عرض مشاركة مفردة
  #111  
قديم 28-01-2005, 03:50 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

وقوله -عليه الصلاة والسلام- : ( إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) فسر بتفسيرين ، يعني: العلماء اختلفوا فيه على قولين : ومجمل هذين القولين : أن هذا إما أمر ، وإما ليس بأمر ، ومن قال : إنه أمر قال : معنى الحديث إذا كان الأمر الذي تريد إتيانه مما لا يستحيا منه فاصنع ما شئت من تلك الأمور التي لا يستحيا منها عند المؤمنين .

يعني: إذا كان الأمر ليس حراما ، وليس مما يخرم مكارم الأخلاق والمروءات ، ولم يكن فيه تفريط بواجب ، ولم يكن مما يستحي منه في الشرع فاصنعه ولا تبال؛ لأن هذا دليل أنه لا بأس به ، وهذا قول جماعة من أهل العلم ، منهم إسحاق وأحمد ، وجماعة كثيرون .

والقول الثاني : أنه ليس بأمر ، وأهل العلم في هذا -أيضا- لهم توجيهان :-
الأول : قالوا: إنه خرج عن معنى الأمر الذي هو الإلزام بالفعل إلى التهديد فمعنى ( إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) يعني: إذا لم يكن لك حياء يمنعك من مقارفة الحرام والمنكر ، والتفريط في الواجبات فاصنع ما شئت ، فإن من لا حياء له لا خير فيه ، وهذا يكون خرج للتهديد ؛ لأن صيغة "افعل" عند الأصوليين ، وعند أهل اللغة تأتي ويراد بها التهديد ، كما في قوله -جل وعلا- : إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {40}في سورة فصلت ، وهذا مخاطب به المشركون ، يعني: اعملوا ما شئتم من الأعمال ، وليس هذا تخييرا لهم ، ولكنه تهديد ، ( ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ {49}سورة الدخان ، هذا توبيخ ليس فيه الأمر الذي هو يوجب الامتثال ، ولكن هذا من باب التهكم والتوبيخ والتخويف وهكذا .
فإذن صيغة "افعل" تخرج عن مرادها من أنه إلزام بالفعل إلى صيغ أخرى بلاغية منها : التهديد والتوبيخ ، وأشباه ذلك ، فهنا في قوله : ( فاصنع ما شئت ) هذا على جهة التهديد ، إذا لم يكن لك مانع من الحياء يمنعك عن مقارفة المنكر فإنه افعل ما شئت ، وستلقى الحساب وستلقى سوء هذا الفعل الذي لم يمنعك عنه الحياء .

والوجه الثاني لهذا القول : أن طائفة من أهل العلم قالوا: هذا خرج مخرج الخبر ، يعني: أن ما لا يستحيا منه فإن الناس يصنعونه ، وهذا خبر عن الناس ، وعما يفعلونه ، وهو أن الأمور التي لا يستحيون منها يصنعونها ، إذا لم تستح من ذلك الفعل فلك صنعه ، أو فالناس يفعلونه ، فهو أمر في ظاهرة خبر في باطنه.

وهذان القولان ظاهران ، في الأول ، وفي الثاني ، يعني: أنه أمر أو أنه ليس بأمر خرج على التهديد ، أو على الخبر ، كل هذا قريب ، والحديث يحتمل القول الأول ، ويحتمل القول الثاني .

إنتهى شرح الحديث العشرون

تحياتي

__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }