أقول : إن الجهاد لا يستقيم في أفغانستان والعراق دون الجهاد في جزيرة العرب ، فمهما فعل المجاهدون في تلك البلاد تبقى القوة الأمريكية الجوية مسيطرة لما لها من دعم لوجستي غير محدود في قواعد تهامة ونجد والكويت والبحرين وقطر والإمارات والإحساء ، واسطولها البحري من حاملات للطائرات تحاذي سواحل دول الخليج والبحر الأحمر ..
كيف ينتصر المجاهدون على الأمريكان وطائراتهم آمنة في مطارات الجزيرة تمتلئ بطونها بوقود المسلمين ، ويقوم المهندسون الأمريكان بصيانتها ورعايتها آمنين يحرسهم أبناء المسلمين !! هذا فضلاً عن أن المواد التموينية بل وحتى رواتب هؤلاء الجنود تُدفع لهم من أموال المسلمين عن طريق هؤلاء الحكام المرتدين !!
ليس من العقل ولا التدبير الصحيح التغاضي عن هؤلاء الكفار في جزيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم : فتدمير معسكراتهم في قطَر ووسط الجزيرة والكويت أولى من تدميرها في أفغانستان والعراق لما لهذه المعسكرات والمطارات من نكاية شديدة بالمسلمين .. وقتل أفرادهم ومهندسيهم في جزيرة العرب لا يقل أهمية عن قتلهم في العراق وأفغانستان ، إن لم يكن قتلهم في الجزيرة أولى ..
إن هذا الجهاد ليس قطري ، بمعنى أن الحرب ليست في العراق وأفغانستان فقط ، وليست مفروضة على العراقيين والافغان فقط ، ومن ظن هذا فهو جاهل بمفهوم الأمة الإسلامية الواحدة ، وإنما هذه الحرب بين الكفار والمسلمين ، بين أمريكا وأمة الإسلام ، وساحة المعركة هي : كل الأرض .. فقواعد أمريكا في اليابان وكوريا الجنوبية وجزيرة دييجو جارسيا وافريقيا وأوروبا وتركيا وغيرها من الأماكن كلها ساحات قتال ، ومنشآت أمريكا العسكرية والصناعية والتجارية كلها أهداف قتالية ، وأعظم هذه القواعد العسكرية وأشدها نكاية بالمسلمين هي القواعد الموجودة في جزيرة العرب ، فلا بد من قصدها وتدميرها وقتل من فيها ، وهذا واجب وفرض على جميع المسلمين اليوم (عربهم وعجمهم) ، وهو من النصرة التي أوجبها الله في كتابه {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} ، والتغاضي عن هذه القواعد وتركها تُدير رحى الحرب على إخواننا في الثغور من أعظم الخذلان ..
والرجل الأمريكي الكافر البالغ العاقل : حربي حلال المال والدم ، فأينما وُجد يُقتل ويسلب وتسبى ذريّته ، هذا هو حكم الله ورسوله في الحربي ، وهذا ما كان عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان ..
إن الجهاد في جزيرة العرب ليس لإخراج الكفار منه فحسب ، وإنما هو جهاد لإسقاط أعدى أعداء الأمة الإسلامية ، ولصد هؤلاء الكفار عن بلاد الإسلام الأخرى ، ولضرب مؤخرة جيوشهم ، ولقطع الدعم اللوجستي عنهم ، وللتخفيف عن المجاهدين في العراق وأفغانستان وغيرها من الثغور ، ولإيقاض الأمة الإسلامية ، ولإفشال الخطط الصهيوصليبية في احتلال البلاد الإسلامية ، ولإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ، فليس الأمر تفجير هنا واغتيال هناك ، كما يدعي من لا يفهم حرب الحق والباطل عبر التاريخ ..
إن هذا الدين منصور وظاهر لا محالة ، فقد وعد الله بنصر دينه ، وقضى سبحانه بأن العاقبة للمتقين ، وإنما نحتاج لنصرة دينه إلى الصبر والثبات على ما أمرنا به ، وعلى التوكل عليه حق التوكل ، حتى يكون هذا الجيل أهلاً لنُصرة الله تحقيقاً لقوله سبحانه {إن تنصروا الله ينصركم} ..
أما هؤلاء الذين {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ} ، فقد جهلوا أو تجاهلوا بأنه {يَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} ، فحقيقة هذا الأمر أن الله { أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} ، ولن يوقف هذا الظهور نعيق ناعق أو تلبيس منافق ..
لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله تعالى ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله تعالى ، ثم تكون ملكا عاضا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله تعالى ، ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله تعالى، ثم تكون خلافة على منهاج نبوة .ثم سكت" صلى الله عليه وسلم (الحديث سنده حسن ، وصححه العراقي ، وهو في السلسلة الصحيحة) ..
لقد انقضت النبوة (على صاحبها الصلاة والسلام) ، وانقضت الخلافة التي على منهاج النبوة (رضي الله عن أصحابها) ، وانقضى الملك العاض ، وما أرانا اليوم إلا في مرحلة الحكم الجبري وقد بدت بوادر نهايته قريبة بإذن الله ، ونحن على موعد مع وعد الذي لا ينطق عن الهوى ، فنسأل الله أن يعجل الخلافة التي على منهاج النبوة .. فكما أن يهود يعملون على توطئة الأرض لمسيحهم الدجال فإن أهل الإسلام اليوم (وخاصة المجاهدون) يعملون على توطئة الأرض لهذه الخلافة الموعودة ، فالسعيد من ساهم في إقامتها والشقي من فاته العمل من أجلها ، أما من وقف في وجه العاملين لها فهذا الخاسر المخذول في الدنيا والآخرة ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
إنتهى
|