الحلقة الثالثة
بالطبع كان لدى وقت لزيارة اصدقائى الوعاظ ، والإفانجليست ، الذين يقطنون حول ولاية تكساس ، أحدهم كان يعيش على الحدود بين تكساس والمكسيك ، والآخر يعيش حول حدود أوكلاهوما . وكان يحمل صليبا كبيرا على كتفيه ، ويجرجر أسفله فى الأرض ، متنقلا فى الطرق السريعة ، والعامة ، ليستوقفه الناس ، فيعطيهم كتيبات تدعو للنصرانية ، وأناجيل صغيرة .
وفى أحد الأيام مرض صاحبنا هذا حامل الصليب ، وأصيب بنوبة قلبية ، فنقل إلى إحدى المستشفيات الحربية ، وكنت أزوره عدة مرات فى الأسبوع ، وكان محمد يصحبنى فى هذه الزيارات على أمل أن نتفق معا فى مفهومنا للعقيدة والأديان . صديقى لم يكن متحمسا لمعرفة أى شئ عن الإسلام ، وفى يوم جاء أحد المرضى الذين يشتركون مع صديقى فى الغرفة ، على كرسى متحرك ، ولما سألته عن اسمه ، أجاب هذا لايهم ، فقلت له من أى البلاد أنت ؟ قال من المريخ !!! أخذت أفكر فى طريقته فى الكلام ، وقلت ياترى أنا فى عنبر القلب ، أو فى عنبر الصحة النفسية ؟؟؟
علمت أن الرجل وحيد ومكتئب ، وفى حاجة لمن يؤنسه ، فأخذت أقرأ له من كتاب يونس ، من التوراة !!! ذكرت له قصة سيدنا يونس الذى أرسله الله لقومه ، فتركهم يائسا منهم ، وذهب للبحر ، واستقل السفينة هاربا ، وجاءت عاصفة كادت تغرق السفينة ، فألقاه الركاب فى البحر ، ليلتقطه الحوت ، ونزل به فى قاع البحر ، ومكث فى بطنه ثلاثة أيام ، وثلاثة ليالى ، ولكن رحمة من الله الرحيم ، فقد جعل الحوت يرتفع إلى سطح البحر ، ويلفظ سيدنا يونس على البر ، ويرجع سيدنا يونس ثانية إلى قومه بنينوى . ونستخلص من هذا ، أنه لايجب أن نفر من مشاكلنا ، لأننا نعرف ماذا فعلنا ، والله أيضا يعرف ماذا فعلنا ؟؟؟
حينما ذكرت هذه القصة للرجل على الكرسى المتحرك ، رفع رأسه لى واعتذر ، عن طريقته الوقحة فى الكلام ، وأنه يعانى الآن ، بعض المشاكل الحادة ، وقال أنه يريد الإعتراف لى بشئ !!! قلت له أنا لست قسا كاثوليكيا لتعترف لى ، فقال أنا أعرف ذلك ، ثم استطرد يقول " أنا نفسى قس كاثوليكى "، فصدمت !!! لقد كنت أعظ قسيسا نصرانيا بما يعلمه هو !!! ما هذا الذى يحدث هنا ؟؟؟
وبدأ القس فى سرد قصته لى ، وقصة حياته ، وعند خروجه من المستشفى كان لابد أن يلتحق بمأوى للنقاهة ، فطلبت من أبى ، أن يصحبنا فى منزلنا ، ليعيش مع محمد ، فوافق أبى على ذلك ، وانتقل الرجل ليكون ضيفا علينا .
فى طريقنا للمنزل ، أخذت أكلم القس عن بعض مفاهيم الإسلام ، ففوجئت بأنه يعلم الكثير عنها ، وقال لى بأن الكاثوليك ، يدرسون الإسلام ، وبعضهم يحمل درجة الدكتوراه فيه !!! لقد أضاءت هذه الكلمات بصيرتى ، ولكن هناك الكثير بعد لأسرده عليكم !!
بعد تناولنا للعشاء كل ليلة ، نجلس حول مائدة الطعام بالمطبخ ، نتناقش فى الدين ، ويحضر أبى معه نسحة الملك جيمس من الإنجيل ، وأحضر معى نسختى المنقحة القياسية ، وتحضر زوجتى معها نسخة أخرى من الإنجيل ( ربما تكون شيئا مما ينشره جيمى سواجارت " القس الذى يبشر فى التلفزيون ، وقد قبض عليه مع عاهرة ، بعد مناظرته الشهيرة مع أحمد ديدات ، والتى كان ينتقد فيها تعدد الزوجات فى الإسلام " ، وتسمى النسخة التى تحضرها زوجتى " أخبار طيبة للرجل العصرى " . وكان القس يحضر معه الإنجيل الكاثوليكى ، والذى به سبعة كتب إضافية عن الإنجيل البروتوستانتى . وبذلك نقضى وقتا طويلا لنبحث أى الأناجيل هو أصحها ، ومن ثم ، نقنع محمد ليدخل فى الدين النصرانى .
|