جاء الخطاب القرآني بالعدل والقسط ( قل أمر ربي بالقسط) وجعل الغاية من أحكامه وتشريعاته أن يقوم الناس بالقسط ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) فالجميع تحت حكم الله سواء لا فضل فيه لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى وجعل سبب سقوط الأمم الظلم كما في الحديث (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) فجاء الخطاب السلطاني ليرسخ أسوء أنواع الطبقية والتظالم فالأمراء طبقات والعلماء طبقات والناس طبقات ولكل طبقة حقوقها ومخصصاتها ومميزاتها وامتيازاتها طبقات وظلمات بعضها فوق بعض؟نازعوا الله في أخص خصائص الربوبية كما في قوله تعالى (لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون) (وله الحكم وإليه ترجعون) كما تنازعه الآلهة الحجرية (القبور والأضرحة) بأخص خصائص ألوهيته (وإياي فاعبدون)؟!0 وأحبار سوء ورهبانها ؟!
! جاء الخطاب القرآني ليقرر (إنما المؤمنون إخوة) وكلكم من آدم وآدم من تراب فعبر عن المساواة بأوضح معانيها وصورها باستعمال لفظ الأخوة التي تدل على المساواة المطلقة بين المؤمنين وجاء الخطاب السلطاني ليرسخ مبادئ الجاهلية فإذا في كل مجتمع إسلامي مسلمون بلا هوية ومواطنون بلا جنسية يمارس المجتمع ضدهم أبشع أنواع الظلم والاضطهاد ثم لا يجد أحبار السوء غضاضة من تبرير ذلك باسم المصلحة الوطنية؟!
جاء الخطاب القرآني ليقرر حرية إبداء الرأي وحق نقد السلطة كما قال تعالى في وصف المؤمنين (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) وكما في حديث البيعة الصحيح (وأن نقول أو نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم) وحديث (دعوه فإن لصاحب الحق مقالا) وحديث (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وجاء الخطاب السلطاني ليقرر مبدأ تحريم نقد السلطة تحت شعار (أول الخروج الكلمة)؟!
جاء الخطاب القرآني بمبدأ (وأمرهم شورى بينهم) وأكد مبدأ (الإمارة شورى بين المسلمين) وحرم اغتصاب السلطة كما قال عمر (من بايع رجلا دون شورى المسجاء الخطاب القرآني بمبدأ (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وأوجب نصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم كما في الحديث ( ولتأطرنه على الحق أطرا ) و( من قاتل دون ماله فهو شهيد ومن قاتل دون دينه فهو شهيد ومن قاتل دون عرضه فهو شهيد ) و( سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جاجاء الخطاب القرآني بالوحدة وأوجب على المسلمين الاجتماع وحرم عليهم الافتراق (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وحرم السمع والطاعة لخليفتين (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الثاني) وجاء الخطاب السلطاني بترسيخ الفرقة وتجويز تقسيم دار الإسلام إلى خمسين دويلة كما أراده أعداء الأمة ولكل حاكم فيها بيعة وطاعة؟!
وجاء الخطاب القرآني ليحفظ على الأمة ثروتها فحرم الاستئثار بأموالها ومنع من العبث بها (ولا تأتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) وأمر بتقسيمها تقسيما عادلا وفق مبدأ (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) وجاء الخطاب السلطاني بتفويض السفهاء في ثروات الأمة فإذا ميزانيات دولها وأموال شعوبها التي تموت جوعا وتعيش فقرا تحت تصرف سفهائها وبيد أعدائها فلا يجد علماء السوء من أحكام الله ورسوله في شأن الأموال إلا جواز الأخذ من هدايا السلطان وأعطياته (فما جاءك من هذا المال بلا استشراف فخذه) فإذا هم شركاء للسفهاء في استباحة أموال الأمة ليصدق فيهم قوله تعالى (إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل) وقول رسوله صلى الله عليه وسلم (أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون) وقوله (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)؟!
__________________
http://hewar.khayma.com/showthread.php?s=&threadid أن المفهوم السياســي للوطن في الإعلام العربي والخطاب السياسي ـ غالبا ـ ينتهي إلى أنه الكذبة الكبرى التي اصطلح الجميع على إستعمالها للوصول إلى أطماعه الخاصة ، الحزب الحاكم يستعملها مادامت توصله إلى أطماعه ، وطبقة التجار كذلك ـ إن كانت ثمة طبقات تجار خارج السلطة التنفيذية ـ مادموا يحصلون على الصفقات الكبرى ، والأحزاب الساعية للسلطة يمتطــون هذا المفهوم للوصول إلى السلطة .
ولهذا ينكشف الأمـر عندما يتخلى الزعيم عن الأرض هاربا عندما يفقد سلطته ، وتعيش الأحزاب السياسية خارج الوطـن ، وهي تتاجر سياسيا بشعاره ، ويُخرج التجار أموالهم ليهربوا إليها عندما تتهدد مصالحهم التجارية في الوطــن ، بينما كانوا يجعلون الأرض سوقا استثماريا فحسب ، ويبقى فيها الشعب المسكين الذي كان مخدوعا بهذه الكذبة ، حبّ الوطن ، إنه حقـا زمــن الزيــف والخــداع .
=46969
|