جاء الخطاب القرآني بالتوحيد الخالص فلا إله إلا الله ولا ملك إلا الله ولا مالك إلا الله ولا خالق إلا الله ولا حاكم إلا الله ولا رب إلا الله كما قال تعالى (وله كل شيء) (له ملك السماوات والأرض)(ألا له الخلق والأمر) (إن الحكم إلا لله) فهو سبحانه (رب الناس ملك الناس إله الناس) وجاء الخطاب السلطاني ليجعل مع الله آلهة أخرى من الأصنام البشرية (الرؤساء والعلماء) يخضع الجميع لحكمهم ويسلموا لقولهم مهما بدا بطلانه واضحا وتناقضه فاضحا فتحالف الفريقان (السلطان والرهبان) ليعطلوا هدايات القرآن من أجل أهواء السلطان فإذا هم أرباب من دون الله كما في قوله تعالى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) يحلون الحرام ويحرمون الحلال ويشايعون أهواء الملوك فإن شاءوا صار القتال جهادا وإن شاءوا صار إرهابا فطاعتهم من طاعة الله ؟!
جاء الخطاب القرآني بالعدل والقسط ( قل أمر ربي بالقسط) وجعل الغاية من أحكامه وتشريعاته أن يقوم الناس بالقسط ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) فالجميع تحت حكم الله سواء لا فضل فيه لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى وجعل سبب سقوط الأمم الظلم كما في الحديث (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) فجاء الخطاب السلطاني ليرسخ أسوء أنواع الطبقية والتظالم فالأمراء طبقات والعلماء طبقات والناس طبقات ولكل طبقة حقوقها ومخصصاتها ومميزاتها وامتيازاتها طبقات وظلمات بعضها فوق بعض؟!
جاء الخطاب القرآني ليقرر (إنما المؤمنون إخوة) وكلكم من آدم وآدم من تراب فعبر عن المساواة بأوضح معانيها وصورها باستعمال لفظ الأخوة التي تدل على المساواة المطلقة بين المؤمنين وجاء الخطاب السلطاني ليرسخ مبادئ الجاهلية فإذا في كل مجتمع إسلامي مسلمون بلا هوية ومواطنون بلا جنسية يمارس المجتمع ضدهم أبشع أنواع الظلم والاضطهاد ثم لا يجد أحبار السوء غضاضة من تبرير ذلك باسم المصلحة الوطنية؟!
جاء الخطاب القرآني ليقرر حرية إبداء الرأي وحق نقد السلطة كما قال تعالى في وصف المؤمنين (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) وكما في حديث البيعة الصحيح (وأن نقول أو نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم) وحديث (دعوه فإن لصاحب الحق مقالا) وحديث (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وجاء الخطاب السلطاني ليقرر مبدأ تحريم نقد السلطة تحت شعار (أول الخروج الكلمة)؟!
جاء الخطاب القرآني بمبدأ (وأمرهم شورى بينهم) وأكد مبدأ (الإمارة شورى بين المسلمين) وحرم اغتصاب السلطة كما قال عمر (من بايع رجلا دون شورى المسلمين فلا يحل لكم إلا أن تقتلوه) فلا توارث فيها ولا استبداد ولا إكراه بل شورى وحرية ورضا واختيار وجاء الخطاب السلطاني ليقرر مبدأ استلاب حق الأمة في اختيار السلطة وليرسخ سنن كسرى وقيصر وليضفي الشرعية على مبدأ توارثها جاء الخطاب القرآني بمبدأ (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وأوجب نصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم كما في الحديث ( ولتأطرنه على الحق أطرا ) و( من قاتل دون ماله فهو شهيد ومن قاتل دون دينه فهو شهيد ومن قاتل دون عرضه فهو شهيد ) و( سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر ) وجاء الخطاب السلطاني ليقرر مبدأ ( اسمع وأطع وإن أخذ مالك وضرب ظهرك ) وإن كان السلطان ظالما جائرا في الأخذ والضرب؟!
جاء الخطاب القرآني بالقتال في سبيل الله ( وقاتلوا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ) وأوجب قتال من اعتدى على المسلمين فقال ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ) وأوجب الجهاد دفاعا عن المستضعفين (وما لكم لا تجاهدون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان) وجاء الخطاب السلطاني ليصادر على الأمة حتى حقها في الدفاع عن نفسها فلا قتال إلا بإذن الإمام وبما أنه لا يوجد إمام فلا قتال وإن احتل العدو الكافر الأرض وانتهك العرض فإذا الخطاب السلطاني صورة للخطاب القادياني؟!
جاء الخطاب القرآني بوجوب جهاد الكفار والمنافقين (جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم) (لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى) وجعل شعاره (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) وجاء الخطاب السلطاني ليوجب على المسلمين الخضوع للمنافقين والملحدين وجعل طاعتهم من طاعة الله رب العالمين؟!
(فمن غلبنا بالسيف فنحن معه)؟!
__________________
http://hewar.khayma.com/showthread.php?s=&threadid أن المفهوم السياســي للوطن في الإعلام العربي والخطاب السياسي ـ غالبا ـ ينتهي إلى أنه الكذبة الكبرى التي اصطلح الجميع على إستعمالها للوصول إلى أطماعه الخاصة ، الحزب الحاكم يستعملها مادامت توصله إلى أطماعه ، وطبقة التجار كذلك ـ إن كانت ثمة طبقات تجار خارج السلطة التنفيذية ـ مادموا يحصلون على الصفقات الكبرى ، والأحزاب الساعية للسلطة يمتطــون هذا المفهوم للوصول إلى السلطة .
ولهذا ينكشف الأمـر عندما يتخلى الزعيم عن الأرض هاربا عندما يفقد سلطته ، وتعيش الأحزاب السياسية خارج الوطـن ، وهي تتاجر سياسيا بشعاره ، ويُخرج التجار أموالهم ليهربوا إليها عندما تتهدد مصالحهم التجارية في الوطــن ، بينما كانوا يجعلون الأرض سوقا استثماريا فحسب ، ويبقى فيها الشعب المسكين الذي كان مخدوعا بهذه الكذبة ، حبّ الوطن ، إنه حقـا زمــن الزيــف والخــداع .
=46969
|