عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 28-12-2004, 04:09 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

وكان كثيرا ما يقسم ( لا ومقلب القلوب ) فالعبد أعظم المطالب التي يحرص عليها أن يسلم له دينه ، والله -جل وعلا- قد يبتلي العبد بخلل في دينه ، وشبهات تطرأ عليه لتفريطه في بعض ما يجب أن يُحفظ اللهُ -جل وعلا- فيه ؛ فلهذا العبد إذا حصل له إخلال في الدين ، فإنه قد أخل بحفظ الله -جل وعلا- ، وقد يعاقب بأن يُجعل غافلا ، وقد يُعاقب بحرمانه البصيرة في العلم ، وقد يُعاقب بأن تأتيه الشبهة ولا يحسن كيف يتعامل معها ، ولا كيف يردها .
وقد يُعاقب بأنه تأتيه الشبهة فتتمكن منه ، كما قال -جل وعلا- : ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {5}سورة الصف ، وكما قال : ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {67}سورة التوبة ، وكما قال -جل وعلا- : ( هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ {7} سورة آل عمران ، وكما قال -جل وعلا- : ( وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ {155}الآية في الأعراف .
وهكذا في آيات أخر دلت على أن العبد قد يخذل ، وخذلانه في أمر الدين هو أعظم الخذلان ، ولهذا ينبغي للعبد أن يحرص تمام الحرص على أن يحفظ الله -جل وعلا- في أمره سبحانه ، وإن فاته الامتثال فلا يفته الاستغفار ، والإنابة واعتقاد الحق ، وعدم التردد والسرعة باتباع السيئة بالحسنة لعلها أن تُمحى .

لهذا فإن حفظ الله -جل وعلا- للعبد بأن يكون الحفظ في الدين أعظم من أن يحفظ في أمر دنياه ، ولهذا في قول الله -جل وعلا- في سورة المائدة :- ( فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {13}‏ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ {14} سورة المائدة قوله : ) وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ ) ، يعني: تركوا نصيبا مما أُمروا به ، تركوه عن عمد وعن علم ، فلما علموه تركوه عن بصيرة فعوقبوا بالفرقة ، (فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ {14} سورة المائدة .
وهذا من أنواع العقوبات التي يبتلي الله -جل وعلا- بها العباد ، ويعاقب بها المؤمنين ؛ حيث يعاقبهم بالفرقة ؛ لأنهم تركوا ما أوجب الله -جل وعلا- عليهم من مقتضى العلم ، وهذا نوع من أنواع ترك حفظ الله -جل وعلا- للعبد ، فالعبد بحاجة أن يحفظه الله -سبحانه وتعالى- بتوفيقه له ، ومعيته له ، وتسديده إياه .


.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }