البقية =======>
التفوق الروحي هو الحل:
حيوية الأمة شبه معطلة مع أن أسباب الحيوية موجودة ومتاحة، وهي العقيدة والإيمان والوحدة؛ وصلاح الدين الأيوبي، حين واجه الصليبيين، حرص على وحدة المسلمين على أساس العقيدة، ثم جمع الأمة تحت راية الإسلام، وحارب المجرمين واللصوص وقضى على الجريمة، وجمع المسلمين على إحياء فريضة الجهاد في سبيل الله؛ وبهذا انتصر.
إن عقيدة الإسلام هي التي عزت بها الأمة المقهورة، وتحولت على أثرها إلى أمة تمكنت من رد العالم إلى الله، وإخضاعه لكلمة العدل المطلق، وأحيت المفهوم الإنساني الواسع لكلمة حقوق الإنسان، التي ترتبط بتوحيد الخالق، رب كل الخلق.
إذا أردنا أن نقف أمام هذه الموجة الطاغية؛ فالعقيدة سر قوة الإنسان، وسر الخوارق التي صنعها المسلمون على الأرض، وهي الزاد الحقيقي الذي دفع أسلافنا إلى البذل والجهاد، والتضحية والفداء، وبذل العمر الفاني المحدود في سبيل الحياة الباقية: (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [العنكبوت: 64]، هي التي تجعل الأفراد القلائل يقفون أمام قوى الباطل، وقوى المال، وقوى الحديد والنار؛ فإذا بها كلها تنهزم أمامهم؛ هي القمة الكبرى في حياة الفرد، وفي حياة الجماعة، وفي حياة الأمة. إن هذه العقيدة هي القوة الهائلة في حياتنا العميقة في كياننا، لا يمكن أن يتخلى عنها الفرد أو الأمة، في الصراع مع الباطل، إلا أن يكون هناك اضطراب في الموازين أو قصور في الفهم، ومن العقيدة ينبثق كل شيء، فهي القاعدة التي ينطلق منها وينظر إلى الدنيا وما عليها من خلالها، فسعي المسلم وعلمه وحياته تصبغه بها: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) [البقرة: 138].
أيها المسلمون:
للأسف الشديد أن عدوكم وهو على الباطل يتمسك بدينه؛ فهو يحرم الزواج المدني ولا يقبل من يهودي أن يعمل في يوم السبت، ولقد رفض رئيس إسرائيل وسار في جنازة على الأقدام، حيث وافق اليوم الذي يحرم فيه استخدام وسائل النقل؟ لقد قالوا: «إن شعب إسرائيل لم يحافظ على السبت، بل إن السبت هو الذي حافظ على شعب إسرائيل“.
بالإيمان المزعوم يهاجر اليهودي من أقصى الدنيا، ويضحي، ويتحمس، ويسرق الاختراعات ويقاتل، كل ذلك في سبيل الباطل والضلال والعدوان.
ماذا كان يملك أسلافنا؟ لا شيء سوى عقيدة التوحيد، والإحساس بأنهم يقاتلون من أجل الحق، ومن أجل قيم أفضل، ونظرة للوجود أشمل، والإنسان أرقى وأكمل، ونظراتهم أفضل من نظرة خصومهم، وأحق بأن تنصر.
روى الطبري أن قيصر بعث جاسوسه إلى معسكر المسلمين، فعاد إليه بصفة المسلمين فقال: «هم بالليل رهبان، وبالنهار فرسان، ولو سرق ابن مليكهم قطعوا يده، ولو زنى رجم، لإقامة الحق فيهم».
أسلافكم بالعقيدة انتصروا، وتعلموا وعلموا وجاهدوا واخترعوا وهاجروا وشيدوا، وأثروا التاريخ البشري. إن نقطة البدء في كل حضارة وتقدم هي العقيدة، هي القيم الصحيحة التي تقود وتوجه، هي الأفكار الربانية التي تملأ العقل والقلب، وتبني الأمم والحضارات.
إن العقيدة هي الراية التي يجاهد المؤمنون تحتها وينتصرون من أجلها وبها، ولا بد من اتخاذ الأسباب من قوة روحية ومادية، لنواجه المؤامرات التي تدخل علينا من كل باب، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج: 40 - 41].
===================================
منقول من مجلة البيان للفائدة
حقيقة لا بد منها ....
ما أعظم الجهاد .... به تعود لنا العزة المفقودة
الهلالى
|