عرض مشاركة مفردة
  #94  
قديم 03-01-2005, 04:35 PM
المشرقي الإسلامي المشرقي الإسلامي غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 637
إفتراضي

هل تضيع القدس؟



د. هيثم الكيلاني

صحيفة الاتحاد الإماراتية 5/12/2004



صنفت خريطة الطريق القدس في الوضع الدائم الشامل الذي ينهي الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي في عام 2005 - أي في عام 2006 بعد أن أجّل الرئيس الأميركي جورج بوش الابن تنفيذ مشروع خريطة الطريق عاماً كاملاً-· وقد وصفته الخريطة بأن يتفاوض عليه الطرفان ويتخذا قراراً تفاوضياً "حول وضع القدس على أن يأخذ بعين الاعتبار اهتمامات كلا الطرفين السياسية والدينية ويحمي المصالح الدينية لليهود والمسيحيين والمسلمين في العالم" (هذا ما ورد في شأن القدس في مشروع الخريطة). وإذا أخذنا ميزان القوى في الاعتبار وتفسير الولايات المتحدة لقرار مجلس الأمن 242 فإن ما تبغيه "إسرائيل" من هذا القرار يجعل القدس بكل محتوياتها عاصمة لإسرائيل فلا تجزأ، إضافة إلى قرار الكونجرس الذي يتضمن إنشاء السفارة الأميركية في القدس نفسها.



واتفاقية أوسلو الموقعة في 13/9/1993 أبقت القدس خارج صلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية وتركتها إلى المرحلة النهائية من المفاوضات، وبخاصة أن "إسرائيل" التي احتلت القدس يوم 7/6/1967 غيرت معالم المدينة بعد احتلالها فأصدر الكنيست قانون المحافظة على الأماكن المقدسة. وقد استندت الجماعات الدينية اليهودية إلى هذا القانون لضمان وصولها إلى داخل الحرم القدسي للصلاة فيه ولإقامة الهيكل الثالث. ومن بين هذه الجماعات هيئة يهودية مختصة بتسمية الأماكن اليهودية في القدس واستبدال المسميات العربية -باعتبارها إسلامية- وهي هيئة مؤلفة من فنيين وآثاريين ومؤرخين وجغرافيين ولغويين ومن أساتذة الجامعات اليهودية ومرتبطة بشخص رئيس الوزراء. ومن هذه الجماعات أيضاً من قاموا بالحفريات وبإحراق المسجد الأقصى والاعتداء على كنيسة القيامة وإزالة الأماكن المقدسة بالنسبة إلى الدينين السماويين الآخرين. ومنهم أيضاً المختصون بالاستيلاء على مساحات من أراضي القدس وتصفية الأملاك العربية فقط وحقوق الدينين السماويين الآخرين فيها.



وإذا كانت القدس تختزل جميع الأبعاد السياسية والدينية والقانونية والتاريخية والمستقبلية للقضية الفلسطينية برمتها وللصراع العربي - الإسرائيلي كله، فإنه في الوقت الراهن يصعب التوصل إلى تسوية حقيقية للقضية وللصراع دون إيجاد حل عادل ودائم لقضية القدس المحتلة، معترفين بأن أطماع "إسرائيل" والحركة الصهيونية بالقدس تدخل ضمن أطماعها التوسعية الشاملة في فلسطين والوطن العربي. ويعني هذا أن فصل قضية القدس ببعدها الديني عن بقية قضايا الصراع العربي- الإسرائيلي غير ممكن، بالرغم من أن الزعيم الصهيوني تيودور هرتزل- ومثله فعل الزعماء الصهيونيون الآخرون- قيّم الدولة اليهودية بدون القدس بأنها دولة لا أهمية لها، مع العلم من أن فعلتهم هذه تناقضت مع قرار الجمعية العام 181 في يوم 29/1//1947. وعلى أساس هذا القرار نشأت لجنة القدس التي أسستها منظمة المؤتمر الإسلامي، وكانت "إسرائيل" منذ ديسمبر 1949 أعلنت أن القدس عاصمة أبدية لها. وثنّت على ذلك بعد أن أتمت عدوانها على القدس في العام 1967 فضمت أحياء القدس الشرقية إلى الشطر الغربي من المدينة قصد توحيدها ومواصلة الاحتلال.



وما لم تتوحد إمكانات الأمتين العربية والإسلامية لتخليص القدس من براثن الصهيونية فإن التفسير الأميركي للقرار 242 وميزان القوى في المنطقة سيطغيان على إرادة لجنة القدس، وهي إرادة مستمدة فقط من تصميم الأمتين العربية والإسلامية على مساعدة الشعب الفلسطيني في جهاده من أجل وطنه ومن أجل إنقاذ القدس وتخليص الأمتين من براثن الصهيونية التي تنصب شباكها لكي توقع بالأقطار العربية والإسلامية واحداً بعد الآخر، فتضيع القدس كما ضاعت فلسطين.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي الخاص المتواضع، وسبحان من تفرّد بالكمال