عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 15-04-2005, 06:24 PM
فارس ترجل فارس ترجل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
المشاركات: 563
إفتراضي

شعر عبد الرحمن برغبة في البكاء وأحس بالمهانة ولكنه جاهد ليكتم مشاعره ، وأخذ يفكر ، كيف يتم حمله إلى شخص ذي منصب على هذا المستوى مباشرة رغم أن الواقعة التي حدثت يمكن أن يباشر التحقيق فيها ضابط عادي في أقرب قسم شرطة أو حتى في مباحث أمن الدولة .. بدأ عبد الرحمن يدرك أنه كان مراقباً ، وأن الذين قبضوا عليه من قلب المظاهرة لم يكونوا رجال أمن عاديين .
- (نظر الرجل إلى عبد الرحمن قليلاً) سأتبع معك الطريق الأقصر يا عبد الرحمن ..
- ...
- باختصار أنت لم تأت هنا بسبب ما حدث في المظاهرة .
- (رد عبد الرحمن سريعاً) على ما يبدو أنني كنت سأُحمل إليك على أية حال ..
- أحسنت .. يعجبني ذكاؤك .. يا عبد الرحمن .. ستتوقف من الآن .. من هذه اللحظة عن أي حديث في أمور لا تخصك .. أتفهمني ..
- لا تخصني؟ (سأل عبد الرحمن في تهكم) أتعني أن مصلحة بلدي وووطني أمر لا يخصني؟
- نعم (ببرود) .
- يخص من إذن؟
- يخص أناساً أقدر منك على وزن الأمور واتخاذ القرار المناسب .
- وسعادتك صدرت إليك الأوامر بأن تمنعني من الحديث في هذه الأمور لأنها لا تخصني .
- ...
- (في سخرية) وبالطبع من الواضح أنك قادر على تنفيذ هذه الأوامر بدقة .
- حاول ألا توقع نفسك في تعقيدات ، ولاحظ أنني ألتزم أسلوباً محترماً حتى الآن معك .
- (عبد الرحمن بغضب) أي احترام هذا الذي تتحدث عنه بعد كل ما حدث؟
- (بابتسامة باردة) أنت لم تشهد شيئاً بعد يا عبد الرحمن ، نستطيع هنا أن نجعلك تقول وتفعل ما لم تكن تتخيل يوماً أنك ستقول أو تفعل .
- (بادره عبد الرحمن) من الواضح أن عمرك مثل عمري تقريباً ، ولكن لدي إحساس قوي بأنك لم تكن على الجبهة حين كنت أنا هناك .
- ...
- يبدو لي أنك لو طُلب إليك أن تشق طريقك إلى الجبهة الآن بسيارتك الخاصة الآن فسوف تضل الطريق ..
بدأت ملامح الغضب تبدو على الرجل ، ولكنه ظل صامتاً ليرى ما في جعبة عبد الرحمن الذي كان من الصعب إسكاته في هذه اللحظة .
- طبعاً الجبهة بالنسبة لك هي شرم الشيخ أو رأس محمد أو الغردقة حيث تستجم أنت والأسرة الكريمة ، ولكني أود أن أعرف على وجه التحديد أين كنت وقت الحرب؟
- (مبتسماً) أنت محق يا عبد الرحمن ، أنا لم أكن أحارب وقتها على الجبهة (واقترب منه مسدداً نظرات نارية إلى عينيه) كنت أحارب هنا في الداخل ، في الجبهة الداخلية ، كنت أحمي البلد من أمثالك .
- إذن كنت تسدد سلاحك إلى بني وطنك حين كنت أنا أسدده إلى الأعداء؟
وجه الرجل لطمة قوية إلى عبد الرحمن أسقطته أرضاً وصاح :
- يا كلب ..
- (سقط عبد الرحمن أرضاً وحاول أن يقوم ولكن الرجل دفعه بقدمه فأسقطه ثانية ، ودخل بضعة رجال وأحاطوا بعبد الرحمن الذي كان الغضب يفتك به فتكاً) .
- إذاً أنت تصر على ما أنت عليه ، وتعاند أسيادك .
- أسيادك أنت أيها الجبان .
ركل الرجل عبد الرحمن ركلة قوية في بطنه كأنما يشوط كرة ، فأخذ عبد الرحمن يتلوى ، جر الرجل مقعداً ووضعه في منتصف الغرفة ، ثم سحب عبد الرحمن من قفاه على الأرض في استهزاء وهو يضحك مشيراً إلى الباقين بعدم التدخل ، جلس على المقعد ، ووضع قدمه اليمنى فوق رأس عبد الرحمن الذي شعر بنعل الحذار الأملس فوق خده الأيسر ، كان الألم شديداً في بطنه من أثر الركلة ، ولكنه حاول أن يرفع رأسه ، ولكن الرجل عاجله بركلات أخرى أشد شعر على أثرها بشييء ساخن يندفع من معدته إلى فمه ثم خرج الدم من بين شفتيه وفقد الوعي .

عاوده نفس الحلم البغيض حيث رأى نفسه يجوب شوارع القاهرة ، وبالتحديد الشارع الذي يقطن فيه وهو يحمل آثار الضرب المبرح والدم يسيل من فيه وقد اقتاده المسؤول الرفيع من رقبته بينما أخذ عبد الرحمن يستجير بالناس ، وكانت المفاجأة أن الكل كان ينظر إليه دون أن يعقب ، أصحاب المحال ، المارة ، الجيران من شرفات منازلهم ، رأى بعض الجيران يحملون الخبز ويسيرون في طابور إلى منازلهم دون أن يلتفتوا إليه ، شاهد زوجته وأولاده يدخلون مسرعين ويغلقون الشرفة ، أخذ يصرخ فيهم ، ولكنهم كانوا يشيرون إلى بعضهم البعض بالصمت وعدم الرد عليه.
وعاودته الآلام في ظهره شديدة هذه المرة .


كتبها:Albana



تحياتي
__________________
إن هذه الكلمات ينبغي لها أن تخاطب القلوب قبل العقول .. والقلوب تنفر من مثل هذا الكلام .. إنما الدعوة بالحكمة ، والأمر أعظم من انتصار شخصي ونظرة قاصرة !! الأمر أمر دين الله عز وجل .. فيجب على من انبرى لمناصرة المجاهدين أن يجعل هذا نصب عينيه لكي لا يضر الجهاد من حيث لا يشعر .. ولا تكفي النية الخالصة المتجرّدة إن لم تكن وفق منهج رباني سليم ..
وفقنا الله وإياكم لكل خير ، وجعلنا وإياكم من جنده ، وألهمنا التوفيق والسداد.
كتبه
حسين بن محمود
29 ربيع الأول 1425 هـ



اخوكم
فــــــــــارس تـــــــــــرجّلَ