[ابو رائد]

اللي ما معوش... ما يلزموش

حمود أبوطالب*
مرة أخرى نعود إلى موضوع الساعة, أي الانتخابات... فمن طالع الصحف يوم السبت المنصرم لا شك يدرك أننا دخلنا حقبة جديدة, وبدأنا نؤسس لوعي جديد, أو إذا أردنا أن نحلم ربما نقول إننا نؤسس لتأريخ جديد نسمع فيه صوت المواطن لأول مرة...
لا أخفيكم أنني ضحكت عندما قرأت بعض البرامج التي أطلقها نفر من المرشحين في مدينة الرياض لأنها خارج عمل وصلاحيات المجلس البلدي, وهذا ما أشرنا إليه يوم أول من أمس وهو ضرورة الفهم الجيد لما هو ممكن داخل هذا المجلس وعدم إعطاء وعود بأشياء لن تتحقق. كمان أن هناك بعض الأخبار التي بالإضافة إلى روح النكتة فيها فإنها أيضاً توجب التأمل والمراجعة والانتباه من المسؤولين عن الانتخابات.
حسب صحيفة "عكاظ" في عدد يوم الجمعة المنصرم, قال أحد الناخبين إن واحداً من المرشحين الأثرياء طلب منه إقناع عشرة ناخبين بالتصويت له مقابل تذكرة سفر إلى الرياض - القاهرة - الرياض, مع إقامة خمس ليال ومصروف الرحلة "بحدود خمسة آلاف ريال". وفعلاً نجح ذلك الشخص في تنفيذ رغبة المرشح... ويقول شخص آخر إن أحد المرشحين رصد أكثر من 400 ألف ريال للهدايا و200 جوال وكميات كبيرة من زجاجات العطور الفاخرة, وبدأ الناخبون يتساقطون كالفراش أمام هذا الإغراء المعطَّر...
بالإضافة إلى ذلك, فقد نشرت صحف أخرى أن بعض المرشحين رصد ما يقارب المليون ريال للحملة الإعلامية الدعائية, إضافة إلى المخيمات الفاخرة أو قاعات الفنادق الفخمة وولائم العشاء المكتنزة بما لذ وطاب, وبالتالي فإنه يراهن على كسب أصوات تؤهله إلى دخول المجلس البلدي...
لقد دخل الترشيح أباطرة المال والعقار والمضاربات والأسهم وذوي المناصب العليا سابقاً, ونحن لا نعرف إن كان لديهم أي وقت لخدمة الناس أو حتى التفكير فيهم.
في المقابل بدأت انسحابات الوطنيين المثقفين والأكاديميين أصحاب الوظائف "الكحيانة" الذين لا يملكون غير مرتباتهم التي لا تتيح لهم أكثر من إعلان صغير في صحيفة أو على شبكة الإنترنت لا يكلف أكثر من ألف ريال. وهؤلاء يملكون الوعي ويريدون خدمة المجتمع, ولكن العين بصيرة واليد قصيرة... ومن هنا تبدأ اللعبة, لعبة المال وجبروته مقابل قلة ذات اليد, ونظام الانتخابات لا يمنع صاحب مال من الترشيح, ولا يقف أمام فوزه, وكله بالنظام, واللي ما معوش ما يلزموش... يحيا المال!...