عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 26-03-2005, 01:31 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الأخ الكريم : صبرا" .. زهرة المدائن

السلام عيكم ورحمة الله وبركاته ..

مقالتك الموسومة بحكم الاسلام بالقومية والوطنية ..
لنفرض أنني سلمت بما جاء فيها بحذافيرها ، فهلم لنتحاكم الى نصها فالا صل بالدعوة أيا كانت هو حشد المستجيبين ، والمؤمنين بها بأكبر قدر ، حتى تنصر تلك الدعوة ويكتب لها النجاح ، فدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لوعدنا لسيرورة تطورها ، لرأينا كيف كان يلجأ بالاستعانة بأناس لم يؤمنوا بها حتى موتهم ، ومع ذلك كان يرتبط بهم بعلاقات مودة كبيرة ( منهم عمه ابو طالب )

ولجأ المهاجرون الى نجاشي الحبشة ، وهو نصراني ، و عقد معاهدات مع المشركين واليهود ، ولم يبادر لنقضها ، بل نقضوها هم ، وكان الرفق والصبر نهجه الخلقي الذي طلبه منه الله تعالى واثنى عليه به ، و أعطى للمؤلفة قلوبهم ما يعزز توطيد إيمانهم شيئا فشيئا .

أما جنابك فقد وضعت حكمك مسبقا قبل المحاكمة ، بناء على قياس مسطرة وحيدة تريدها أنت ، و تسفه وتكفر من لا يقبل بها نهائيا ، الا يعجبك نضال وجهاد حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين وحزب الله في لبنان وكلهم مسلمون ، ولا احب ان تفتح لي رأيك في الطوائف .

وأنني افترض انهم يعجبونك ، فانظر كيف يوائموا بين إمكانياتهم وبين علاقاتهم مع منظمات تقدم شهداءا ( وأظن انك ستدخل بعدم أحقيتهم بتسمية شهداء ) اذا كان منهم شيوعي او بعثي .

ان الآية الواردة في سورة الحجرات ( يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم )
يستغلها المستكثرون على العرب ان يتجمعوا ويعيدوا تنظيم صفوفهم ليكونوا أهلا للقدرة على حمل الرسالة ، بما حباهم الله في اختيارهم لهذا الدور ، من قدرة على فهم مضمون الرسالة كونها نزلت بلسانهم فهم الأقدر على مر الزمان للتعاطي مع اللغة بشكل طبيعي .

ولو أردنا تأويل الآية بما يخدم مفهوم الوطنية والقومية ، لقلنا بان الحق عدم المفاخرة بالعرق و الجنس واللون ، وهذا أمر واضح في نصوص ديننا الحنيف ، لكن ( لتعارفوا ) فان تلك المسألة طبيعية فالتعارف هو لتسهيل إدارة العلاقات بين الناس و تحسين وسائل التعامل فيما بينهم ( إياكم وخضراء الدمن ) . فلو كان الناس سواسية حتى في مسألة التعارف فستصعب إدارة التعامل بينهم ، فلنتصور ان كل الناس لهم نفس الاسم وآباؤهم كذلك ، والمناطق والتضاريس كلها مثل بعض لأصبحت الحياة متعبة بشكل ، وهي نعمة جليلة من نعم الله أوجدها بشكل متباين بين خلقه بالطباع والخلق والاهتمامات منذ قابيل و هابيل ، ولم يكن وقتها لا إفرنجة ولا صهاينة .


لذا فان اللغة والأمثلة و حتى القوانين الوضعية ، وان استندت الى أوامر ونواهي الله عز وجل ، فانها تراعي ما أحدثت البيئة ، من حول تلك العينة من الناس ، والشواهد كثيرة .


ثم لو بدأنا بتنفيذ ما سلمنا به وهو القبول بما ورد في المقالة ، فان تحويله لإجراء يحتاج لصناعة مقترباته سنينا لا بل قرونا طويلة ، فمن المخول بالبدء والذي تعطى له القيادة ، وكيف سنتناول مسألة مسلمي استراليا وتهيئتهم للتفاعل مع المجموعة البادئة في التغيير ، سواء كانت لجنة أم حتى دولة ، إذ عليها الاستئذان من دولة استراليا او شن حربا عليها ومع الأرجنتين والهند وحيث يوجد مسلم ، ومن قال ان المسلمين في تلك المناطق او حتى منطقتنا العربية سيوافقون .

ثم هناك دول إسلامية تستنكر هي وشعوبها ان تأتيها دعوات ، تتدخل في شأنها في حين ان أصحاب تلك الدعوات يعيشون بين شعب إسلامي اصبح العالم يتندر في الحديث عنه في كل يوم ( العرب ) ، ماذا سيقول لنا المسلم التركي او الإيراني او الماليزي وكلهم مسلمون يصلون ويصومون ويحجون الى بيت الله ووضعهم بكل صراحة أفضل من وضعنا ، وان لم يكن كذلك فهو أقل سوءا من وضعنا .

الا تجد يا صديقي ( صبرا".. زهرة المدائن ) إننا اذا التفتنا بشكل اكثر تحديدا ، سنكون بوضع أفضل لتطبيق دعوتك ، لنتمرن بقبول بعضنا البعض قبل ان نعرض أنفسنا على مليار ، منهم اكثر من مائتي مليون في الهند وحدها ، رتبوا أوضاعهم ضمن دولة مؤسسات تلبي احتياجاتهم اكثر من دعوتهم لمغامرة غير واضحة المعالم !

فكما كان لهم الحق في ترتيب بيت دولهم ، لنا ايضا الحق في ترتيب بيت دولتنا دولنا امتنا ، سمها ما شئت ، قومية وطنية ، إسلامية محلية المهم ، قبل ان نتدرب على عولمة الدين ، دعنا نتدرب لنكون مواطنين صالحين ، او حتى مواطنين ، ولو انك حتى تستكثر ذلك المصطلح ، لكن تذكر ان العصفور والخنفساء وكل كائن يدافع عن عشه وكره عرينه بيته وطنه .

ما بالك وأنت ترى المهاجرين من ابناء امتنا ، امتهنت كرامتهم مرتين ، مرة عندما غادروا أوطانهم ومخزن ذاكرتهم ومرة عندما يذكرهم من هم في ضيافتهم ، انه ليس لهم فضل في حضارة البلاد التي إليها هاجروا . قال أجدادنا الحجر بمطرحه قنطار .

فلنجعل أوطاننا الفسيحة مرحبة بأبنائها ولنتعود على قبول بعضنا البعض حتى نتفرغ لاطلاق إبداعاتنا و نطرح أفكارنا كيد عليا ، فقد انتشر الاسلام بالرفق و حسن المعاملة اكثر مما حدث في الحروب .

بالأمس ابتدعوا في المهجر بدعة أحدثت غصة في نفوسنا ، عندما أمت امرأة بالمصلين ، ولا ندري اذا بقينا نتفنن في تفكيك نسيج امتنا وتصعيب أجواء التعامل فيما بين أبناءها الى أين نصل !!!

وتقبل احترامي


__________________
ابن حوران