عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 06-01-2005, 12:08 PM
horizonss horizonss غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 13
إفتراضي

عذاب القبر
فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ. النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ.(غافر:45-46)
هاتان الآياتان يستدل بهما بعض الناس على أن هناك عذاب قبر، ويصرون على أن واو العطف تعني الترتيب الزمني، أي أنهم يعرضون على النار كل يوم بعد موتهم وقبل يوم القيامة، ويوم تقوم الساعة يدخلون النار، ولا يسمحون بأي معنى آخر، كما لا يستمعون لآيات أخرى قد تشوش عليهم ما اعتقدوه أو تشككهم به.
وإلا فإن يعرضون على النار تعني في القرآن يعذبون فيها، ومن ذلك قوله تعالى: وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ. وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ.(الشورى:44-45)
والقرآن يصور ما سيكون بصورة ما كان: ِقيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ.(يس:26-27)
فالذي تتحدث عنه الآيات لم يدخل الجنة بعد ولكن الآية تتحدث بلسان حاله فيما سيكون عليه في الآخرة.

ثم إن فرعون ذكر في عدد من الآيات بأنه سيعذب يوم القيامة وليس قبلها: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ. إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ. يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ.(هود:97-99)
ولن يعذب فرعون أو غيره قبل أن يحاسب، ولن يحاسب أحد قبل يوم الحساب، وهذا ما نسيه أو تناساه من قال بأن فرعون يعذب في قبره:
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ.(هود:103)
وقد أخر الله الحساب ليوم القيامة:وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُود.(هود:104)
وبعد الحساب يتقرر مصير الإنسان: يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد.(هود:105)
والآيات التي تؤكد أن العذاب سيكون في يوم الحساب كثيرة: وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ.(البقرة:48)
ولن تعلم أي نفس مصيرها إن كان للجنة أو للنار إلا بعد الحساب: وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ.(البقرة:281)
والحساب ضروري كي لا يظلم أحد: فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ.(آل عمران: 25)
ولأن الحساب سيكون عادلاَ ودقيقاَ فلن يشعر أحد بأنه ظلم: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ.(الأنبياء:47)
ولن تعلم الأنفس مصائرها أفي الجنة أم النار إلا يوم القيامة وليس قبل ذلك: وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ. عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ.(الإنفطار:4-5)
فيوم الحساب هو يوم القيامة، ولهذا يقول نبي الله ابراهيم: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ.(ابراهيم:41)
ولم يأت ذكر لعذاب القبر في القرآن على الإطلاق: لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِن وَاقٍ.(الرعد:34)
والعذاب المذكور في القرآن هو عذاب الآخرة، ولذلك يتمنى الكافر لو كان الموت أبدياً حتى لا ينهض ويحاسب ويحكم عليه بالنار، ولو كان في القبر عذاب فلن يكون الموت موتاً لأنه يعذب: فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ. وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً. فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ. وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ. وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ. يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ. فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ. إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ. فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ. فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ. قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ. كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ. وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ. وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ. يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ. مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ. هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ.(الحاقة:13-29)

وفي صورة قرآنية أخرى يظهر بوضوح أن القبر لم يكن قطعة من نار بالنسبة للكافر: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ .قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ.(يس:51-52)
ولو كان الكافر يعذب في قبره، وقامت القيامة فسيفرح بقيامها لأن فترة الحساب ستكون بالنسبة له فترة راحة ما بين عذاب القبر وعذاب جهنم، ولن يولول بالويل والثبور على بعثه من الموت الذي وصفه بأنه كان مرقداً تمنى لو استمر.
ولكن البعث جاء كما وعد الرحمن: إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ.(يس:53)
ليحاسب الناس، وعندها فقط يحكم عليهم بنار أو جنة حسب ما قدمت أيديهم: فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ.(يس:54)
ويكون القرآن بريئ من أي ذكر لعذاب القبر، بل إن الآيات تؤكد أن العذاب لن يكون قبل الحساب، وأن الحساب لن يكون قبل يوم القيامة، وأن الحساب لن يكون إلا مرة واحدة، ونتيجة لذلك الحساب الرباني العادل فسيكون مصير الناس الجنة أو النار.
ثم إن من يحاسب هو الله وليس منكر ونكير، اللذين إن كانا ملكين، وأنا لا أعتقد ذلك، فسيبعثان مثل بقية مخلوقات الله في كل الكون، وسيحاسبان مثل بقية مخلوقات الله كلها في كل الكون: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ.(ابراهيم:48)
ويكون الفقهاء والمحدثون قد قالوا بعذاب القبر، بينما أنكره القرآن، وعلى كل شخص أن يتبع من القولين ما يرى أنه الحق، ولن يعلم إن كان اختياره صحيح أم خاطئ إلا يوم الحساب.
والسلام عليكم
انتهى.