عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 01-12-2004, 07:39 PM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي درسوا الأديان الأخرى ، فهدوا إلى الإسلام !!! ( حلقة رقم 3 )

كل مفردات الشريعة ، وضعت للإنتفاع المتساوى بين أفراد المجتمع ، بدون تمييز بين مكان المولد ، الأعراق ، الجنس ، أو ولاء إجتماعى سابق . لا منافع خاصة حجزت لمؤسس المجتمع أو أحفاده . " مداخلة : لذلك قال الرسول عليه الصلاة والسلام ( نحن معشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة ) " . لا توجد طبقات عليا وطبقات دنيا فى المفهوم الإجتماعى ، ليست من مفردات القاموس الإسلامى ؛ ولا أثر لها فى الشريعة الغراء . كل الحقوق والواجبات والفرص ، موزعة بين أفراد المجتمع المؤمن بالتساوى .
لا يوجد كهنة بين الله والإنسان ، لأن الله يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم . لا ولاء ، إلا لله ورسوله ، وبأمر من الله للوالدين ، وللمجتمع المسلم المنوط بتحقيق مملكة الله على الأرض ؛ وبذلك فلا يجوز الذى يعلى كلمة " بلادى أو أمتى " ، ولتوضيح هذا المفهوم ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أكثر من مناسبة ، قال بوضوح : " ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية " .
كل المنظمات قبل الإسلام ... حتى الدينية أو شبه الدينية ... كانت تنهج المفهوم الضيق ، للعصبية القبلية والعشائرية . فمثلا الملوك المتألهين ، الفراعنة فى مصر ، لا يفكرون إلا فى أضيق الحدود التى يعيش فيها المصريون ؛ وحتى إله بنى إسرائيل فهو إله فقط للشعب المختار . بالعكس فالمفاهيم المستقاة من القرآن الكريم ترفض رفضا باتا التمسك بالعشيرة أو القبيلة . الإسلام افترض مجتمعا سياسيا بعيدا عن الإنقسامات العرقية والقبلية . وفى هذا المجال فإن الإسلام والنصرانية يتفقان فى الدعوة العالمية بعيدا عن القبلية ، وفى حين أن النصرانية قد حددت نفسها فى مفهوم " أعطى ما لقيصر لقيصر ، وما لله لله " ، إلا أن مفهوم الإسلام أوسع من ذلك ، فقد دعى كل الأمم أن يكون الولاء لله فقط . وبذلك ... لتحقيق ما لم تحققه النصرانية ... فقد أضاف الإسلام منظورا آخر فى تطوير الإنسان : دعى إلى مجتمع مفتوح عقائديا ، بالمقارنة مع المجتمعات المغلقة التى نشأت فى الماضى ، عرقيا ، وجغرافيا .
رسالة الإسلام أعطت تصورا ، ومنحت البشرية حضارة لا مكان فيها للقومية ، لا مصالح شخصية ، لا طبقية ، لا كنيسة ، لا كهنة ، لا طبقة نبلاء متوارثة ، فى الحقيقة ، لا شئ متوارث على الإطلاق . ومن أهم الميزات فى هذه الحضارة ... ميزة لم توجد فى أى تحركات للإنسان عبر التاريخ ... أنها نشأت عن قناعة وإتفاق تطوعى بين معتنقيها والله . هنا ، التقدم الإجتماعى ... مخالف عما حدث فى المجتماعات الأخرى ... لم يحدث نتيجة لضغوط ، ومقاومة لهذه الضغوط ، نتيجة للمصالح المتعارضة ، ولكن كجزء لا يتجزأ من تعليمات أصيلة . وبكلمات أخرى ، هناك عقد إجتماعى متأصل فى النفوس ، يسيطر على جذور الأعمال ... ليس نتيجة أوامر صاغها من بيدهم الأمر دفاعا عن مكتسباتهم ... بل حقيقة متأصل جذورها فى الحضارة الإسلامية . فقد ذكر القرآن الكريم " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ......... فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " .
عرفت ( من تتبعى لقراءة الحضارة الإسلامية ) ... أن هذا العقد الذى سجله التاريخ ... قد تحقق لفترة وجيزة جدا ، أو بالأحرى فخلال فترة وجيزة جدا كانت هناك محاولات جادة لتحقيقه . فيما أقل من قرن بعد موت النبى صلى الله عليه وسلم ، النظام النقى للإسلام بدأ فى الفساد السياسى ، ودفع فى القرون التالية إلى الخلف . ظهرت التطلعات العشائرية لإمتلاك القوة ، بديلا عن الرأى الحر للرجال والنساء ، الملكية الوراثية بديلا عن المفهوم السياسى فى الإسلام كنوع من الشرك فى المفهوم الإسلامى " مداخلة : أعتقد أنه يشير هنا إلى حديث ليس منا من دعى إلى عصبية " - ومع هذا أيضا ظهرت الدسائس والصراعات القبلية والظلم ، وإضمحلال الوازع الدينى ، والمهانة فى خدمة من بيده السلطة : باختصار حلت المصالح الشخصية التى عرفت فى التاريخ . ولوقت من الزمن ، حاول علماء ومفكرين عظام ، أن يعيدوا للإسلام رونقه ويذكروا الناس بمفاهيمه النقية ، ولكن جاء من بعدهم أقوام دأبوا على تقليد الأجيل السابقة ، وانتكسوا بعد قرنين أو ثلاثة قرون ، وتوقفوا عن التفكير لأنفسهم ... متانسين أن كل عصر يختلف عن سابقه ، وكل عصر له احتياجاته الخاصة التى تحتاج إلى التجديد . لقد كان الدفع الأصلى للإسلام فى بدايته عظيما ، ورفع الأمة الإسلامية إلى مستويات عالية من الثقافة والحضارة العظيمة ... حتى أن المؤرخين يسمون ذلك العصر الذى تحقق ، بالعصر الذهبى للإسلام ، من الناحية الأدبية ، والفنية ، والعلمية ، والثقافية ، ولكن بعد ذلك العصر بقرون بسيطة خمد الحافز الإيمانى الذى كان يغذى هذا التقدم ، وأصبحت الحضارة الإسلامية راكدة ، ومجردة من قوتها المبدعة .