عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 28-12-2004, 04:11 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

حفظ الله -جل وعلا- للعبد في الدين ، أو في الدنيا -أيضا- راجع إلى معية الله -سبحانه وتعالى- والمراد بها : المعية الخاصة التي مقتضاها : التوفيق والإلهام والتسديد والنصر والإعانة .
قال : ( احفظ الله تجده تجاهك ) يعني: : احفظ الله على نحو ما وصفنا تجده دائما على ما طلبت ، تجده دائما قريبا منك ، يعطيك ما سألت ، كما ذكرت لك في حديث "الولي" ( ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ) .
قال -عليه الصلاة والسلام- بعد ذلك ، ( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ) هذا مأخوذ من قول الله -جل وعلا- ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {5} سورة الفاتحة ، وفيه إفراد الله -جل وعلا- بالاستعانة وبالسؤال ، وهذه على مرتبتين:-

الأولى : واجبة ، وهي التوحيد بأن يستعين بالله -جل جلاله- وحده دون ما سواه فيما لا يقدر عليه إلا الله -جل وعلا- ، فهذا واجب أن يُفرد الله -جل وعلا- بالاستعانة ، وكذلك أن يسأل الله -جل وعلا- وحده فيما لا يقدر عليه إلا الله -جل وعلا- ، هذا هو المعروف عندكم في التوحيد فيما يكون من الدعاء صرفه لغير الله -جل وعلا- شرك ، وكذلك في الاستعانة التي يكون صرفها لغير الله -جل وعلا- شركا .

المرتبة الثانية : المستحبة ، وهو أنه إذا أمكنه أن يقوم بالعمل ، فإنه لا يسأل أحدا من الناس شيئا ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ العهد على عدد من الصحابة ألا يسألوا الناس شيئا ، قال الراوي : ( فكان أحدهم يسقط سوطه فلا يسأل أحدا أن يناوله إياه ) وهذا من المراتب التي يتفاوت فيها الناس .

فإذا أمكنك أن تقوم بالشيء بنفسك فالأفضل والمستحب ألا تسأل أحدا من الخلق في ذلك ، إذا أمكنك يعني: بلا كلفة ، ولا مشقة ، ومن كانت عادته دائما أن يطلب الأشياء فهذا مكروه، وينبغي للعبد أن يوطن نفسه ، وأن يعمل بنفسه ما يحتاجه كثيرا، وإذا سأل في أثناء ذلك ، فإنه لا يقدح حتى في الدرجة المستحبة ؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- ربما أمر من يأتيه بالشيء ، وربما طلب من يفعل له الشيء ، وهذا على بعض الأحوال .
قال : ( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ) ظاهر في الوجوب ( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ) على القيد الذي ذكرنا لكم ؛ من أن هذا يتناول المرتبة الأولى على الوجوب ، والمرتبة الثانية على الاستحباب.

قال -عليه الصلاة والسلام- بعد ذلك : ( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام ، وجفت الصحف ) .

هذا فيه بيان القدر الثابت ، وأن العباد لن يغيروا من قدر الله -جل وعلا- الماضي شيئا ، وأما مَن عظم توكله بالله -جل وعلا- ، فإنه لن يضره الخلق ، ولو اجتمعوا عليه ، كما قال -جل وعلا- لنبيه -عليه الصلاة والسلام-: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ {67}سورة المائدة .
وجاء في عدد من الأحاديث بيان هذا الفضل ، في أن العبد إذا أحسن توكله على الله -جل وعلا- ، وطاعته لله ، فإن الله يجعل له مخرجا ، ولو كاده من في السماوات ، ومن في الأرض لجعل الله -جل وعلا- له من بينهن مخرجا .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }