بيت لحم – تقرير خاص :
يبدو الحائط الغربي للمسجد الأقصى المبارك (حائط البراق) و الساحة التي أمامه كأنها ساحة حربٍ و ثكنة عسكرية ، حيث تدفع قوات الاحتلال و شرطته بقواتٍ من مختلف أسلحة جيشها لحماية المتطرّفين الذين يأتون إلى هذا المكان زاعمين أنّه (حائط المبكى) ..
تاريخٌ دامٍ ..
و طول عقودٍ شهد هذا الجدار أحداثاً درامية كبيرة ، و اندلعت في عشرينات القرن الماضي انتفاضة فلسطينية سميت (هبّة البراق) بعد محاولات يهودية للاستيلاء عليه ، و رفعت القضيّة إلى عصبة الأمم و محافل دولية ، أقرّت بالحقوق الفلسطينية بالجدار .
و عندما انتصر الكيان الصهيوني في حرب حزيران 1967 ، كان أوّل ما فعله هو إزالة حارة المغاربة المجاورة للجدار الغربي للمسجد الأقصى ، و هي حيٌّ فاطميٌّ إسلاميّ يزيد عمره عن 900 عام ، و الهدف بالنسبة للمنتصرين هو توسيع الساحة المحاذية للجدار الذي تكرّس كحائطٍ للمبكى ..
و اتهم الفلسطينيون الصهاينة بأنهم هدموا الحارة على رؤوس أصحابها ، و قبل سنواتٍ اعترف القائد الصهيوني للعمليّة بمقتل فلسطينيين تحت الركام ، و برّر ذلك بأنه كان يسعى لفرض أمرٍ واقعٍ قبل تدخّل مجلس الأمن و إجبار أطراف النزاع على الانسحاب أو الالتزام بوقف إطلاق النار ..
و أصبحت الساحة و الجدار مدرجة في البرامج التي تضعها حكومة الاحتلال لزوارها الرسميين ، حيث يصل الواحد منهم إلى المكان يضع القلنسوة اليهودية على رأسه ثم يجري طقوساً معينة ..
انهيار طريق باب المغاربة :
و تسيطر سلطات الاحتلال على باب المغاربة القريب و هو أحد الأبواب الرئيسة للمسجد الأقصى ، و بتاريخ 15 شباط (فبراير) 2004 ، انهار الطريق المؤدّية إلى باب المغاربة ..
و اعتبرت الأوساط الفلسطينية أنّ انهيار الطريق حدث "بسبب الحفريات المتواصلة التي تنفّذها المؤسسة الصهيونية تحت المسجد الأقصى و محيطه منذ سنواتٍ طويلة و هي التي تعرّضه بشكلٍ دائمٍ إلى مخاطر الهدم و الانهيار ، ناهيك عن منع المؤسسة الصهيونية المتواصل لدائرة الأوقاف و مؤسسة الأقصى كذلك من إجراء ترميماتٍ في أنحاء كثيرة من المسجد الأقصى المبارك" .
تصميمٌ على هدم المعالم الإسلاميّة :
و نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية يوم الإثنين الماضي 13 كانون أول (ديسمبر) الجاري خبراً عن قرارٍ لبلدية القدس هدم الجدار و الطريق المؤدّية إلى باب المغاربة بشكلٍ كاملٍ و بناء جسرٍ جديدٍ يسهّل من خلاله الشرطة الصهيونية الدخول و اقتحام المسجد الأقصى ..
و أشار الخبر إلى أنّ بلدية القدس قرّرت ذلك بعد إجراء فحوصاتٍ هندسية أكّدت أن هذا الجدار و الطريق سينهاران خلال الأسابيع المقبلة ..
و قال مهندس البلدية الصهيونيّ أوري شطريت : "إن التلة الترابية التي بُنيت عليها طريق باب المغاربة غير ثابتة و حصل فيها تحرّكات و من المتوقّع أن تنهار مع بداية موسم الشتاء القريب و لا مناص من إزالة الجدار الاستنادي" ..
و حسب الصحيفة العبرية فإنّه بعد هدم الطريق المؤدّية إلى باب المغاربة سيُبنى في المكان بشكلٍ مؤقتٍ جسرٌ خشبيّ بديلٌ يمكّن الشرطة الصهيونية من اقتحام المسجد الأقصى وقت الحاجة .. و بارك الحاخامات اليهود ذلك ..
مؤسّسة الأقصى تحذّر :
و بعد نشر الخبر حذّرت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدّسات الإسلامية مما أسمته عواقب إقدام بلدية القدس على "هدم و إزالة الجدار و الطريق المؤدّية إلى باب المغاربة الملاصق للجدار الغربي للمسجد الأقصى ، و الذي يعتبر جزءاً لا يتجزّأ منه" ..
و قالت مؤسسة الأقصى في بيانٍ عاجلٍ أصدرته : "لا يحقّ لبلدية القدس و لا للمؤسسة الصهيونية إزالة حجرٍ واحدٍ أو جزءٍ بسيطٍ من الجدار أو الطريق المؤدّية إلى باب المغاربة لأنّ هذا الجدار و الطريق يعتبران جزءاً لا يتجزّأ من المسجد الأقصى ، و لا يجوز بحالٍ من الأحوال هدم جدار الطريق المؤدّية إلى باب المغاربة" ..
و عقّب الشيخ علي أبو شيخة ، رئيس مؤسسة الأقصى ، على مخطّط بلدية القدس قائلاً : "نحن لا نسمح بإحداث أيّ تغييرٍ أو طمس معالم إسلامية و خاصة في المسجد الأقصى المبارك ، هدم الجدار أمرٌ خطير جداً ، و الذي يتحمّل مسؤولية عواقبه الخطيرة هو المؤسسة الصهيونية ، هذا المخطّط بشكلٍ واضح هو عملية تهويدٍ لتغيير المعالم الإسلامية في القدس و المسجد الأقصى" ..
و قالت مؤسسة الأقصى إنها ليست المرة الأولى التي تحاول بلدية القدس أو المؤسسة الصهيونية بإحداث تغييراتٍ جذرية في منطقة الجدار الغربي للمسجد الأقصى و خاصة في الطريق المؤدّية إلى باب المغاربة ، فقد حاولت ذلك مراراً و تكراراً في السنوات الأخيرة .. وأشارت مؤسسة الأقصى إلى أنّ مثل هذه الأعمال إنما تندرج في سياق المخطّطات المستمرة من قبل المؤسسة الصهيونيّة و بلدية القدس و أعضاء الجماعات اليهودية للمسّ بالمسجد الأقصى و تعريضه لخطر الانهيار ..
و أكّدت مؤسسة الأقصى أنّ صاحب الحقّ الوحيد في إجراء الترميمات و التصليحات في أنحاء المسجد الأقصى و جدرانه و محيطه هو دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس ..
شرارة مقاومة جديدة ...
و حسب مصادر فلسطينية فإن تصميم بلدية القدس الصهيونيّة على هدم الطريق و بناء الجسر سينذِر باندلاع أعمال مقاومةٍ جديدة مثلما حدث عام 1996 فيما عُرِف بانتفاضة النفق ، بعد إقدام بلدية القدس الصهيونيّة على فتح نفقٍ مجاور للمسجد الأقصى ، و أيضاً كانت زيارة مجرم الحرب شارون للحرم القدسي الشريف شرارة ، أدّت إلى اندلاع انتفاضة الأقصى الحالية ..
و انتقدت مؤسّساتٌ فلسطينية مثل الهيئة الإسلامية العليا ، و مجلس الأوقاف و الشؤون و المقدّسات الإسلامية في القدس ، القرار الصهيوني ، معتبرة أنّه يهدف إلى إزالة ما تبقّى من أبنيةٍ و آثار إسلامية تعود إلى الفترة الأيّوبية و المملوكية في حيّ المغاربة الذي دمّرته سلطات الاحتلال عام 1967م .
palestine-info.info
__________________
هذا هو رأيي الشخصي الخاص المتواضع، وسبحان من تفرّد بالكمال
|