عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 09-01-2005, 08:02 AM
غــيــث غــيــث غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: الخيمة العربية
المشاركات: 5,289
إفتراضي

أما شبهة :تجويزهم الخروج على الحاكم الفاسق !


فالرد على الشبهة:

قد استقرّ الإجماع وانعقد على تحريم الخروج على الحاكم الفاسق ؛
ومن ثم فلا يجوز الخروج عليه ولو ظهر منه الظلم والفسق والعدوان ،
مالم يصل للحدّ المبيح للخروج وهو : الكفر .


جاء في الصحيحين ( خ : 7056 - م : 4748 ) :
« إلا أن تروا كفراً بواحاً » .

ولابن حبان ( 4566 ) :
« إلا أن تروا معصيةً لله بواحاً » .

فهل فيها دليلٌ على تجويز الخروج حال المعصية ؟

الجواب :

لا

لا حجة في هذه الرواية - على تجويز الخروج على الحاكم الفاسق -
من أوجه :
1 .أن لفظ الصحيحين « كفراً بواحاً » ؛
وقد قرر الحاكم - رحمه الله - أن الحديث إن كان في الصحيحين وجاءت في
غيرهما زيادة فهي ضعيفة ، فـ - على أقلّ تقدير - يجب النظر في ثبوت
هذه الزيادة .
وليس لأحد أن يقول أنها ( ليست زيادة ؛ لأنها إبدال لفظٍ بلفظ ) ! لأن
الزيادة هنا في المعنى .

2. أنه يجب تفسير ( المعصية ) - هنا - بالكفر ؛ فالكفر - من حيث
الاسم - يسمّى معصيةً . والموجب لهذا أمران :
 الإجماع المستقرّ على منع الخروج إلا في حالة الكفر .
 الأحاديث الأخرى المانعة من الخروج على الحاكم ولو عصى .

3. - وهو وجه قويّ دقيقٌ - :
أن الحديث الذي فيه ( الكفر ) سيق في غير مساق الحديث الذي فيه (
المعصية ) .
يتضح هذا بالنظر لسياق الحديثين ؛

فحديث « كفراً بواحاً » جاء جواباً على السؤال عن مشروعية المنابذة (
الخروج ) .
وحديث « معصيةً لله بواحاً » جاء تقريراً لعدم الطاعة في المعصية .

فالمعنى :
لا تخرجوا إلا إن رأيتم الكفر البواح .
ولا تطيعوا إن أمرتم بالمعصية .


ومعلومٌ أن النهي عن الطاعة في المعصية لا يستلزم تجويز الخروج ؛ إذ
غايته ألاّ يطاع في تلك المعصية فحسب .

ويتّضح هذا التأويل بتأمل اللفظين :

( . . . وألاّ ننازع الأمر أهله ، قال : « إلا أن تروا كفرا ‏‏ بواحاً‏ ‏عندكم
من الله فيه ‏ ‏برهان » ) [ البخاري ومسلم ] .

« اسمع وأطع في عسرك ويسرك ومكرهك وأثرةٍ عليك ، وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك ؛ إلا أن تكون معصيةً لله بواحاً » [ ابن حبان ] .

وهو في معنى ما في الصحيحين ( خ : 7257 - م : 4742 ) :
« لا طاعة في معصية الله » ، والله أعلم .

ثم وجدتُ لابن حجر - رحمه الله - ما يؤيد ما قررته في الوجه الثالث من
اختصاص رواية الكفر بالخروج ورواية المعصية بالإنكار وعدم الموافقة
بدون خروج ؛ حيث قال بعد أن ذكر الروايتين ( الفتح 13/8 ) :
« والذي يظهر :

حمل رواية ( الكفر ) على ما إذا كانت المنازعة في الولاية ؛
فلا ينازعه بما يقدح في الولاية إلا إذا ارتكب الكفر .

وحمل رواية ( المعصية ) على ما إذا كانت المنازعة فيما عدا الولاية ؛
فإذا لم يقدح في الولاية نازعه في المعصية بأن ينكر عليه برفق ويتوصل
إلى تثبيت الحق له بغير عنف ،
ومحل ذلك إذا كان قادراً .

والله أعلم

منقول
__________________