عزيزي حسن ....
قل لي ما لذة النسيم العليل إذا لم يكن بجانبه الريح السموم والعواصف الهوجاء .
وما جمال الخميلة الجميلة والواحة الخضراء إذا لم تكتنفها السهوب الجديبة والرمال القفراء , وما رخامة النغم الجميل إذا لم تميزه النغمة الشاذة والصيحة النكراء , وما قيمت الحياة الوردية السعيدة إذا لم تخالطها حرارة الأسى , ومرارة الشقاء .
إن الله الذي أحاط الزهور بالأشواك وحف الجنة بالمكاره لم يرد أن يدخل عباده الفردوس إلا بعد أن يصليهم نار الجحيم , فإن القبح يظهر الحسن والشر يعلن الخير ليدركوا حلاوة اللذة بعد أن ذاقوا مرارة الألم . والضد يظهر فضل الضد والغيم يعقبه الصحو , والكدر يتلوه الصفو , ومن لم يتعذب لا يتهذب . ومن لا يتألم لا يتعلم , ومن لا يستفد من التعب لا يستفيد من الراحة .
فما بالك إذن يا حسن تعاون الزمن على نفسك , وتفتح للهم بابا إلى قلبك , وتريني مدامعك سائلة بين سطورك وهمومك مستولية على شعورك , لقد كان الحزن يملأ صدري ويلوع فؤادي كلما كنت أراك تتكلف البسمات,
وتحاول أن تخفي , ما خطوط الأسى التي ارتسمت على وجهك , وتأخذ من الكلام والطعام اليسير وتشرب من الهم بالقدح الكبير والصغير .
الزيات
__________________
وإن المصور مهما أجاد
تظل الإجادة دون الأقل
فكم صوروا المقل الساحرات
فهل صوروا سحر تلك المقل
وكم صوروا قبل العشاقين
فهل صوروا طعم تلك القبل
"إلياس فرحات"
|