الموضوع: حلقات مسلسلة
عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 09-04-2005, 09:29 AM
memo2002 memo2002 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 1,503
إفتراضي الحلقة الثالثة

الحرية مطلب إنساني

بعيداً عن الفلسفة، فإن الحرية بمعناها الاصطلاحي المعروف بين الناس وهي أن يمتلك الإنسان نفسه ويكون حراً في دنياه، لا وصاية لأحد عليه، ولا تبعية من ذل أو قهر، تمنع عليه أو يعبر عن فكره، ويؤدي شعائر دينه، وأن يختار من يشاء في مؤسسات دولته، وأن يشارك في شيوع الخير وردع الشر في نظام يوفر له حقوقه كانسان ويرتب عليه واجباته...

والحقيقة هي أن هذا النظام الذي يكفل الحرية بمعناها هذا موجود، ولائحة حقوق الإنسان محفوظة، ولكن الذي يمنع من تطبيق هذا القانون، وتجسيد هذه اللائحة، هو الجهل والشرك والظلم، الثالوث المقيت الذي تعاني منه المجتمعات الإنسانية.

إن ابشع الصور لمعاني الظلم في تاريخ الإنسانية، هي استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وتسلطه عليه بالقهر والذل. وإن هذه الصور البشعة لا زالت مستمرة في شريط تاريخ الإنسانية منذ أن قتل قابيل أخيه هابيل والى الآن.. ولكنها اليوم صور ملونة وعصرية، وبأدق الوسائل الفنية والتقنية، فإذا كان قابيل قد مارس القتل بصخرة ضخمة أو مباشرة، فاليوم بجرع من السم الزعاف خفيفة مغمسة بالعسل وفي أجواء أرجوانية ساحرة.

ولقد كان لطف الله ورحمته بعباده متصلاً.. وكانت رسله عليهم السلام تأتي بمهام تحرير الإنسان من استغلال أخيه الإنسان، بتحريره من الشرك ونشر العلم ومنع الظلم، عن طريق تعبيد الإنسان لربه الواحد، فالشرك ظلم عظيم (إن الشرك لظلم عظيم) لقمان.

..وكما قدمنا فإن مقدار الحرية في النفس يكون بمقدار صدق العبودية لله تعالى وحده. فمع معاني الوحدانية في النفوس تتحرر من الخوف إلا من الغفور الرحيم، ومع الوحدانية فإن النفوس لا تطلب الرزق إلا منه سبحانه الرزاق الوهاب الكريم، فلا تتبع المرزوق عن ذل، ومع الوحدانية فإن النفوس لا توالي عن ذل أي مخلوق، فهي تحب في الله ولله وتبغض في الله ولله.. والله سبحانه وتعالى له الأسماء الحسنى والصفات العليا. وتعلق نفس الإنسان بهذه الصفات وهذه الأمثال يحرره من الجهل، لأن هذا التعلق إنما يسدد عقله بتلك الإرادة، التي توجه نشاطه لكل ما هو حسن وتهذب غرائزه بكل ما يمنع القبح والظلم.

ولكن أنى لهذا المطلب العظيم أن يتحقق في النفس والشرك يقبع في واقع الإنسان بشتى أنواعه وأشكاله التي لا تحصى.. قال تعالى:

(وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون. وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم به مشركون) يوسف 106.

بل أن هناك أنواع من الشرك الخفي يصفه الإمام الصادق عليه السلام بأنه، كالشعرة السوداء على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء.

ولذا بمقدار ما تتخلص النفس في الفرد وفي المجتمع من أنواع الشرك هذه: تحصل على مقدار مثله من الحرية