فإذن "استفعل" هذه إذا تغيرت
أو إذا لم تستعمل في الطلب فيعنى بها لزوم الصفة للذات ، وكثرة الاتصاف ، وعظم الاتصاف بها بحسب ما يناسب الذات
فإذن استقام يعني: ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ {30} فصلت
( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {112} هود
( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ {6}فصلت ، وهكذا .
استقيموا ليس معناها طلب الشيء ، ولكن معناه الإقامة على هذا الدين ، الإقامة على الإيمان ، وأن تعظم الأوصاف أن يعظم وصف الالتزام به ، وأن يعظم وصف الإقامة عليه ، ولهذا كلمة "الاستقامة" تشمل كما فسرها طائفة من أهل العلم الثبات على الدين ، استقام يعني: ثبت على الدين ، واستقام قالوا : بمعنى عمل الطاعات ، وابتعد عن مساخط الله ، وعن المحرمات ، وهذا معناه : الأخذ بوسائل الثبات .
الاستقامة بالجهاد بأنواعه ، وهذا وسيلة من الوسائل ، الاستقامة بلزوم السنة ، والإخلاص لله -جل وعلا- ، وهذا هو حقيقة الدين .
إذن فلفظ "استقام" يعني: صار له وصف الإقامة مبالغا فيه ، يعني: كثيرا ، بحيث إنه لزمه ، ولم يتغير عنه ، ولم يتبدل عنه ، وهذا هو المقصود هنا .
إذن قوله -عليه الصلاة والسلام- : ( قل : آمنت بالله ثم استقم ) يعني: لتكن إقامتك بعد الإيمان بالله على هذا الإيمان عظيمة بحيث يكون وصف الإقامة لك ملازما.
إذن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ( قل: آمنت بالله، ثم استقم ) يعني: لتكن إقامتك بعد الإيمان بالله على هذا الإيمان عظيمة، بحيث يكون وصف الإقامة لك ملازما، وهذا تعظم معه هذه الوصية؛ لهذا أثنى الله -جل وعلا- على عباده المستقيمين بقوله -جل وعلا-: ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ {30}فصلت .
فإذن هذا الحديث شمل أمور الاعتقاد وأمور الظاهر والباطن، أعمال الجوارح وأعمال القلوب، وشمل الحث على الثبات على هذه الطاعات، فهذه الوصية صارت إذن وصية جامعة، وما أعظمها من وصية: ( قل آمنت بالله ثم استقم ) يعني: على الإيمان بتعظيم أمر الإقامة عليه، والازدياد من خلال الإيمان.
إنتهى شرح الحديث الحادي والعشرون
تحياتي