عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 12-04-2005, 09:39 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي العرب في الاندلس (1)

العرب في الأندلس (1)

بعدما تم للعرب فتح المغرب ، اتجهت أنظارهم الى الأندلس ، فأرسلت حملة بقيادة ( طريف ) ، ثم بعد عودته واستيلائه على جزيرة صغيرة ، لا تزال تحمل اسمه ( تريفا ) ، جهزت حملة بقيادة طارق بن زياد ، تألفت من حوالي سبعة آلاف محارب ، وعسكرت قرب الجبل الذي يحمل اسمه حتى اليوم . وذلك سنة 92 هـ (711م) ، وانتصر جيش طارق انتصارا حاسما على جيش ( لذريق) آخر ملوك القوط في موضع يسمى وادي ( لكة) ، في جنوب البلاد ، ومضى طارق بجيشه مصعدا يستولي على المدائن الإسبانية حتى احتل (طليطلة) عاصمة البلاد في أول سنة 93 هـ .

ولم يلبث ( موسى بن نصير ) وهو القائد الأعلى ، ان قاد بنفسه جيشا آخر عبر به الى الأندلس في نفس عام 93 هـ ، وفتح مدنا إسبانية أخرى ، والتقى الجيشان في طليطلة . وبعد جولة أخرى فتحت فيها البلاد كلها تقريبا ، عاد موسى وطارق الى المشرق ، وتعاقب الولاة من قبل الدولة الأموية في دمشق ، واستقر الحكم العربي في إسبانيا وأذعنت البلاد كلها بحيث وجد العرب الفرصة لمواصلة الفتح فيما وراء جبال البرانس أي فرنسا ( الأرض الكبيرة) كما كانوا يسمونها .

والمؤرخون يتحدثوا عن الانهيار السريع لإسبانيا أمام الفتح العربي ، فيقولوا انه بسبب الخيانة وابتعاد الشعب الإسباني عن حكامه ، وعدم الدفاع عن الأرض بسبب عنجهية الحكام وكره الشعب لهم ، ولكن الحقيقة ان المسلمين الذين كانوا يحققوا الانتصار تلو الانتصار ، قد سبقتهم شهرتهم و أدخلت الرعب والرهبة في نفوس من يقابلهم من المدافعين .

**عصر الولاة :
استمر هذا العصر من فتح الأندلس حتى دخول ( عبد الرحمن الداخل) عام 138هـ ، وقد تعاقب فيه على الحكم أكثر من عشرين واليا خلال مدة بسيطة ، قسم تم تعيينه من دمشق وقسم كان يعينه الوالي في بلاد المغرب للدولة الأموية واذا كان سكان الأندلس الأصليون قد ذهلوا وسكتوا ، فان العرب نفسهم ثارت بينهم عصبيات بين القيسية واليمنية وبين العرب والبربر ، وهذه الاضطرابات أوجدت الحاجة ومهدت لقيام الدولة الأموية في قرطبة .

وعرف من الولاة اسم ( السمح بن مالك الخولاني ) ، الذي عينه الخليفة ( عمر بن عبد العزيز ) ، وعرف بميله للعدل و الإنصاف ورعاية مصالح الناس ، وقد استشهد محاربا في ( طرسونة ) ، بفرنسا عام 102هـ 721م ، وكذلك عرف ( عبد الرحمن الغافقي) ، الذي استشهد في معركة ( بلاط الشهداء ) بين بواتييه و طرسونة سنة 114هـ 732م في حربه مع الإفرنج بقيادة ( شارل مارتيل ) .

وخلال عصر الولاة هذا وعلى الرغم من اضطرابه توافدت الى الأندلس أعداد ضخمة من مسلمي المغرب والمشرق ، وتوزعت جموعهم في شتى أنحاء القطر الجديد مدخلين معهم الثقافة العربية واللغة والشعر والخطابة .

** العصر الأموي :
بفرار ( عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي) أمام اضطهاد الدولة العباسية ، وبدخوله الى الأندلس مع غلامه ( بدر) سنة 138هـ وهو ابن 25 عاما ، بدأ عهد جديد في تلك البلاد ، يتوارث الملك فيه ابناء هذا الفرع المرواني من البيت الأموي ، ابتداء ب ( عبد الرحمن الداخل ) خلال حكمه حوالي 33 سنة ، قضاها في إرساء دعائم الحكم وإخماد الفتن والاضطرابات التي كان يقوم بها زعماء القبائل أمثال ( يوسف بن عبد الرحمن الفهري ) وأبناؤه ، أو الذين كانوا يؤازروا الدولة العباسية ، وعلى رأسهم ( العلاء بن مغيث الجذامي ) بالإضافة لهجمات الفرنجة ، مثل شارلمان ( صاحب الرشيد ) الذي حاصر ( سرقسطة ) عام 161 هـ في حملته التي باءت بالفشل .

وعلى الرغم من كل الصعوبات ، فقد استطاع عبد الرحمن الداخل ، ان يكون جيشا قويا وقادة مخلصين ، وان يحقق للأندلس نوعا من الاستقرار ، وان يوجد حكومة مركزية تدين لها غالبية السكان بالطاعة . وان يرسي قواعد للملك . وان يشيد مسجد قرطبة الذي ظل ينمو حتى صار آية رائعة من آيات المعمار الاسلامي . وفي عهد ( عبد الرحمن الداخل ) ظهر أعداد من المعلمين والمؤدبين وحملة التراث الاسلامي ، يسهمون في إقامة هذا الطابع العربي الأصيل في الأندلس العربية .

وبعد ان توفي عبد الرحمن الداخل خلفه ابنه ( هشام ) من 172ـ 180هـ ثم ( الحكم بن هشام) سنة 180ـ 206هـ ، وفي عهدهما ، فقدت الأندلس أجزاء مهمة ، منها أمارة (برشلونة ) في الشمال الشرقي . ثم اتسعت مملكة (أشتوريا) ، على حساب الدولة العربية . وكثرت الرحلات بين علماء الأندلس الى الحجاز والشام ومصر . وانتشر المذهب المالكي في البلاد . و أحضر العديد من الكتب الشرقية . وقد استقرت الحياة في عهد ( عبد الرحمن بن الحكم ) 206ـ 238هـ . وادخل في عهده التذوق الموسيقي . ودخل للأندلس الموسيقي المشهور ( زرياب ) تلميذ ( اسحق الموصلي) .

وفي عهد ( محمد بن عبد الرحمن بن الحكم ) 238ـ273هـ ، استمر الهدوء ، الا انه في آخر أيامه ثارت الفتن والحملات الإفرنجية ، تكبدها ابنه (المنذر بن محمد) الذي حكم لمدة عامين 273ـ275هـ ، ثم تكبدها أخـوه (عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ) الذي حكم في مدة 275ـ 300هـ . ولم تستقر الأمور الا في أيام أعظم خلفاء الأندلس ( عبد الرحمن الناصر) الذي استمر حكمه خمسين عاما من (300ـ 350هـ) .

**عصر الطوائف :
كان عصر الطوائف كارثة بالنسبة للأندلس ، من الناحية الحربية والسياسية ، فقد زالت فيه الدولة

وتمثلت الفتن والثورات بالحركات التي قام بها المولدين والمستعربين من أمثال ( عمر بن حفصون ) الذي ظل شوكة في جنب قرطبة حوالي 30عاما . كذلك ترجع الفتن الى الميول الانفصالية لدى بعض القبائل .

مع ذلك يعتبر القرن الرابع الهجري ( العاشر الميلادي ) أزهى عصور الأندلس والذي شغل نصفه الخليفة ( عبد الرحمن الناصر) ، وشغل نصفه الثاني ابنه (الحكم المستنصر) من سنة 350الى 366هـ ثم ابنه هشام . وكانت الحجابة وهي مهمة جديدة دخلت للحكم عام 392هـ في يد المنصور بن أبي عامر ومن بعده ولده المظفر .

ولم تنتكس الأمور الا عندما تولى الحجابة عبد الرحمن أخ المظفر ، الذي طالب بولاية العهد ، وهذه المطالبة فتحت أبواب الفتن على مصاريعها من كل حدب وصوب ، حتى تفتت الدولة الأندلسية و خربت ( قرطبة) .. وظهر ما يسمى ب ( عصر الطوائف ) .
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس