عرض مشاركة مفردة
  #96  
قديم 04-01-2005, 02:39 PM
المشرقي الإسلامي المشرقي الإسلامي غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 637
إفتراضي

القدس



د. هيثم الكيلاني



صحيفة الاتحاد الإماراتية 13/6/2004



نص مشروع خريطة الطريق على جعل قضية القدس من قضايا المرحلة النهائية أي في عام 2005 الذي رأى الرئيس الأميركي جورج بوش الابن أنه موعد غير مناسب. ومن المقرر أن تخضع قضايا المرحلة النهائية للتفاوض. وفي رأينا أن ميزان القوى سيلعب دوره في هذا المجال، مثلما أدى دوره، دون أن يظهر، في صياغة وثيقة جنيف فحلّت هذه القضية على أساس أن الحي اليهودي لليهود وأن الحي العربي للعرب وأن الحرم القدسي يبقى تحت السيادة الفلسطينية وأن حائط المبكى يبقى تحت السيادة الإسرائيلية، وأبقت الوثيقة المدينة القديمة في إطار دولي.



تشير رسالة التطمينات التي أعطاها الرئيس الأميركي لرئيس وزراء "إسرائيل" يوم 14/4/2004 إلى أن من حق "إسرائيل" الاحتفاظ بمستعمرات في الأراضي المحتلة وأنه ليس عملياً توقع الانسحاب حتى خطوط الهدنة لعام 1949. وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده بوش مع شارون إشارة واضحة إلى أن الولايات المتحدة تدعم "إسرائيل" في مواجهة الشرعية الدولية، في حين أن الرئيس بوش في رسالة التطمينات التي وجهها إلى العاهل الأردني نص بوضوح على أن (...الولايات المتحدة لن تحكم مسبقاً على المفاوضات النهائية. وكل قضايا الحل النهائي يجب أن تتمخض عنها المفاوضات بين الجانبين...). المشكلة هي أن الإدارة الأميركية الحالية تقرأ القرار 242 وتفسره قراءة تناسب "إسرائيل" وتتطابق مع قراءتها له وتفسيرها.





وكان موقف الإدارات الأميركية المتعاقبة في الأمم المتحدة يتأرجح بين الامتناع عن التصويت أو التصويت ضد القرارات المتعلقة بالقدس، وقليلاً ما كانت تساند بعض هذه القرارات. ويمكن تلخيص ذلك الموقف بأنه كان يدور حول مجموعة من النقاط، مثل:



1- المحافظة على الأمر الواقع في القدس، من خلال المحافظة على خطوط الهدنة.

2- الدعوة إلى وحدة المدينة وعدم تجزئتها.

3- اعتبار القدس الشرقية المحتلة عام 1967 منطقة محتلة تخضع للقرار 242.

4- إرجاء البت في مسألة السيادة على القدس، إلى حين التفاوض بشأنها بين أطراف النزاع مع تجنّب إغضاب "إسرائيل".



5- عدم اعتبار الاستيطان المكثّف في القدس عامل تغيير للوضع النهائي للقدس والتركيز على الجانب الروحي للمدينة.

بدأ التغير في الموقف الأميركي يظهر في عهد الرئيس السابق بيل كلنتون. فقد جاء في البرنامج الانتخابي لعام 1984 أن (الحزب الديمقراطي يعترف بوضع القدس المقرر كعاصمة لإسرائيل ويؤيده). وجُدّد ذلك الموقف في البرامج الانتخابية التالية 1988، 1992، 1996 وطرح في الكونغرس الأميركي من قبل الحزب الجمهوري مشروع نقل السفارة الأميركية إلى القدس. أما كلينتون فقد اعتبر الأراضي المحتلة عام 1967 ومنها القدس أراضي متنازعاً عليها، ولذلك فإن موضوع السيادة (غير محسوم)، كما اعتبر المقدسات موضوعاً للتفاوض.



وبالرغم من ذلك ساندت واشنطن الموقف الصهيوني في مناسبات عدة بشأن الاستيطان في القدس ومارست حق النقض (الفيتو) ثلاث مرات لمنع مجلس الأمن من اتخاذ إجراءات ضد "إسرائيل"، وذلك في مايو 1995 ومارس 1997 واعتبرت أن الاستيطان نمو طبيعي للمستعمرات بعد أن كانت الإدارات السابقة ترى أن (الاستيطان غير شرعي) وأنه (عقبة أمام السلام). والموقف الوحيد المتميز هو موقف إدارة بوش الأب حين رفض مساندة إنشاء مستعمرات في القدس التي تعتبر من الأراضي المحتلة.



وبالرغم من أن من مبررات عقد القمة الأخيرة في تونس (22-23/5/2004) هو درس القضية الفلسطينية ما دعا القمة إلى تخصيص 12 فقرة للقضية منها التأكيد على عروبة القدس وعلى عدم شرعية الإجراءات الإسرائيلية لضمها وتهويدها وتغيير طبيعتها وتركيبتها السكانية والجغرافية وإدانة الحائط العنصري المسمّى (غلاف القدس)، وإدانة استمرار الحفريات الإسرائيلية التي تهدد الأماكن المقدسة. وجدير بالذكر أن القمة العربية لم تتخذ قط أي تدبير يقابل تلك الإجراءات الإسرائيلية، مع العلم أنه لم يبق لنا من القدس التاريخية سوى كيلو متر واحد يضم الحرم الشريف وقبة الصخرة ومسجد عمر وكنيسة المهد والقبر المقدس وحائط المبكى الذي يعتقد اليهود أنه من هيكل سليمان.



ليس بعيداً أن توصف رسالة الرئيس بوش الابن إلى أرييل شارون بأنها وعد بلفور جديد فهو في موقفه هذا يضفي الشرعية الأميركية على ممارسات "إسرائيل" في القدس. وتهدف هذه الممارسات إلى تهويد القدس التي تحميها لجنة إسلامية وشعب بكامله هو الشعب العربي الفلسطيني.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي الخاص المتواضع، وسبحان من تفرّد بالكمال