قال ابن مسعود وغيره في رجل سأله عن التقوى فقال : ألم تمش على طريق فيه شوك ؟ فقال بلى . قال فما صنعت ؟ قال شمرت واتقيت ، قال فتلك التقوى" ، وهي مروية -أيضا- عن عمر رضي الله عنه ونظمها ابن المعتز الشاعر المعروف بقوله :
خــل الذنـوب صغيرهـا = وكبيرهــا ذاك التقـى
واصنـع كمـاشٍ فوق أرضِ = الشوك يحذر ما يرى
لا تحـــقرن صغـــيرة = إن الجبـال مـن الحصى
<******>doPoem(0)******>
وهذا بعامة يخاطب به أهل الإيمان ، فإذن تقوى الله -جل وعلا- أن تخاف من أثر معصية الله -جل وعلا- ، أن تخاف من الله -جل وعلا- فيما تأتي ، وفيما تذر ، وهي في كل مقام بحسبه .
التقوى في كل مقام بحسبه ، ففي وقت الصلاة هنا تخاطب بالتقوى ، وفي وقت الزكاة تخاطب بالتقوى ، في هذا المقام ، وفي وقت الإتيان بسنة تخاطب بالتقوى ، وفي وقت المخاطبة بواجب تخاطب بالتقوى ، وفي وقت أن يعرض عليك مُحرَّم من النساء أو المال ، أو الخمور ، أو ما أشبه ذلك من الأنواع ، أو محرمات اللسان ، أو أفعال القلوب من العجب والكبر ، أو الازدراء وسوء الظن ، إلى آخره ، في كل مقام يأتيك هناك تقوى تخصه .
فإذن تتعلق التقوى بالأزمنة وبالأمكنة ؛ ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام- : ( اتق الله حيثما كنت ) ؛ لأنه ما من مكان تكون فيه أو زمان تكون فيه إلا وثم أمر أو نهي من الله -جل وعلا- يتوجه للعبد.
والوصية بالتقوى هي أعظم الوصايا ، ( وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً {131}سورة النساء ، وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- كثيرا ما يوصي بعضهم بعضا بتقوى الله ، فهم يعلمون معنى هذه الوصية العظيمة .
قال -عليه الصلاة والسلام- : ( وأتبع السيئة الحسنة تمحها ) .
أتبع الفاعل أنت ، والسيئة هي المتبوعة ، والحسنة هي التابعة ، يعني: اجعل الحسنة وراء السيئة -بعد السيئة-، إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة ؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات ، كما قال -جل وعلا- : ( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {114}سورة هود .
.. يتبع ..