عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 23-01-2005, 04:16 AM
الحافي الحافي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2004
الإقامة: أطهر أرض و (أنجس) شعب
المشاركات: 639
إفتراضي

وإن من دواعي الثبات والاستبسال - كما رأيناه على أرض الفلوجة - أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن من علامات انتصار دين الإسلام أنه لن تستطيع قوة في الأرض أن تهلك جميع المؤمنين كما كان يخشى في عهد نوح أو في أول الرسالة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أن الجهاد سيبقى قائما عاملا في الأرض كما ورد في الحديث الصحيح :

" لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك "

إن النصر ومصير هذا الدين بيد الله سبحانه فقد تكفل به ووعد به فإن شاء نصره وأظهره وإن شاء أجله وأخره

فهو الحكيم الخبير بشؤونه ، فإن أبطأ فبحكمة مقدرة فيها الخير للإيمان وأهله .

وليس بأحد بأغيرعلى الحق وأهله من الله

{ يومئذ يفرح المؤمنين بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم
وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون }

لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله *** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

فإن الله سبحانه وتعالى جلت قدرته وعزت عظمته يمن على المؤمنين بالنصر أحيانا ويبتليهم منه أحيانا اخرى فيحرمهم من هذه النعمة ويذيقهم طعم الابتلاء لحكم يقدرها ويعلمها .

قد ينعم الله في البلوى وإن عظمت *** ويبتلي الله بعض القوم بالنعم


وقد عدّ ابن القيم – رحمه الله – في زاد المعاد نُـبذا من هذه الحكم ، فقال :

( منها ..

أن هذا من أعلام الرسل كما قال هرقل لأبي سفيان : هل قاتلتموه ؟ قال نعم ، قال : كيف الحرب بينكم وبينه ؟ قال سجال يدال علينا مرة وندال عليه أخرى ، قال :

كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة

ومنها .. أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب فإن المسلمين لما أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدر وطار لهم الصيت دخل معهم في الإسلام ظاهر من ليس معهم باطنا فاقتضت حكمة الله عز وجل أن سبب لعباده محنة ميزت بين المسلم والمنافق فأطلع المنافقون رؤوسهم في هذه الغزوة وتكلموا بما كانوا يكتمونه ، وظهرت مخابتهم ، وعاد تلويحهم تصريحا ، وانقسم الناس إلى : كافر ومؤمن ومنافق ، وعرف المؤمنين أن لهم عدوا في نفس دورهم وهو معهم لا يفارقونهم ، فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم .

ومنها .. لو نصر الله المؤمنين دائما وأظفرهم بعدوهم في كل موطن ، وجعل لهم التمكين والقهر لأعدائهم أبدا لطغت نفوسهم وشمخت وارتفعت فلو بسط لهم النصر والظفر لكانوا في الحال التي يكونون فيها لو بسط لهم الرزق ، فلا يصلح عباده إلا السراء والضراء والشدة والرخاء والقبض والبسط فهو المدبر لأمر عباده كما يليق بحكمته إنه بهم خبير بصير .

ومنها .. استخراج عبودية أوليائه وحزبه في السراء والضراء فيما يحبون وفيما يكرهون ، وفي حال ظفرهم وظفر أعدائهم بهم فإذا ثبتوا على الطاعة العبودية فيما يحبون وما يكرهون فهم عبيده حقا ، وليسوا كمن يعبد الله على حرف واحد من السراء والنعمة والعافية .

ومنها .. أنه إذا امتحنهم بالغلبة والكرة والهزيمة ذلوا وإنكسروا وخضعوا فاستوجبوا منه العزة والنصر ، فإن خلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذل والإنكسار قال تعالى : { ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة } وقال : { ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا } .
فهو سبحانه إذا اراد أن يعز عبده ويجبره وينصره كسره أولا ، ويكون جبره له وانكساره له ونصره على مقدار ذله وانكساره .

ومنها .. أن الله سبحانه هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لم تبلغها أعمالهم ، ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه ، كما وفقهم للأعمال الصالحة التي هي من جملة أسباب وصولهم إليها .

ومنها .. أن النفوس تكتب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغيانا وركونا إلى العاجلة ، وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة ، فإذا اراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته قيض لها من الابتلاء والامتحان ما يكون دواء لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه ؛ فيكون ذلك البلاء والمحنة بمنزلة الطبيب يسقي العليل الدواء الكريه ويقطع منه العروق المؤلمة ؛ لاستخراج الأدواء منه ولو تركه لغلبته الدواء حتى يكون فيها هلاكه .

ومنها .. أن الشهادة عند الله من أعلى مراتب أولياؤه ، الشهداء هم خواصه والمقربون من عباده وليس بعد درجة الصدّيقـيّـن إلا الشهادة ، وهو سبحانه يحب أن يتخذ من عباده شهداء ستراق دمائهم في محبته ورضائه ويؤثرون رضاه ومحابه على نفوسهم ، ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسلط العدو ) انتهى كلامه – رحمه الله -

يقول الله عز وجل : { كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون } .

قال الإمام ابن القيم في الفوائد :
( في هذه الآية عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والمحبوب قد يأتي بالمكروه لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعواقب فإن الله يعلم منها مالا يعلمه العبد أوجب له ذلك أمورا .. منها :

أنه لا أنفع له من امتثال الأمر وإن شق عليه في الابتداء ؛ لأن عواقبه كلها خيرات ومسرات وأفراح وإن كرهته نفه فهو خير لها وأنفع ، وكذلك لا شي أضر عليه من ارتكاب النهي وإن هويته نفسه ومالت إليه ؛ فإن عواقبه كلها آلام وأحزان وشرور ومصائب ، وخاصية العقل تحمل الألم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير ، واجتناب اللذة القصيرة لما يعقبها من الالم العظيم والشر الطويل .

ومن أسرار هذه الآية .. أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور والرضى بما يختاره له ويقضيه لما يرجو له

ومنها .. أنه لا يقترح على ربه ولا يختار عليه ولا يسأله ما ليس له به علم فلعل مضرته وهلاكه فيه وهو لا يعلم ؛ فلا يختار على ربه شيئا بل يسأله حسن الاختيار له وأن يرضيه بما يختاره فلا أنفع له من ذلك .

ومنها .. أنه إذا فوض أمره على ربه ورضي بما يختاره له أمده فيما يختاره له بالقوة عليه والعزيمة والبر ، وصرف عنه الآفات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه وأراه من حسن عواقب اختياره له مالم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه .

ومنها .. أنه يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات ، ويفرغ قلبه من التقديرات والتدابير التي يصعد منها في عقبة وينزل في أخرى ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليه ، فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به فيه ، وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به فيه ؛ لأنه مع اخياره لنفسه ومتى صح تفويضه فعطفه يقيه ما يحذره ، ولطفه يهون عليه ما قدره ،إذا نفذ القدر في العبد كان من أعظم اسباب نفوذه تحيله في رده ، فلا أنفع له من الاستسلام وإلقاء نفسه بين يدي القدر طريحا كالميتة ؛ فإن السبع لا يرضى بأكل الجيف ) انتهى كلامه – رحمه الله –
__________________
http://hewar.khayma.com/showthread.php?s=&threadid أن المفهوم السياســي للوطن في الإعلام العربي والخطاب السياسي ـ غالبا ـ ينتهي إلى أنه الكذبة الكبرى التي اصطلح الجميع على إستعمالها للوصول إلى أطماعه الخاصة ، الحزب الحاكم يستعملها مادامت توصله إلى أطماعه ، وطبقة التجار كذلك ـ إن كانت ثمة طبقات تجار خارج السلطة التنفيذية ـ مادموا يحصلون على الصفقات الكبرى ، والأحزاب الساعية للسلطة يمتطــون هذا المفهوم للوصول إلى السلطة .


ولهذا ينكشف الأمـر عندما يتخلى الزعيم عن الأرض هاربا عندما يفقد سلطته ، وتعيش الأحزاب السياسية خارج الوطـن ، وهي تتاجر سياسيا بشعاره ، ويُخرج التجار أموالهم ليهربوا إليها عندما تتهدد مصالحهم التجارية في الوطــن ، بينما كانوا يجعلون الأرض سوقا استثماريا فحسب ، ويبقى فيها الشعب المسكين الذي كان مخدوعا بهذه الكذبة ، حبّ الوطن ، إنه حقـا زمــن الزيــف والخــداع .
=46969