عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 26-09-2004, 07:10 AM
ahmednou ahmednou غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
المشاركات: 477
إفتراضي

الأخ الفاضل صديق:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هذا الموضوع ليس من الموضوعات السهلة، وفتحه يجب أن يكون كاملا شاملا.. أي إن هذا الموضوع تاريخي، فيجب أولا أن تعيش التاريخ الذي كانت فيه الرق والسبي… ولن تستطيع أن تفهم أي شيء إذا لم تحذف من فكرك جميع الأفكار الحديثة التي لم تكن موجودة من قبل في العالم..
والإشكال الثاني: أنه كان يتعلق بجوانب من الحياة اقتصادية واجتماعية وسياسية. فيجب فتح الموضوع في جميع جوانبه، أي التغيرات
الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بإلغاء الرق والرقيق..

ويجب أن نعلم جميعا أن العالم كله والنظام العالمي كان يسير بالاعتراف بالرق والرقيق، في جميع البلاد، حتى قيام الثورة الفرنسية وظهرت أفكار الحرية التي منها الصالح والطالح والمناسب والفاسد.. ثم بدأت أمريكا وإنجلترا بتطبيق حركة تحرير الرقيق في القرن الثالث عشر الهجري أي منذ حوالي مائتي عام.. وابتدأت في أمريكا نفسها..
وعلى كل هذا فإنه يجب تعديل السؤال أولا قبل الإجابة عليه ليكون شاملا وكاملا…

فيكون السؤال كالآتي:
لماذا لم يحرم الله عز وجل الرق والرقيق لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن…؟؟ ولماذا لم يحرم الرق والرقيق أي نبي من الأنبياء، سواء من أنبياء بني إسرائيل، أو عيسى عليه السلام أو نبينا صلى الله عليه وسلم..؟
ولماذا لم تحرم اليهودية ولا النصرانية ولا الإسلام الرق والرقيق، وفي الكتاب المقدس نصوص واضحة تعترف بالرق والرقيق.. ؟

ولماذا لم يحرم ويجرم جميع المفكرين والفلاسفة في جميع العصور السابقة للثورة الفرنسية الرق والرقيق؟ أقصد مفكري الإغريق ومفكري وفلاسفة الدولة الرومانية القديمة مثل أرسطو وغيره، ومفكري وفلاسفة النصرانية، وجميع آباء الكنيسة قبل بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم وبعدها.. وجميع المفكرين والفلاسفة النصارى في أوروبا في عصر النهضة مثل روسو وفولتير وغيرهم، وجميع وفلاسفة المسلمين مثل الغزالي وابن تيمية وغيرهما.. يعني جميع المفكرين والفلاسفة الوثنيين والنصارى والمسلمين واليهود….

فهذا هو التعديل الصحيح للسؤال حتى نبتدئ الإجابة الصحيحة عليه..

وأما ما هي الحكمة في عدم تحريم الله عز وجل للرق في جميع الشرائع السماوية؟؟ قد نعلمها أو لا، ولكننا نعتقد أن الله عز وجل هو العليم بعباده ومعايشهم، الحكيم في تشريعاته وتكاليفه لعباده..


وكما قلت سابقا أنه يجب أن نحذف من فكرنا الفكر الحديث بالنسبة لمسألة الرق والرقيق، حتى نستطيع أن نعيش العصر، فلن يستطيع أحد فهم التاريخ إلا إذا كان يعيش في العصر الذي يحاول فهمه، وأن يفكر كما كان يفكر الناس في ذلك العصر..

وسوف تصبح المسألة بعد ذلك منحصرة في الحكمة من وجود الرق والرقيق في العصور القديمة كلها وفي البلاد كلها.. وتنحصر كذلك في التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بعد حركة تغيير الرقيق.. وتنحصر كذلك في أسباب ومقاصد قيام أمريكا وإنجلترا بحركة تحرير الرقيق وتعميمها على جميع البلاد..

وعلى كل حال فأول ملاحظة وأول إجابة على هذه الأسئلة، سوف تكون مقارنة الرق والرقيق في الإسلام مع غيره..
فمثلا الطبقات الاجتماعية في أوروبا في القرون التي تسبق حركة تحرير الرقيق، كانت تنقسم إلى "سيد" و"قن".. و"القن" كان طبقة بين الرقيق والسيد، والقن كان يُعامل معاملة أسوأ من المعاملة التي كان المسلمون يعاملونها لمن ملكت أيمانهم.. وهذا القن لم يكن موجودا في أي دولة من الدول الإسلامية..

وأما الرقيق في أمريكا، فيكفي أن تقرأ أي كتاب عما فعله الأمريكان من مذابح وإرهاب وقتل في أفريقيا وأمريكا بين الأفارقة والهنود الحمر من أجل إقامة دولتهم.. بل إن بعض المؤرخين يذكر أن أمريكا وحدها قبل الثورة الفرنسية قد خطفت من أفريقيا حوالي عشر مليونا من البشر.. وبالطبع قتلت أمثالهم عشر مرات من أجل خطف هؤلاء، ثم كانوا يغيرون أسماءهم الإسلامية أو الأفريقية ويجبرونهم على التنصر بالتعذيب المرير.. وكانوا يفعلون ويفعلون..

أما في بلاد المسلمين فبشاهدة المستشرقين الذين كانوا يجوبون البلاد، كان الرقيق في أكثر الأحوال كالسيد في المعاملة.. وكما شرع نبينا صلى الله عليه وسلم والإسلام، بأن الرقيق يأكل مما تأكلون ويلبس مما تلبسون ولا يكلف إلا طاقته ويستحب إعانته كما في الحديث النبوي الشريف.. ولم يتوف النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد وصى بالرقيق في قوله:[وما ملكت أيمانكم] في وصيته الجامعة في خطبة الوداع..

قارن هذا كله بمعاملة الخدم الآن في أكثر البلدان الإسلامية وغيرها، هل يستطيع أحد أن يلبس مثلما يلبس خادمه، أو يأكل مثلما يأكل خادمه..
بل إن المعاملة التي فرضها الإسلام لمن يملك يمينه، أفضل بكثير من المعاملة التي يعاملها الآن أي صاحب شركة لعماله وموظفيه، بل أي مدير في الحكومة لمن تحته من البشر، بل أي سياسي مع بقية أفراد الشعب، وأي مسئول أو وزير مع من هو دونه في الدرجة، وأي ضابط مع من هو دونه في الرتبة..

وأكبر دليل على كلامي هذا هو دولة المماليك القديمة في مصر والشام ودولة المماليك في العراق.. يعني أن المملوك كان يمكن أن يترقى إلى أعلى المناصب السياسية بل يمكن أن يكون رئيسا لدولة…
أي مساواة مثل هذه في أي حضارة من الحضارات… ؟

فمن أكبر الأخطاء تعميم كلمة "الرقيق" في الإسلام وغير الإسلام، في بلاد المسلمين وغير بلاد المسلمين.. فالرقيق في الإسلام يختلف عما في فكرنا من "العبودية" ويختلف عما كان في أوروبا وأمريكا من الرقيق والعبودية..



فالإسلام قد وفر المساواة بين البشر جميعا رقيق وغيرهم..
بل جعل العبد أحيانا أفضل من السيد، كما قال تعالى:{ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم}.. {ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم}

وأما تحرير الرقيق فقد رغب فيه الإسلام بطريقة ليس لها مثيل في أي أمة من الأمم ولا شعب من الشعوب ولا حضارة من الحضارات السابقة، فجعل عتق الرقبة عتقا لمعتقها من النار، فيعتق الله عز وجل يده بيده ورأسه برأسه حتى فرجه بفرجه.. وجعل كفارة بعض المعاصي عتق رقبة، وجعل النجاة من العقبة يوم القيامة "فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة".. وربما كان هذا فيه إلغاء الرقيق ولكن بالتدريج لما فيه من مصالح اقتصادية واجتماعية..
كما ذكر البعض..

فالإسلام قد ألغى حقيقة الرق وأبقى اسمه فقط مع إبقاء ما يصلح للناس من جوانب اقتصادية واجتماعية.. وألغى جميع مساوئ الرق والعبودية..


وعلى كل حال فإن حركة إلغاء الرقيق لم تطبق على جميع البشر، أقصد أن شعارها كان عالميا ولكن حقيقتها لم تكن على الجميع..
فقد زعمت بعض الدول الكبرى القرن الماضي أنها قد حررت جميع العبيد وأنهت عصر الرقيق وعصر السبي….
ولكن ما تفعله أمريكا الآن في العراق من مجازر وتعذيب للمسجونين واغتصاب للمسجونات…وما يفعله اليهود في الفلسطينيين والفلسطينيات من ضرب بأحدث الصواريخ في شعب أعزل من السلاح، ومن هتك لعورات المسلمات وحرمات البيوت….وما تفعله روسيا منذ أكثر من مائة وأربعين سنة وإلى الآن في 13 ولاية إسلامية في آسيا الوسطى من تهجير المسلمين إلى سيبريا وتذبيح للرجال وخطف البنات والنساء وتشغيلهن في مراكز الدعارة….وما فعلته إنجلترا في مصر في عصر الاحتلال الإنجليزي…وما فعلته فرنسا في الجزائر من قتل أكثر من مليون ونصف جزائري…وما فعلته إيطاليا في ليبيا من تذبيح رجال القرى وأخذ نسائهن وبناتهن وفعل كل منكر فيهن….وما يفعله إلى الآن رجال الصرب في آلاف المسلمات الأسيرات في بيوت الصرب، وأخذ أولادهن إلى الكنائس وتنصيرهن….وما فعل في المسلمين في بلغاريا وأثيوبيا وكشمير وتركستان وغيرها…. يدل كل ذلك على أنه لم ينته عصر الرقيق والسبي بعد…

فبعد كل هذا سوف أطرح أنا سؤالا عليك: هل تعتقد أن أمريكا وإنجلترا قد أنهت عصر الرقيق في القرن الماضي بالفعل؟؟؟
أم إن هذه الحركة قد خرج منها المسلمون، أي إن جميع المسلمين في نظر الدول الكبرى سبي ورقيق، يفعلون بهم ما يشاءون من مذابح ومجازر واغتصابات وغيرها، بطريقة أسوأ بكثير من معاملة الناس للرقيق في العصور الماضية..

فقبل أن نفتح هذا الموضوع مرة أخرى، يجب أولا تحرير المسلمات من بيوت الصرب وتحرير أبناءهن المخطوفين من بيوت الصرب وكنائس أوروبا، وطرد اليهود فلسطين، وطرد الأمريكان وحلفاءهم من العراق وأفغانستان، وخروج الجيش الروسي من الولايات الإسلامية في آسيا.. فحينئذ تتحقق المساواة ولكن بعد تعويض ضحايا المسلمين في جميع ما ذكر..

فالإسلام هو دين المساواة، وغيره هو دين الظلم والبغي والفجور..

وأخرى سوف أذكرها لك، وهي أن الحرية التي نادت بها الثورة الفرنسية والأمريكية، كان فيها جميع الحريات بما في ذلك الحرية الجنسية، يعني أنه لا يجوز لرجل أن ينام مع زوجته وأمته فقط، وإنما مع أي امرأة في أي دين وفي أي بلد وإن كانت زوجة لغيره.. بل الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة..

فبعد ذكر هذه الجوانب المهمة في مسألة الرق والرقيق يمكن أن نبتدئ الحوار…
__________________
أبو سعيد