عرض مشاركة مفردة
  #22  
قديم 13-01-2005, 06:51 AM
الهلالى الهلالى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 1,294
إفتراضي

البقية ========

الطائفة الأولى:

غلت في هذا الباب فأصبحت تُكفِّر بالذنوب، فتُكفِّر من يزني ومن يسرق ومن يشرب الخمر ونحوها من المعاصي، وهؤلاء هم الخوارج الذين مرقوا من الدين، وجاء أنهم كلاب النار، وأنهم شرُّ الخلق والخليقة – نسأل الله السلامة والعافية -.

الطائفة الثانية:

وهم المرجئة الذين يعتقدون أن الأعمال غير داخلةٍ في مسمى الإيمان فلا يكفر العبد إلا إذا استحلَّ بقلبه، فلا يُكفِّرون من يسجد للصنم، ويدعوا غير الله، ويسبُّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يرون الكفر إلا في الجحود والتكذيب القلبي وحده – نسأل الله السلامة والعافية -.

وكلا الطائفتين على بدعةٍ وضلالةٍ – والعياذ بالله -، وأصل نزاعهم أنهم جعلوا الإيمان شيئاً واحداً، إذا زال بعضه زال جميعه، وإذا ثبت بعضه ثبت جميعه، فلم يقولوا بأنه يزيد وينقص فيذهب بعضه ويبقى بعضه.

وأما أهل السنة فهم متفقون على أن العبد لا يكفر بالذنب، وإنما يكفر إذا وقع في أحد نواقض الإيمان والإسلام التي وردت النصوص الشرعية والأدلة المرعية بخروج مرتكبها من دائرة الإسلام فمنها مثلاً: الشرك كأن يدعو العبد غير الله سبحانه وتعالى، أو يذبح لغيره، أو نحوها من العبادات فمن صرف شيئاً منها لغير الله فقد كفر، فالذي يدعو علياً رضي الله عنه أو البدوي أو عبد القادر الجيلاني أو غيرهم، وكذا من يدعو الأشجار والأحجار والملائكة والأنبياء فقد كفر قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء) [النساء: 48]، وعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار) رواه مسلم.

ومن النواقض أيضاً: السحر قال تعالى: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ) [البقرة:102].

ومنها: الاستهزاء بالله، أو برسوله صلى الله عليه وسلم، أو بدين الإسلام، أو بشيءٍ من شعائره قال تعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) [التوبة: 65-66].

ومنها: مظاهرة اليهود أو النصارى أو نحوهم من المشركين على المسلمين قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة:51].



الإيمان بالغيب:

إن من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بكل ما أخبر الله سبحانه وتعالى به، وما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم مما صحَّ عنه من الغيب قال تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) [البقرة 3] وأخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال صلى الله عليه وسلم: (مفاتيح الغيب خمسٌ لا يعلمهنَّ إلا الله (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [لقمان: 34].

ومثال ذلك الإيمان بالعرش والكرسي قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ) [هود: 7]، وقال تعالى: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ) [البقرة: 255].

ومن ذلك أيضاً الإيمان بعذاب القبر ونعيمه وسؤال الملكين للعبد في قبره قال تعالى: (وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) [غافر: 45-46]، وقال تعالى: (سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ) [التوبة: 101].

وأخرج البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليَسْمَعُ قرعَ نِعالهم، قال: يأتيه ملكان فيُقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل، قال: فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، قال: فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: فيراهما جميعاً، قال قتادة وذكر لنا: أنه يُفسح في قبره، ثم رجع إلى حديث أنس، قال: (وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد ضربة، فيصيح صيحة، يسمعها من يليه غير الثقلين).

ومِنْ ذلك إيمانهم بالبعثِ بعد الموت، و مَا يحصُل في ذلك اليوم العظيم من الشدائد والأهوال، وحساب الله لخلقه على الأعمال قال تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [البقرة: 203]، وقال تعالى: (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ) [الحج 7]، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [الحج:1-2]، وقال تعالى: (وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) [البقرة:281]، وقال تعالى: (قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكَثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * وَلَلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرضِ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ * وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [الجاثية: 26-28].

ومن ذلك إيمانهم برؤية المؤمنين لربهم في الآخرة قال تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) [القيامة: 22-23]، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن ناساً قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟) قالوا: لا يا رسول الله، قال: (هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟) قالوا: لا، قال: (فإنكم ترونه كذلك) الحديث، أخرجاه في الصحيحين بطوله.

ومن ذلك إيمانهم بالشفاعة لمن أذن الله له فيها، ورضي عن المشفوع له قال تعالى: (وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) [سبأ: 23]، وقال تعالى: (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى) [الأنبياء: 28].

وممن يشفع الأنبياء والملائكة والشهداء ومن أذن له الله سبحانه وتعالى من الصالحين.

يتبع ===========