الموضوع: الد...............؟
عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 09-04-2005, 08:24 AM
memo2002 memo2002 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 1,503
إفتراضي

يتبع

إنّ منع شعوبنا ومجتمعاتنا العربية من خوض الصراع لن تكون عاقبته الحتمية سوى هذا السلام الذي لا يمت بصلة الى سلام الشعوب، والذي، لفقره الديمقراطي، لن يعود على شعوبنا ومجتمعاتنا الا بمزيد من الفقر الاقتصادي، وبمزيد من الخفض لسقف حقوقنا وحرياتنا الديمقراطية، فهل كان مصادفة ان السلام الناقص، المبتور، المشوّه الخلق والخلق، الذي عقدناه مع اسرائيل انتج، وينتج، مزيداً من الافقار الاقتصادي، ومزيداً من الاضمحلال الديمقراطي، لمجتمعاتنا وشعوبنا؟!

في المجتمعات التي هي مسقط رأس الديمقراطية، والتي ندعي الرغبة في الانتساب اليها، لم يحدث قط، ولن يحدث ابداً، ان يُلغى، بقرار حكومي، حق غالبية المواطنين (ولا حتى حق فئة ضئيلة منهم) في التعبير عن رأيها في قضية كبرى تتصل بمستقبل الامة ومصيرها.

اذا لم نمارس حقوقنا الديمقراطية، الآن، في التعبير عن رأينا في النهج الاجرامي والعدواني لحكومة شارون، التي تمثل خير تمثيل ديمقراطي الغالبية الشعبية الاسرائيلية، فمتى نمارسها، وفي اي شأن؟!

هل نخرج في تظاهرات ومسيرات للاعراب عن تمنياتنا بنجاح مهمة التلسكوب (هابل)، او لقول رأينا في حبوب منع الحمل، او للدعوة الى ان نعدّ ما استطعنا من قوة للقضاء على خطر (البوكيمون) على امننا القومي؟!

لو سألت اي مواطن او حزب او مسؤول حكومي في دول الغرب عن سرّ استقرار هذه الدول ومناعة امنها الداخلي، لأجابك، على البديهة: (الديمقراطية).

إنّ احترام وضمان الحقوق الديمقراطية للمواطن والمجتمع ولا سيما الحق في التعبير هو، وحده، ما يمكّن من امتصاص واضعاف نزعات التطرف، ومن نزع العنف من الحياة السياسية الداخلية، ومن شحن العلاقة بين الحاكم والمحكوم بمزيد من عوامل الاستقرار.

لو كان للغالبية الشعبية لدينا ان تُسمع صوتها عبر ممثليها البرلمانيين لانتفت حاجتها الى المظاهرات والمسيرات ولكن الخلل يكمن في ان صوتها لا يقع على اسماع تشبه سمعها.

إنك تحتاج الى ان تقنع المواطنين بخطأ البديهيات الهندسية حتى تتمكن من اقناعهم بأن السلام الذي عقدناه مع اسرائيل هو، حقاً، (سلام الشعوب)، ولكنك لا تحتاج الى بذل اي مجهود حتى تقنعهم بأن ليس في هذا السلام شيء من سلام الشعوب.

لقد عقدنا سلاماً صار الاعتراض عليه، في مظاهرة او مسيرة.. او حتى في مقالة صحافية، عامل اضعاف لأمننا القومي، وعامل تقوية لما نسميه (القوى المندسة) التي لا تظهر الا لدينا.

اننا مع السلام بين العرب واسرائيل ولكننا ضد سلام يُبنى على انقاض حقوقنا القومية والديمقراطية، فإذا لم يؤدِ السلام الى ضمان هذه الحقوق والحفاظ عليها فإن التمسك به يصبح امتداداً لعدوان شارون على سلام الشعوب.

نحن، في كل البلاد الناطقة بالضاد والتي لم تتقن بعد النطق بالدال، نحتاج الى (الانتخابات)، ولكننا نحتاج الى (الديمقراطية) اكثر، فليس مثَلُنا الاعلى مجتمع تكثر فيه (الانتخابات) وتقل فيه (الديمقراطية).. نقول (الديمقراطية) حتى لا نقول الاهم والابقى وهو (الحرية).

اننا لا نعترض على ان يجهل المجتمع مصالحه الحقيقية وان يعجز بالتالي عن الدفاع عنها، ولكننا نعترض على تشويه ومسخ الحقوق الديمقراطية والدستورية لمواطنينا، فليس من الديمقراطية في شيء ان تُخلق هذه الحقوق، في الغرب، في احسن تقويم ثم يردونها، في الشرق، اسفل سافلين.

وليس من المنطق في شيء ان نكون متيّمين في هوى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.. وفي مبادئ اقتصاد السوق التي تهتدي بهديها دول الغرب الرأسمالي، وان نكون في الوقت نفسه اعداء أَلداء لقيمها ومبادئها الديمقراطية مع ان الغرب ذاته الذي يجهد في عولمتنا اقتصاديا تأبى عليه مصالحه ان يسعى، في صدق واخلاص، في عولمتنا ديمقراطيا .

نحن العرب لن نكون صادقين في دعائنا الديمقراطي ما ظللنا نرى في صندوق (الاقتراع) بديلا من صناديق التأمين الاجتماعي فحيث يسود الفقر و(نظام الافقار) وحيث يُستنزف ويضمر (الانسان) في داخل (المواطن) وهو يسعى على مدار الساعة في تحصيل كفاف يومه، لا يمكن ان يجترح (صندوق الاقتراع) تلك المعجزات السياسية التي يجترحها في الغرب، ولا يمكن ان ترجح كفة الميل الى الديمقراطية.

ان الشعب الديمقراطي الذي يعي حقوقه والتزاماته ويلتزم بالتعبير عن مواقفه ونزعاته في طريقة ديمقراطية ودستورية وفي ذكاء سياسي وامني، هو الذي نحتاج اليه ايما احتياج في كل المعارك التي ينبغي لأمتنا خوضها والانتصار فيها ولا سيما المعركة القومية ومعركة السلام، فمن دون تحرير هذا الشعب من قيود المصالح الاميركية والمصالح الفئوية الضيقة لن نملك القوة التي تمكننا من ان يكون لدينا مواقف تعبر عن مصالحنا في المقام الاول وترتقي بسلوكنا السياسي الذي لم يتخط، حتى الآن، على المستوى الشعبي، ان ندعو في كل صلاة قائلين: (اللهم اهلك دولة اليهود وبدد شملهم..).

التطاول على حقوقنا القومية والانسانية لا يمكن وقفه بالدعاء فقط وانما ايضا بالسيوف، التي لا ترمز الى الحديد والنار فحسب وانما الى الديمقراطية والحضارة والوعي الذي يتفق، شكلاً ومحتوى، والوعي الانساني في مستهل الالفيةالثالثة.

اننا نحتاج الى هذه القوة السياسية والحضارية اكثر كثيراً من احتياجنا الى مناشدة المجتمع الدولي والأمم المتحدة والى الدعوة الى مقاطعة المنتجات الاميركية وما شابه ذلك من مواقف وشعارات لا تفيد الا في تأكيد عجزنا واستكانتنا.