عرض مشاركة مفردة
  #98  
قديم 10-01-2005, 04:05 AM
المشرقي الإسلامي المشرقي الإسلامي غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 637
إفتراضي

فلسطين ‏2004..‏ والحصاد المر

بقلم:‏ د‏.‏ أحمد يوسف القرعي

صحيفة الأهرام 23/12/2004



كان من المأمول أن يكون عام ‏2004‏ هو عام التحضير لإعلان قيام الدولة الفلسطينية خلال عام ‏2005‏ وفقاً لوعد الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في إطار خريطة الطريق‏.‏ إلا أن الأحداث خلال عام ‏2004‏ قد جاءت بما لا تشتهي السفن الفلسطينية وصدر وعد آخر مناقض تماماً لوعد قيام الدولة الفلسطينية وأعني به خطاب ضمانات بوش الذي كان بمثابة وعد بلفور جديد وأكثر من هذا شهد عام ‏2004‏ استكمال بناء الجدار العنصري العازل لاحتواء القدس الكبرى‏.‏ وفي تصوري أن كلاً من وعد بوش والجدار العنصري يمثل الحصاد الأكثر مرارة للقضية الفلسطينية خلال عام ‏2004.‏

أولاً‏-‏ خطاب ضمانات بوش ‏(‏وعد بلفور الجديد‏):‏


في ‏(14‏ أبريل ‏2004)‏ تناسى الرئيس الأمريكي بوش مركز بلاده التفاوضي كراع لعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط‏، كما تجاهل بروتوكولات الملاءمة السياسية المعروفة أو المتعارف عليها‏، وعبر الرئيس بوش في خطاب لأرييل شارون وكذا في مؤتمرهما الصحفي المشترك ‏(14‏ أبريل ‏2004)‏ عن موقف أمريكي منحاز لإسرائيل بتأييد خطة شارون على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها إنكار حق الفلسطينيين في القدس القديمة كعاصمة لدولتهم وشطبها من قضايا الحل النهائي‏، هذا إلى جانب ما يلي‏:‏
‏-‏ إلغاء حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم داخل "إسرائيل"‏.‏
‏-‏ إعطاء "إسرائيل" الحق في التوسع وضم أراض فلسطينية خارج حدود ‏1949.
‏-‏ التعهد بالحفاظ على أمن "إسرائيل" مع إبراز الصفة اليهودية لها‏.‏
‏-‏ مواجهة أية محاولة لطرح أية خطة للتسوية من جانب أي طرف آخر‏.‏
‏- التصريح لإسرائيل باقتحام قطاع غزة وملاحقة عناصر أو منظمات فلسطينية بدعوى الدفاع عن أمن "إسرائيل" والاحتفاظ بمواقع عسكرية في القطاع‏.‏
ومثل تلك الضمانات الأمريكية وغيرها أشبه بوعد بلفور جديد صادر عن الإدارة الأمريكية‏، وهذا الوعد أخطر من وعد ‏2‏ نوفمبر‏1917‏ الصادر من وزير الخارجية البريطاني آنذاك‏، فالوعد الأمريكي المعاصر يتحقق على أرض الواقع‏، حيث نسف المبادئ التي يقوم عليها الحل النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين والمتعلقة بالقضايا الخمس الأساسية وفي مقدمتها قضية القدس‏.‏ ومن ناحية أخرى‏، فإن الوعد الأمريكي الجديد يلغي عملياً الأسس والمرتكزات التي ستقوم عليها الدولة الفلسطينية لأنه حدد مسبقاً مضمون الحل النهائي بما يستجيب للشروط الإسرائيلية‏. ‏ولعل الرئيس الأمريكي قد أكد هذا بعد ذلك عندما تراجع عن الوعد المفترض لقيام الدولة الفلسطينية وهو نهاية ‏2005‏ وتأجيله لأربع سنوات قادمة‏.‏
ثانياً‏-‏ الجدار العنصري والاحتواء الإسرائيلي للقدس الكبرى‏:‏

يعد الجدار العنصري العازل الذي تقيمه "إسرائيل" حالياً أخطر مشروع لاحتواء القدس وفصلها عن محيطها الفلسطيني العربي بهدف استكمال مخطط توسيعها وتهويدها بالكامل‏.‏ ففي إطار مخطط مبرمج تواصل "إسرائيل" إقامة قدس كبري يهودية الأرض والسكان تضم مليون يهودي في المستقبل القريب‏..‏ وتفشل "إسرائيل" في إحراز اعتراف دولي لهذا الانتهاك الصارخ لكل المواثيق الدولية‏..‏ وبرغم هذا تواصل إقامة القدس الكبرى واتخذت في سبيل هذا أساليب استعمارية عنصرية‏، جاء في مقدمتها توسيع بلدية المدينة المقدسة المحتلة علي حساب الأراضي الفلسطينية واستكمال تهويدها بإقامة الجدار العازل حولها بعد إحاطتها بسياج من المستعمرات الاستيطانية بهدف خلخلة التوازن الديموجرافي لصالح الإسرائيليين بعد أن تبين بالدراسات الحديثة أن العرب المقدسيين أصبحوا يشكلون ‏35%‏ من المجموع العام للسكان في القدس الموحدة‏.‏ ولقد مرت عملية توسيع بلدية القدس الشرقية علي حساب أراضي الضفة الغربية بعدة مراحل منذ احتلالها عام ‏1967 ‏ومع توسيع أرض بلدية القدس المحتلة‏، لجأت "إسرائيل" إلى تغليب السكان اليهود على أصحاب الأرض المقدسيين العرب‏.‏ كما قامت "إسرائيل" بإخراج قرى ومناطق عربية من حدود بلدية القدس وبالتالي التخلص من السكان العرب ‏(كفر عقب‏، منطقة مطار القدس‏)‏ وتقوم الخطة علي الخطوات التالية‏:‏
‏*‏ تعزيز الوجود الإسرائيلي الأمني والاستيطاني خارج حدود بلدية القدس بإقامة ثلاثة أحزمة استيطانية‏، وفي مقدمتها حزام مستعمرتي جبل أبو غنيم وجيلو‏.‏
‏*‏ إنشاء لواء عسكري خاص يكون مسئولاً عن إغلاق القدس وفصل مناطق كثيرة بواسطة حواجز عسكرية وليس ‏(شرطية‏)‏ عن مركز المدينة‏.‏
*‏ إغلاق جميع المؤسسات الفلسطينية الموجودة في القدس وإبعاد الشخصيات الوطنية أو التحقيق معها وإبلاغها أنها شخصيات غير مرغوب فيها‏.‏
‏*‏ سحب الهويات الإسرائيلية من المواطنين المقدسيين الساكنين في المناطق التي سيتم تحويلها إلي مناطق فلسطينية ‏(‏مثل بيت جنينا‏)‏ وتسليمهم هويات فلسطينية مع أبنائهم تحت السيطرة الإسرائيلية ‏(منطقة ج‏)
‏*‏ ربط حزام القدس الشرقي بالقدس الغربية عن طريق الأنفاق التي تشق الآن ‏(جبل الشارف وجبل الزيتون‏).‏

وفي زحمة الأحداث العصيبة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط حاليا والحرب المدمرة التي تشنها آلة الحرب الشارونية علي المناطق الفلسطينية الآمنة في الضفة وغزة‏، لا تزال "إسرائيل" تواصل عملية تهويد القدس الكبرى وفق المخطط المرسوم والمبرمج‏..‏ والخوف كل الخوف أن تستكمل "إسرائيل" مخططها وتفرض أمراً واقعاً بالتنسيق مع الولايات المتحدة‏:‏ حليفتها الاستراتيجية‏.‏

وأخيراً فإن واقع قضية القدس مع بداية عام جديد ‏(2005)‏ يبدو صعباً أكثر من أي وقت مضى ولكن إرادة انتفاضة الأقصى لن تخبو‏.‏ هكذا علمتنا دروس حركات التحرير من أجل الاستقلال‏.‏
__________________
هذا هو رأيي الشخصي الخاص المتواضع، وسبحان من تفرّد بالكمال