عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 15-04-2005, 02:41 PM
فارس ترجل فارس ترجل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
المشاركات: 563
إفتراضي

عابر سبيل

لفت نظري في موضوعك الطيب هذا ، هو الطرح العقلاني و البعيد عن الإسفاف الذي صرنا مغمورين به مؤخراً

كذلك إستنادك على الدليل في توجهك و عدم إطلاق الكلام في الفراغ

و آخيراً رغبتك التي بدت لي صادقة في الإطلاع على الرأي الآخر المدعوم بالدليل و إستعدادك لمناقشته و ربما قبوله


و قد إشترطّ شرطاً صعباً و هو ان يكون المجيب طالباً للحق ، فأسأل الله ان اكون كذلك بعونه تعالى.



تفضلت بالقول:



اني لا اختلف مع قائلا يقول ان حال كثير من حكام الامه اقرب للكفر منه للايمان ولا اختلف مع من قال ان اموال الامة منهوبة وحرياتهم مسلوبه ودمائهم مسفوكه كل هذا واضح جلي لايجادل فيه الا مكابر على اختلاف درجات الاذلال والتعسف من بلد لاخر ولكن المقصود ان حكام الامه على كاهلهم الكثير مما يجري اليوم بين المسلمين بل هم السبب الرئيسي اسال الله لهم الهداية والسداد والعودة الى الحق والرشاد .



و هذا قول جميل منك ، حيث انك تتفق معي بأن هؤلاء الحكام هم السبب الرئيسي لما وصلت إليه الامة ، و هذه لعمري إنطلاقة جميلة لما نحن بصدده ، فأذكرها جيداً لأنها مهمة


ثم تقول:


أجمع أهل السنة على أنه : لا يجوز الخروج على وليّ الأمر ؛ إلا في حالة مواقعته للكفر البواح



و هذا ايضاً صحيح ،و ينبني عليه:

إذا صح ان هؤلاء الحكام لم يرتكبوا كفراً بواحاً ، لا يجوز قطعاً الخروج عليهم ، و العكس صحيح تماماً


و الواقع يقول انهم إرتكبوا كثير من نواقض الاسلام ، و ليس مجرد معاصي

فالمعاصي أنواع، هناك معاصي لا يكفر صاحبها إلا إذا استحلها كشرب الخمر والربا والزنى وغير ذلك، وهناك معاصي يكفر صاحبها حتى وإن لم يستحلها. وقد ارتكب الحكام العديد من المعاصي من النوع الثاني مثل:

تشريع القوانيين المضادة لحكم الله وإلزام الناس بها.

التحاكم إلى الطاغوت كطاغوت العصر هيئة الأمم المتحدة والافتخار بالانتساب إليه والالتزام بقوانينه.

مظاهرة الكفار ونصرتُهم على المسلمين.

تحريم الجهاد تحت مسمى تحريم الحرب الهجومية.

السماح للمشركين لممارسة شركياتهم في البلاد الإسلامية وحمايتهم بعساكر تلك الدول كما حصل ويحصل في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يجهر الرافضة بالكفر عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجدون الحماية من قوات الطوارئ.

كل هذه الأعمال ارتكبها حكام اليوم بلا تأويلٍ… وبلا جهلٍ … وبلا إكراهٍ.

فلم يكرههم أحد على حكم بلدانهم بل هم من يستميت في الوصول إلى كرسي الحكم ويرتكبون الجرائم لأجل ذلك وأغلبهم وصل للحكم على ظهور الدبابات وبعضهم قتل أباه وأخاه لأجل الكرسي.

ولم يكرههم أحد على الانضمام والتحاكم إلى هيئات الأمم المتحدة، فما زال إلى اليوم هناك دول غير منضمة للأمم المتحدة، وبعض الحكام – كحكام السعودية – يفخرون بأنهم من المؤسسين لتلك المنظمات.

وأما في مجال مظاهرتهم للكفار فهم أنفسهم يصرحون بأنهم غير مكرهين في علاقاتهم ودائماً يرددون أنهم غير خاضعين لدولة من دول العالم، وأن دولتهم دولة مستقلة وأن حكومتهم لا تؤثر أو تسيطر عليها حكومة من حكومات العالم وإنما علاقاتها مع أمريكا وأمثالها هي علاقات صداقة وتعاون مشترك !!

ولا يعذرون بالجهل فهؤلاء معرضون عن تعلم الدين والعمل به والعصري عندهم من يتحرر من قيود الدين. وكما هو معلوم فليس كل جهل يعذر به صاحبه. فهم يسجنون العلماء الصادعين بالحق الناصحين لهم وسجونهم ملأ بهم، ويرفضون أي عالم يخالف توجهاتهم السياسية. فكيف يعذرون بالجهل بعد هذا.

ولا يوجد أي تأويل شرعي لهذه الأعمال حتى يُعذر صاحبها، فالقول – مثلاً - بأنهم يحكمون بغير الشرع وهم يبغضون هذا العمل ويفضلون حكم الله عليه ويظنون بأن هذا ينفعهم قول ساقط متناقض لا وزن له. وقد شبه الشيخ محمد بن ابراهيم دعوى هؤلاء بمن يعبد الأوثان ويقول أنها باطل، قال رحمه الله: "لو قال من حكّم القانون أنا أعتقد أنه باطل فهذا لا أثر له، بل هو عزل للشرع، كما لو قال أحد: أنا أعبد الأوثان وأعتقد أنها باطلة"





و غير هذا كثيييييييييير مما يضيق المجال عن تعداده ، و لن اتعرض لكل ناقض على حدة ، رغبة في الإختصار ، بل سأتعرض لناقض واحد فقط و انت تعرف بأن ثبوت واحد يكفي.





الحكم بغير ما انزل الله


قال الله تعالى:

{ و من لم يحكم بغير ما أنزل الله فاولئك هم الكافرون ْ}

يقول ابن القيم ص(61) وغيرها من كتاب الصلاة:
"وإذا حكم بغير ما أنزل الله أو فعل ما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم كفراً وهو ملتزم للإسلام وشرائعه فقد قام به كفر وإسلام" اهـ.

فتأمل قوله: " و هو ملتزم للإسلام و شرائعه" ، و دعك إذن مما يقوله بعض مشايخ المرجئة اليوم ، من ان إباحة الحاكم للمحرمات في بلده رغم انه يعد من الحكم بغير ما انزل الله إلا انه لا يخرج من الملة كون الحاكم لم يستحل ذلك ، فالآية الموضحة اعلاه واضحة الدلالة و لم تتضمن إشتراط الإستحلال العلني ، سيما و ان الفعل ابلغ من القول.



مع ذلك أقر ان لبعض علماء السلف تفصيل في هذه المسألة ، يخلصون فيها إلا ان الحكم بغير ما انزل الله من جور او ظلم او ما شابه ذلك لا ينقل من الملة ، و هذا صحيح طبعاً ، لكننا نتحدث عن حكام شرعوا قوانين وضعية تبيح ما حرم الله


و من الطرائف ان الشيخ سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتابه (التوضيح عن توحيد الخلاّق في جواب أهل العراق) كان ينتقد الخوارج عندما قال:


"وقد جنح الخوارج إلى العموم لظاهر الآية وقالوا أنها نص في أن كل من حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر، وكل من أذنب فقد حكم بغير ما أنزل الله فوجب أن يكون كافراً. وقد انعقد إجماع أهل السنة والجماعة على خلافهم. ونحن لم نكفر إلا من لم يحكم بما أنزل الله من التوحيد بل حكم بضده وفعل الشرك ووالى أهله وظاهرهم على الموحدين" اهـ.


أقول: وكذلك نحن فإن الذين كفرناهم بالحكم بغير ما أنزل الله لم نكفرهم لحكمهم بالفروع بمعنى الجور بالقضاء ونحوه من غير استحلال كما هي طريقة الخوارج، وإنما كفرناهم لأن حكمهم بغير ما أنزل الله من النوع التشريعي الشركي المناقض لأصل التوحيد، ولأنهم اتبعوا حكماً ومشرعاً غير الله عز وجل، وابتغوا ديناً وشريعة غير دينه وشريعته.. وأيضاً لتوليهم أهل الشرك وطواغيته على اختلاف ألوانهم، ومظاهرتهم على الموحدين..

فافهم هذا ولا تكن ممن تنطلي عليهم تلبيسات مرجئة العصر وتخبطاتهم، وفرّق بين ما يُكفّر به الرسل وأتباعهم، وبين ما يُكفّر به الخوارج وأشياعهم

و في كتب السلف الكثير من الاقوال الثابتة بالدليل الشرعي ان كل من يشرع قانوناً يناقض به ما أنزل الله لا شك في كفره ، اكتفيت بما ورد اعلاه إختصاراً ، و لعلك تستزيد.


و تذكر انك قلت:



إذا ان سلمنا ان من الحكام من وقع في الكفر ففي الامر تفصيل والرجوع لاهل العلم من السلف الصالح هو الصواب فلا نحكم عقولنا ولا عواطفنا ولانعرف الحق بالرجال بل الحق ميزان .


و هاهي بعض بعض اقوال السلف فيمن يحكم بغير ما انزل الله ، و ما ورد قليل من كثير ، فقارن اخي الكريم ذلك مع قولك بأن الخروج لا يباح الا بعد إرتكاب الكفر ثم أحكم


بإنتظارك

و تقبل إحترامي

__________________
إن هذه الكلمات ينبغي لها أن تخاطب القلوب قبل العقول .. والقلوب تنفر من مثل هذا الكلام .. إنما الدعوة بالحكمة ، والأمر أعظم من انتصار شخصي ونظرة قاصرة !! الأمر أمر دين الله عز وجل .. فيجب على من انبرى لمناصرة المجاهدين أن يجعل هذا نصب عينيه لكي لا يضر الجهاد من حيث لا يشعر .. ولا تكفي النية الخالصة المتجرّدة إن لم تكن وفق منهج رباني سليم ..
وفقنا الله وإياكم لكل خير ، وجعلنا وإياكم من جنده ، وألهمنا التوفيق والسداد.
كتبه
حسين بن محمود
29 ربيع الأول 1425 هـ



اخوكم
فــــــــــارس تـــــــــــرجّلَ