليق بهؤلاء القتلة الذين لم يعرف العطف سبيلاً إلى قلوبهم.

قال مصدر مسؤول في هذا الحزب في صدد تبريره لعدم نشر هذا الخبر في وقته: "إن أمراء المناطق وعرفاء السرايا لم يكونوا على علم بذلك، وهذا يدخل في باب التورية واستخدام المعاريض التي يجوز للأمير استعمالها سياسة، وقد أتت ثمارها... وهذه الطريقة لمعالجة الأمر كانت راجعة للظروف التي كانوا يعيشونها".

وأنكر هذا المصدر المسؤول "الادعاء الذي يردده المرجفون [أي قتل 46 من أفراد تنظيم جماعة السعيد نياماً]، وأضاف قائلاً: إن هذا من الكذب المحض، ولو فعلنا ذلك لقلناه، وأننا لا نقوم بعمل حتى نعرضه على الكتاب والسنة، ولا نقول إلا ما يرضي المولى عز وجل".

أرأيتم استهتار الغلاة ووقاحتهم؟‍‍!.

إن قتل هؤلاء الدعاة عمل يتقربون به إلى الله، فكل فعل من أفعالهم يعرضونه على الكتاب والسنة، ولا شيء عندهم من غير دليل شرعي، ولكي يتصور قارىء هذه الأسطر هول هذه المجزرة لابد وأن يعلم أنهم يقتلون خصومهم ذبحاً بالسكين رغم توفر الأسلحة النارية، وأن عدد هذه الوجبة وحدها ست وأربعون، ونحن نصدقهم في قولهم: إنهم لم يكونوا نياماً، وكيف ينام من يحاكمه مثل هذا الأمير وأعوانه... سبحان الذي خلق البشر، وأودع في بعضهم قلوباً أقسى من الحجارة.

إنني طالما تصورت هؤلاء الضحايا وهم مكتوفي الأيدي، وكل يرى كيف يذبح إخوانه، وكل يبصر الدماء وهي تتدفق من أجساد هؤلاء الدعاة، وكل ينتظر حتى يصل السفاح إلى عنقه.

لا أدري ماذا يفعل هؤلاء الغلاة بالمسلمين لو حكموا الجزائر، وكم مصنعاً عملاقاً سيفتحون لصناعة السكاكين والخناجر والسيوف... ومن ذا الذي سوف يسلم منهم؟!.

7 - في بيانهم الذي أسموه: (الصواعق الحارقة في بيان حكم الجزأرة المارقة) الصادر في: 15/8/1416 هـ اعترفوا أن الدكتور عبد الوهاب لعمارة تبرأ من جماعته السابقة [الجماعة الإسلامية - الجزأرة]، وقدم لهم أهم ما زعموه أدلة قد اعتمدوا عليها في الأخاديد التي حفروها لقيادة هذه الجماعة، واعترفوا أيضاً بصحة توبته... رغم ذلك كله فقد ذبحوه!!.

[ولا تنسوا أن الدليل الشرعي دائماً معهم، وعملهم كله صحيح، ولا مجال فيه لأي اجتهاد مخالف]... لكنهم من شدة ورعهم (!!) يعتذرون لأنهم اضطروا خلال التحقيق معه إلى تصويره في شريط "فيديو"، والتصوير حرام، وإليكم ما قالوه بالحرف الواحد:

"... ولقد سجلنا معه شريطاً سمعياً وبصرياً، وإننا نعتقد حرمة التصوير بكل أنواعه، وعدم جواز استعماله للأدلة الصحيحة المستفيضة في ذلك منها قوله صلى الله عليه وسلم: [إن الذين يصنعون هذه الصور يأتون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم] متفق عليه عن عبد الله بن عمر، ولقد بيّنا في الشريط الأسباب التي اضطرتنا إلى ذلك، نسأل الله عز وجل أن يتوب علينا ويتجاوز عنا إن أخطأنا في اجتهادنا، إنه هو الغفور الرحيم".

قلت: قتل التائب الذي يترحمون عليه، ويعتبرونه من إخوانهم غير خاضع للاجتهاد، لأنه لا اجتهاد مع النص، أما التصوير فهو المشكلة الكبيرة التي تستحق التوبة والاستغفار إن كانوا قد أخطأوا في اجتهادهم... وهذا الذي فعله الخوارج من قبل:

قال ابن كثير: "إن الخوارج قد عاثوا في الأرض فساداً، وسفكوا الدماء وقطعوا السبل واستحلوا المحارم، وكان من جملة من قتلوه عبد الله بن خباب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسروه وامرأته معه وهي حامل فقالوا: من أنت؟! قال: أنا عبد الله بن خباب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنكم قد روعتموني، فقالوا: لا بأس عليك، حدثنا ما سمعت من أبيك، فقال: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي) فاقتادوه بيده، فبينما هو يسير معهم إذ لقي بعضهم خنزيراً لبعض أهل الذمة، فضربه بعضهم فشق جلده، فقال له آخر: لم فعلت هذا وهو لذمي؟! فذهب إلى ذلك الذمي فاستحله وأرضاه، وبينما هو معهم إذ سقطت تمرة من نخلة فأخذها أحدهم فألقاها في فمه، فقال له آخر: بغير إذن ولا ثمن؟! فألقاها ذاك من فمه، ومع هذا قدموا عبد الله بن خباب وذبحوه، وجاؤوا إلى امرأته، فقالت: إني امرأة حبلى، ألا تتقون الله، فذبحوها وبقروا بطنها عن ولدها"(22).

إنهم خوارج هذا العصر، وإن تدثروا بدثار السلفية، فالعبرة بالأفعال، وليست بالأسماء.

8 - استمعت إلى محاكمة الدكتور عبد الوهاب لعمارة رحمه الله من خلال مشاهدتي لشريط الفيديو - السمعي والبصري - الذي أشاروا إليه آنفاً، وأول ما لفت نظري أنني رأيت رجلاً تبدو على محياه علامات الصلاح والتقوى - ولا أزكي على الله أحداً -، وكان يتوخى الدقة في كل كلمة يقولها.

الثاني: هذه فيما أظن المرة الأولى التي تحاكم جماعة إسلامية غير ممكنة داعية من الدعاة، ثم تقوم بتوزيع شريط المحاكمة على نطاق واسع غير مبالية بما سيقال عنهم وعن الإسلاميين بشكل عام.

الثالث: كان المتهم يقول ما تريده هذه الجماعة، ومن المفترض أنه قد سبق إعداد هذا الشريط محاولات كثيرة رافقها التعذيب بنوعيه الجسدي والنفسي، وهذا غير مستغرب لأن المتهم كان منهكاً مذعوراً خائفاً، ومن جهة أخرى فإن الذين يقتلون بالسكين لا يتورعون عن التعذيب.

الرابع: لم يظهر القاضي العتيد في الشريط، وكان يسأل ويعلق من خلف الستار، وإذا كان ذلك بسبب الصورة فلا أقل من أن يذكر اسمه.

الخامس: لم أجد فيما قاله الأخ رحمه الله ما يدعو إلى ضربه باليد أو بالعصا فضلاً عن قتله بالسكين.

السادس: طوال فترة مشاهدتي للشريط كنت وبقية الإخوة الذين رأوا وسمعوا هذا المشهد المحزن نتساءل: في أي مكان من جسده غرزوا سكاكينهم وأسكتوا هذا الصوت الخير؟!.

وماذا كان يضيرهم وهم الذين شهدوا له بالصدق لو أبقوه سجيناً أو كلفوه بمعالجة مرضاهم؟! الويل لهم من مشهد يوم عظيم!!.

قال صلى الله عليه وسلم: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم"(23) .

وعن ابن عمر قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع قال: "يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله".

قال ونظر ابن عمر يوماً إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك"(24)


--------------------------------------------------------------------------