الموهبة
الموهبة هي تلك النعمة التي يهبها الله لنا لكي تميز البعض منا عن الآخر في مهمة التكليف التي خصها الله لأحدنا وفضله بها على غيره لعلمه تعالى بان من يحملها ويلد بها إن هي إلا أمانة ودين يؤدها بالنيابة عن المجموع .
أنها بتبسيط شديد هي تلك المقدرة التي ولد بعضنا بها للإحساس بالكون والتفاعل معه والتأثير به بشكل يفضي إلى مسلمات وركائز وقوانين وشروط تحدد الإطار العام لأي من الإبداعات التي يصنعها الموهوب في مجال إبداعه.
فالأديب الموهوب يعي منذ أول إدراك له للعالم المحيط به حاجته لان يتأمل ويسمع ويتساءل ومن ثم يثرثر بوضوح ودون تكلف عما يجيش في داخله من مشاعر على أنواعها وألوانها حزنا كانت أم فرحا قبل أن يبدأ في تدوينها على ورق وتتبع ما يغنيها من ألفاظ وعبارات وحجة وخيال بمطالعة من سبقه في هذه الموهبة فيستمتع بما يسمع ويقرا ويمتع بما يقوله ويكتبه دون تكلف أو تمثيل أو تصنع أو إرهاق،.... انه بكل بساطة يمارس بموهبته تلك الفطرة الإلهية التي منحت له فهي لا تكلفه من نفسه أكثر من خفقة قلب أو استنشاق وزفير.
-----------------------
ظلال امرأة
من منا لم تكن أولى حروفه التي خطها على قصاصة من ورق أو مقعد أو جدار أو جزع شجرة ولم تكن موجهة ومخصصة لفتاة أو امرأة ؟
فرسم منذ أن كان طفلا مع أولى الحروف التي أتقنها مشاعره، ونقل بخطوطه المتعرجة البريئة تلك الكلمة الدافئة الحنونة -التي تعود لفظها وسماعها( ماما )- على صفحات دفتر لتستقر وقد أخذت لها شكلا خاصا بها تكون وسيلته للدلالة عليها ومخاطبتها والتقرب إليها.
وكطفل صغير لم يتقن خطواته بعد يدرك ثمن إتقانه وحفظه وتمرسه في كتابة تلك الحروف الجميلة المعبرة التي تستطيع أن تنقل مشاعره وأحاسيسه بصمت إلى الطرف الآخر دون أن يراه أو يسمعه احد.
فيعطي لتلك الكلمات التي جمعت حروفه القدسية التي تستحقها.
فخلف كل خطوة يتقنها هناك الكثير من المشقة، حتى لتبدو وكأن المسافة التي سيقطعها بين سماعه الكلمة الجميلة التي أحبها وبين إتقانه في كتابتها تشبه تلك المشقة التي حملته على تحمل أحجام الأشياء المهيبة التي تحيط به حتى عودتها إلى طبيعتها مع تقدمه وتصلب عوده.
ومن منا لم يتخذ مما يحيط بنا من نجوم وغيوم وأمطار،... وعصافير وطيور وأشجار،... وكثير من أنواع الفراشات والورود والزهور لنستدل بها عليها فنلبسها من خيالنا أثوابا فضفاضة مليئة بالأنس والألوان وكثير من السحر المشحون بالموسيقى التي تطفق بها قلوبنا فنعطي ومع كل خفقة منها اللحن الذي يليق بها، حبا كان أم كرها،... حزنا أم سعادة،...رهبة أو خوف أو انتصار.!
ومن منا لم تكن المرأة هذا المخلوق الرائع اصل أولى خواطر نخطها ويوميات نكتبها ووسيلتنا لمخاطبة الذات نعود إليها كلما شعرنا بحاجتنا إلى وجودنا قرب من نحب أما كانت أو أخت أو حبيبة أو زوجة أو ابنة، فنخاطبه بكلمات وسطور وفصول لا بداية ولا نهاية لها دون قيود أو شروط فنفرج عما يحتبس في قلوبنا وعقولنا من مشاعر تعجز ألسنتنا عن النطق بها، وتكون ها هنا حرة طليقة تصول وتجول على صفحات من ورق تضمها بحنان وتحرص على حمايتها وإيصال ما بها لمن نريد وفي أي وقت نريد.
فنعود إلي أحضانها الوديعة بعد كل عثرة أو إخفاق لنستمد منها العون والغفران والرضا، ونتلمس السبيل إلى صدرها نستدرك العطف والحنان والأمان بعد كل خوف يصيبنا، ونسترد من عباراتها المشحونة بالفرح بعد كل نجاح لنا ذلك الشعور المليء بنشوة الانتصار والفخر والذي لا يمكن لأي شيء آخر أن يحل مكانه أو يعوضه.
-----------------------
المبدع
المبدع الحقيقي هو من يخلق الفكرة ذاتها أو يكتشفها
وليس من ينقلها ليبني عليها. !
-----------------------
القدر
( الحذر لا يمنع القدر ) نصيحة كانت ترددها والدتي بقناعة وحمية وإيمان وكنت أجيبها وأنا لم أتجاوز العاشرة بعد ببراءة الواثق من نفسه:
لكن ألا تعتقدين بان الحذر ممكن أن يكون جزءا من القدر ؟
ومن يومها بدأت تعلم الآخرين بان الحذر هو من يصنع القدر، !
فتعلمت من الصغير وعلمت ولم تصر ولم تتعصب.
------------------------
تصحيح
وكنت اسمع منها: ( الاحترام للكبير ) ؟!
فأصحح لها: بعد أن يحنو على الصغير !
ولأنني إن أقنعتها فليس بمقدوري إقناع الآخرين بها، !
علمت أولادي: بان الاحترام والحب يؤخذ ولا يعطى
فلكي نحصل على احترام الآخرين صغيرا كان أم كبيرا فيجب علينا أن نكسبه، !
ولا نستطيع أن نكسبه إلا إذا كان حنوا على الصغير وصدقا مع الكبير.
-----------------
تصحيح آخر
وكنت اسمع من حولي ( أحبب لأخيك ما تحبه لنفسك ) ؟ !
فاستغرب من أن تقال بعد أن تجرد من جوهر المعنى الذي قيلت فيه
لتصبح حجة للاستيلاء عما نملك ؟
فكنت أجيب: بل أحبب لأخيك ما يحبه ويطلبه لنفسه !
فتتحول العبرة من مفاضلة لا خير لك فيها إلى فضل تستحق أجرا وحسنة من الله عليه.
|