جاء الخطاب القرآني بالوحدة وأوجب على المسلمين الاجتماع وحرم عليهم الافتراق (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وحرم السمع والطاعة لخليفتين (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الثاني) وجاء الخطاب السلطاني بترسيخ الفرقة وتجويز تقسيم دار الإسلام إلى خمسين دويلة كما أراده أعداء الأمة ولكل حاكم فيها بيعة وطاعة؟!
وجاء الخطاب القرآني ليحفظ على الأمة ثروتها فحرم الاستئثار بأموالها ومنع من العبث بها (ولا تأتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) وأمر بتقسيمها تقسيما عادلا وفق مبدأ (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) وجاء الخطاب السلطاني بتفويض السفهاء في ثروات الأمة فإذا ميزانيات دولها وأموال شعوبها التي تموت جوعا وتعيش فقرا تحت تصرف سفهائها وبيد أعدائها فلا يجد علماء السوء من أحكام الله ورسوله في شأن الأموال إلا جواز الأخذ من هدايا السلطان وأعطياته (فما جاءك من هذا المال بلا استشراف فخذه) فإذا هم شركاء للسفهاء في استباحة أموال الأمة ليصدق فيهم قوله تعالى (إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل) وقول رسوله صلى الله عليه وسلم (أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون) وقوله (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)؟!
لقد كانت ثمرة الخطاب القرآني ظهور هذه الأمة ــ التي كانت من أضعف الأمم حالا ــ على أهل الأرض قاطبة لتنشر العدل والحرية والرحمة وتقيم حضارة علمية وإنسانية استظلت البشرية تحت ظلها ألف عام وكانت ثمرة الخطاب السلطاني ــ الذي يحمل في طياته بذور فناء الحضارة ــ ما نراه اليوم من تخلف تلك الأمة وانحطاطها على نحو خطير كما تؤكده التقارير والدراسات الدولية مما يوجب على المصلحين المخلصين من أبنائها وعلمائها إحياء الخطاب القرآني وإعادته من جديد والتصدي للخطاب السلطاني الذي وظف الإسلام في خدمته عقودا طويلة حتى ضعف حالها وازداد اضمحلالها وصدق الله (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
__________________
http://hewar.khayma.com/showthread.php?s=&threadid أن المفهوم السياســي للوطن في الإعلام العربي والخطاب السياسي ـ غالبا ـ ينتهي إلى أنه الكذبة الكبرى التي اصطلح الجميع على إستعمالها للوصول إلى أطماعه الخاصة ، الحزب الحاكم يستعملها مادامت توصله إلى أطماعه ، وطبقة التجار كذلك ـ إن كانت ثمة طبقات تجار خارج السلطة التنفيذية ـ مادموا يحصلون على الصفقات الكبرى ، والأحزاب الساعية للسلطة يمتطــون هذا المفهوم للوصول إلى السلطة .
ولهذا ينكشف الأمـر عندما يتخلى الزعيم عن الأرض هاربا عندما يفقد سلطته ، وتعيش الأحزاب السياسية خارج الوطـن ، وهي تتاجر سياسيا بشعاره ، ويُخرج التجار أموالهم ليهربوا إليها عندما تتهدد مصالحهم التجارية في الوطــن ، بينما كانوا يجعلون الأرض سوقا استثماريا فحسب ، ويبقى فيها الشعب المسكين الذي كان مخدوعا بهذه الكذبة ، حبّ الوطن ، إنه حقـا زمــن الزيــف والخــداع .
=46969
|