الحديث السادس عشر
لا تغضب
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( إن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني.
قال : لا تغضب. فردد مرارا قال : لا تغضب ) رواه البخاري .
هذا أيضا من أحاديث الآداب العظيمة حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل سأله ( أوصني. قال : لا تغضب ) والسؤال بالوصية حصل مرارا من عدد من الصحابة -رضوان الله عليهم- يسألون المصطفى صلى الله عليه وسلم فيقولون له : أوصنا ، أوصني واختلف جوابه -عليه الصلاة والسلام- فمرة قال مثل ما هنا : ( لا تغضب ) وقال لرجل ( قال له : أوصني .
قال : لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله ) وقال له رجل : أوصني.
فقال له كذا ، وتكرر هذا ، واختلفت الإجابة .
قال العلماء : اختلاف الإجابة يحمل على أحد تفسيرين
الأول : أنه -عليه الصلاة والسلام- نوّع الإجابة بحسب ما يعلمه عن السائل ، فالسائل الذي يحتاج إلى الذكر أرشده للذكر ، والذي يحتاج إلى أن لا يغضب أرشده إلى عدم الغضب.
والقول الثاني : أنه نوّع الإجابة لتتنوع خصال الخير في الوصايا للأمة .
لأن كل واحد سينقل ما أوصى به النبي -عليه الصلاة والسلام- فتتنوع الإجابة ، وكل من قال: أوصني محتاج لكل جواب.
لكن لم يكثر النبي -عليه الصلاة والسلام- الوصايا بأن ( قال : لا تغضب ) ( ولا يزال لسانك رطبا بذكر الله ) وكذا وكذا حتى لا تكثر عليه المسائل .
فإفادة من طلب الوصية بشيء واحد أدعى للاهتمام ، ولتطبيقه لتلك الوصية ، قال هنا : "أوصني" ، والوصية : الدلالة على الخير ، يعني: دلني على كلام تخصني به من الخير ، الذي هو خير لي في عاجل أمري وآجله.
( قال : لا تغضب ) وقوله هنا -عليه الصلاة والسلام- : ( لا تغضب ) دل على أن من طلب منه الوصية أن يجتهد في الوصية الجامعة ، وفيما يحتاجه الموصى ، وألا يتخلف عن الجواب ، وهذا يناسب أن يكون المعلم أو المربي أن يكون مستحضرا لوصايا النبي -عليه الصلاة والسلام- ولوصايا أهل العلم حتى يعطيها متى ما سنحت الحاجة في طلب الوصية ، وأشباه ذلك .
..يتبع ..