عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 21-12-2004, 07:43 PM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي

كنت أعتقد أنى لن أتوصل للحلقة الرابعة إلا بعد عشرة أيام ، ولكن لله الحمد أمكننى العثور عليها ، ولذلك سأنشرها :::

الحلقة الرابعة


هذه الأسس المهنية ، أخذت أطبقها بشكل يومى فى عملى . ومن سخرية القدر فلم أكن مستعدا لتطبيقها على نفسى ، وعلى موضوع ترددى المحيط بشخصيتى الدينية . لمدة 43 سنة ، كان عنوان شخصيتى الدينية " نصرانى " ، بالإضافة إلى الشهادات التى حملتها تحت هذه الشخصية على مر السنين . والتخلص من هذه اللافتة لم يكن أمرا سهلا !!! هى جزء لا يتجزأ من كينونتى . وأقنعت نفسى لأخرج من ترددى هذا ، بأنى نصرانى يعتقد بعقيدة المسلمين .
نحن الآن فى أواخر ديسمبر ، ونستعد أنا وزوجتى لاستصدار جوزات سفر لنحقق رحلة إلى الشرق الأوسط ، وفى الجواز خانة للإنتساب الدينى ، وبدون وعى أو انتباه وبصورة تلقائية ، كتبت " نصرانى " ، كان الأمر سهلا على ومتعود عليه ومريح لى .
هذه الراحة قطعت بسؤال من زوجتى " ماذا كتبت فى خانة الديانة ؟؟؟ " . أجبت سريعا " نصرانى طبعا " ، وضحكت بصوت مسموع !!! ، وحسب مقولات " فرويد " ، فى التحليل النفسى ، فإن الضحك هو تنفيس عن شئ مكبوت داخل النفس . وبالرغم من أن " فرويد " كان مخطئا فى نظريته الجنسية ، إلا أنه أصاب الهدف فى مسألة الضحك هذه !!! لقد ضحكت !!! ماهو هذا الشئ المكبوت الذى أردت التنفيس عنه ؟؟؟
وبسرعة ذهبت لؤأكد لزوجتى أنى نصرانى ولست مسلما ، فبمنتهى الأدب ، قالت لى أنما عنيت فقط ، هل كتبت .. نصرانى .. أو بروتستاتى .. أو ميثودست ؟؟؟ ، وكمهنى فأنا أعلم أن الإنسان لايدافع عن نفسه ضد اتهام لم يوجه إليه !!! ( فى جلسة العلاج النفسى ، إذا انفجر المريض وقال " أنا لست غاضبا من هذا " ، وأنا لم أتطرق إلى موضوع الغضب ، فيكون ذلك دليلا على أن المريض يدافع عن نفسه ضد تهمة فى شعوره الباطنى !!! باختصار هو كان فى الحقيقة غاضبا ، ولكنه لايريد الإعتراف بذلك أو التعامل مع الأمر ) . لم توجه لى زوجتى أية تهمة بأنى مسلم ، إذا فالإتهام صدر من عقلى الباطن ، وذلك لأنه لم يكن أحد غيرى موجود !!! كان الأمر واضحا أمامى ، ولكنى ما زلت مترددا . اللافتة الدينية الملتصقة بى لمدة 43 سنة ، ليس من السهل أن تتغير .
مضى حوالى الشهر منذ استجواب زوجتى ، نحن الآن فى أواخر شهر يناير عام 1993 ، وقد وضعت جانبا الكتب المؤلفة عن الإسلام من غير مسلمين فقد قرأتها كلها بتمعن ، كذلك الترجمتين باللغة الإنجليزبة لمعانى القرن الكريم قد وضعتهما على الرف ، وانهمكت فى قراءة ترجمة ثالثة ، ربما وجدت فى الترجمة الثالثة مبررا لـ ......& ( أعتقد أنه يقصد هنا وجود مبرر لعدم التصديق بالإسلام ) nbsp; .
كنت أتناول الغداء فى مطعم يبعد ساعة عن عيادتى ، اعتد أن أتناول فيه طعامى ، دخلت المطعم كالمعتاد وأخذت مقعدى ، وفتحت الترجمة الثالثة لمعانى القرآن ، وبدأت القراءة من حيث ما كنت قد انتيهت اليه من قبل لأملأ ساعة الغداء هذه ، وبعد دقائق تنبهت لوجود محمود خلف كتفى منتظرا ليلبى طلباتى ، وكان يحملق فيما أقرأ ، دون أى تعليق منه , وأخذ طلباتى ، ثم عدت لخلوتى فى القراءة .
دقائق وجاءت إيمان زوجة محمود ، الأمريكية المسلمة لتحضر الطعام ، مرتدية الحجاب ، وملابس بسيطة محتشمة تعودت عليها من المسلمين الملتزمين ، ولما رأتنى أقرأ القرآن الكريم ، قالت بأدب ، هل أنت مسلم ؟؟؟ خرج الجواب من فمى جافا بدون ملطفات من الإتيكيت " لا " !!! هذه الكلمة اليتيمة التى خرجت من فمى بعنف ، وبلهجة شبه طائشة ... تقبلتها إيمان بأدب وانسحبت من المكان .
ما هذا الذى حدث لى ؟؟؟ لقد تصرفت بوقاحة وببعض الهمجية !!! ماذا فعلت هذه المرأة لتستحق هذه المعاملة ؟؟؟ أنا لست أنا !!! لم أتعود على ذلك يصدر منى . حينما أخاطب أى شخص فأناديه بالسيد أو بالسيدة ، حتى لو كان كاتبا أو صرافا أقابله فى المخزن ... يمكننى التغاضى عن ضحكتى التى صدرت منى مع زوجتى كتنفيس عما بداخلى ، ولكنى لا أستطيع الآن أن أتغاضى عن تصرفاتى هذه التى تعكس عما بداخلى من صراع . نحيت جانبا القراءة ، وانشغل ذهنى بهذه التصرفات أثناء تناول الطعام ، فكلما ازداد
قلقى واضطرابى كلما ازداد شعورى بالذنب من تصرفاتى !!! وقررت أن أقوم ببعض التعديلات لتصرفى هذا حينما تحضر إيمان بفاتورة الحساب ، وهذا التصرف واجب حتى فى موقف مخالف لما حدث . هذا التصرف واجب حتى فى ظرف ليس مثل هذا الظرف . علاوة على ذلك ، كنت قلقا على ما يحدث لى داخليا من مقاومة لسؤال برئ وجهته لى إيمان . ماذا يحدث بداخلى ليكون ردى بهذا العنف على سؤال مباشر وبسيط ؟؟؟ لماذا يؤدى هذا السؤال البسيط لهذا السلوك الذى حدث منى ؟؟؟
حينما جاءت إيمان بفاتورة الحساب ، قمت بعمل التفاف كاعتذار لها قائلا ::: " أخاف أنى كنت فظا بعض الشئ فى إجابتى على سؤالك لى ، إذا كان القصد من سؤالك هو هل أؤمن بأن الله واحد ، فإن جوابى ( نعم ) ، وإذا كان القصد من سؤالك إن كنت أعتقد بأن محمد نبى مرسل من هذا الإله ، فإن جوابى ( نعم ) ،
فأومأت برأسها بأدب وبطريقة مساعدة ، قالت اوكى ، هذا الموضوع يأخذ وقتا طويلا بعض الشئ من شخص لآخر وانصرفت .
ربما يلاحظ القارئ الألاعيب الذهنية والنفسية التى تمارس فى نفسى ، وأعلم جيدا أن الطريقة التى ذكرتها فى كلامى لإيمان بأنى قد نطقت بالشهادتين الدالتين على الإيمان بالإسلام ،ولكن بطريقتى الخاصة !!! ... وبما أنى قد قلت ما قلت ، وأعى تماما أن ماقلته يعتبر كأنى نطقت بالشهادتين ، إلا أننى ما زلت لم أنزع اللافتة اللاصقة بى " نصرانى " ، مقنعا نفسى بأنى لم أقل أننى " مسلم " !!! نصرانى شاذ فى نصرانيته !!! يقول أنه لا إله إلا الله ، ويعترف بأن محمدا رسول الله ... إذا أراد أى مسلم أن يقبلنى بهذا الوضع ، فله ما يريد ، وليحتفظ هو بلافتته الدينية !!! وأقنعت نفسى بأنى نصرانى ، يمكنه أن يعترف بما يعترف به المسلمون ... لكن فليحملوا هم هويتهم ، ولأحمل أنا هويتى ولهم أن يعتبروها كما يشاؤون !!!
نحن الآن فى مارس 1993 ، نتمتع أنا وزوجتى بأجازة فى الشرق الأوسط ، ووافق الشهر شهر رمضان شهر الصيام عند المسلمين ، يمتنعون فيه عن الطعام من الفجر حتى غروب الشمس . وبما أننا كنا معظم الوقت فى ضيافة أصدقائنا المسلمين بالولايات المتحدة وعائلاتم هنا ، فقد قررت أنا وزوجتى ، مجاملة للمضيفين أن نصوم معهم . وأيضا فى هذا الوقت قررت أن أحافظ على الصلوات الخمس ، مع أصدقائى . على كل حال ، لم يكن هناك ما يمنع من القيام بهذه الصلوات .
كنت مازلت نصرانيا ، فلتقل ذلك . لأنى نشأت نصرانيا من عائلة نصرانية ، واظبت على مدرسة الأحد وأنا طفل ، تأهلت فى علوم اللاهوت ، وعملت كقسيس فى الكنيسة فى مجتمع بروتستانتى كبير . وكذلك كنت نصرانيا :::
لا يعتقد بألوهية التثليث ، وبألوهية سيدنا عيسى عليه السلام ، ويعلم جيدا بفساد الكتب المقدسة ( التوراة ، والإنجيل ) ، نصرانيا نطق بالشهادتين ، وصام رمضان ، ويصلى الخمس يوميا ، ومتأثرا جدا بالروح الإسلامية التى رآها فى المسلمين الذين عاشرهم ، سواء فى أمريكا ، أو فى الشرق الأوسط . ( الوقت والمساحة لا يسمحان لى بالإستطراد فى إيراد الأمثلة التى قابلتها عن المبادئ والأخلاق فى الشرق الأوسط ) ، إذا سألت عما إذا كنت مسلما حينئذ ؟ لأخذت لمدة خمسة دقائق فى سرد الكلام السابق لى ، ولتركت السؤال بدون إجابة !!! كنت فى ذلك الوقت أقوم بألعاب كلامية ثقافية حتى لا أقول نعم أو لا !!! وقد نجحت فى ذلك بتفوق .
الوقت الآن فى نهاية الرحلة للشرق الأوسط ‘ وكنت أنا وأحد الأصدقاء المسنين ، الذين لا يتكلمون إلا اللغة الإنجليزية نسير فى أحد الشوارع فى الأحياء الفقيرة فى عمان من الأردن ، إذ اقترب منا رجل عجوز من الناحية الآخرى باسطا يده لنا للتحية ، قائلا السلام عليكم ، تحية المسلمين ، لم يكن غيرنا نحن الثلاثة فى المكان ، وأنا لا أتكلم اللغة العربية ، لا أنا ولا صديقى ، ونظر إلى الرجل محملقا وسألنى " مسلم ؟؟؟ " .
فى هذه اللحظة بالذات ، وقعت فى مصيدة !!! لم تعد هذه البهلوانيات الكلامية التى اعتدتها نافعة هنا !!! لأنى لا أستطيع التكلم إلا باللغة الإنجليزية ، وهذا الرجل لا يمكنه فهم ما أقول ، فالرد لهذا السؤال لا يكون بغير إحدى الكلمتين ، " نعم " ، أو ، " لا " باللغة العربية ، الإختيار بين الكلمتين هو الآن لى فأيتها أختار ؟؟؟ لم يكن هناك بيننا مترجم لأنقل له هذه الآلاعيب الكلامية !!! كذلك لا أستطيع التظاهر بأنى لم أفهم السؤال ، لابد من الإختيار والآن بالذات ، الحمد لله العلى القدير فقد تحرك لسانى وللمرة الأولى " نعم " .
مداخلة منى :::
لقد اطلع الله سبحانه وتعالى على ما فى نفسه وعلى الصراع الدائر فى داخلها وعلى صدف إيمانه ، فأرسل له من يعينه على قول ; نعم & quot; .
بالنطق بهذه الكلمة الوحيدة ، إنهارت كل الآلاعيب الكلامية التى كنت أمارسها إرضاء لنفسى ، وألقيت وراء ظهرى الاعيبى الكلامية ، آلا عيبى النفسية الدينية ، لقد كنت نوعا شاذا من النصرانية ، وهكذا ولله الحمد أولا وأخيرا أصبحت مسلما ، وكذلك أصبحت زوجتى ذات الـ 33 عاما أيضا مسلمة فى نفس الوقت .
شهور قليلة بعد عودتى من رحلة الشرق الأوسط ، دعانى جار لى لنتباحث عن أسباب اعتناقنا للإسلام ، الجار كان قسيسا سابقا على التقاعد من الميثودست ، وكنا فى السابق نتبادل النقاش السطحى فى الدين ، ونتكلم عن الإضافات التى زيدت على الكتب المقدسة القديمة فى الترجمات الحديثة . أعرف عنه أن له دراسات متعمقة فى الدين ، وأنه كان من المنشدين فى الكنيسة أيام الآحاد .
قلت فى نفسى ، ها قد جاءتك الفرصة !!! فالمسلم الصادق لابد أن يكون على علاقة طيبة مع جيرانه ، ولا بد أن يكون داعية إلى الإسلام ، ولهذا قبلت الدعوة فى مساء الليلة التالية ، وأخذت أستعد لمناقشة الموضوع فى الـ 24 ساعة السابقة للقاء ، وأفكر كيف أبدأ فى الموضوع !!! وحان الموعد وذهبنا إليه ، وبعد بعض الحديث العام ، قال لى فجأة لماذا اعتنقت الإسلام ؟؟؟ ولقد كنت فى شوق لهدا السؤال الذى أعددت جيدا الإجابة عنه !!! قلت ::: " كما تعلم من دراساتك فإن هناك إعتبارات كثيرة لا تمت للدين بصلة ، قد سبقت وشكلت وأثرت فى قرارات مؤتمر نيقيا " ، فقاطعنى بقوله ::: فى النهاية أنت لا تستطيع أن تهضم الشرك بالله ، أليس كذلك ؟؟؟ كأنه أراد أن يصل إلى النتيجة دون الإستطراد فى الكلام " كان يعلم بالضبط لماذا أنا مسلم ، ولم يكن يعارض ما اتخذته من قرار ، ولكن بالنسبة له شخصيا ولكبر سنه ، ولموقعه من النصرانية ، كان هو الآخر نفس النموذج الشاذ من النصرانية الذى كنته . أراد الله له أن يكمل هو الآخر رحلته من الصليب إلى الهلال .
هناك تضحيات لتكون مسلما فى الولايات المتحدة ، وكذلك هناك تضحيات لتكون مسلما فى أى مكان آخر ، وهذه التضحيات تكون أقسى وأشد للذين تحولوا من النصرانية إلى الإسلام . وبعض هذه التضحيات تشمل تغيير اللباس ، الإمتناع عن شرب الخمر ، عدم أكل الخنزير ، التدقيق في المال المكتسب . وبعض التضحيات الآخرى أقل شدة . مثال على ذلك ، فإحدى العائلات النصرانية أخبرتنا بأنها لن تتعامل معنا لأنها لا تتعامل مع من لا يتخذ المسيح مخَلصا له . كذلك فقد تغير تعامل بعض الزملاء لى ، وسواء كانت هذه مصادفة أو لم تكن فقد انخفض دخلى 30% ، بعض من هذه التضحيات البسيطة قد يصعب قبولها ، ولكن التضحيات فى سبيل العقيدة لا تساوى شيئا فى المقابل .
إلى الذين يترددون فى قبول الإسلام خوفا من هذه التضحيات ، فالعودة الصحيحة إلى الله سبحانه وتعالى أغلى منها ، ألا إن سلعة الله غالية ، بعض هذه التضحيات متوقعة ، وبعضها الآخر قد تفاجأ به ، وفى العموم لا يستطيع أحد أن ينكر هذه التضحيات ، ولن أغلفها لك بطبقة من الحلوى ، ولكن أقول لك أن العقيدة الصحيحة هى أثمن شئ فى الوجود ، وأن مردودها يوم القيامة لا يقدر بثمن .