عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 16-04-2005, 03:38 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

لهذا قوله -عليه الصلاة والسلام-: ( والحمد لله تملأ الميزان ) يكون هنا الملء بعد التنزيه وهو التسبيح، قال: ( وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض ) سبحان الله يعني: تنزيها لله -جل وعلا- عن النقائص في ربوبيته وإلهيته، وأسمائه وصفاته، وشرعه ودينه، وعن أمره الكوني وقدره، والحمد لله إثبات الكمالات لله -جل وعلا- فهما متكاملان.
قال: ( تملأ أو قال تملآن ما بين السماء والأرض ) إذا كان اللفظ "تملآن" فكل واحدة على اعتبار، وإذا كان اللفظ المحفوظ "تملأ" وهو الأظهر: ( تملأ ما بين السماء والأرض ) فإن "سبحان الله والحمد لله" كلمة واحدة؛ لأن مدلولها واحد، وهو كما ذكرنا التنزيه والإثبات.
قوله: ( تملأ ما بين السماء والأرض ) ما المقصود بذلك ؟ إذا أطلق لفظ السماء هنا فالمقصود به السماء الدنيا ، والسماء تطلق في النصوص ويراد بها العلو بعامة: ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء {24}‏ ابراهيم ، يعني: في العلو: ( أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ {16} الملك ، يعني: من في العلو... وهكذا.
فإذا أطلق لفظ "السماء" وحده -يعني: بلا السماوات مفرد- فإنه قد يراد به العلو، وقد يراد به واحدة السماوات وهي السماء الدنيا، وخاصة إذا جعل أو قوبل بالأرض، فقوله هنا: ( تملأ ما بين السماء والأرض ) يعني: أنها تملأ هذا الفراغ الكبير الذي بين الأرض وما بين السماء؛ لما لعظم هذه الكلمة، ولمحبة الله -جل وعلا- لها، ولحمل الملائكة لها تقربا إلى الله -جل وعلا-.

قال: ( والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء )
هذه الثلاثة: الصبر، والصدقة، والصلاة، اقترنت هنا بثلاثة أنواع من أنواع النور والضياء والبرهان، فدرجات النور -يعني: درجات ما تحسه العين من الأنوار- ثلاث: نور، وبرهان، وضياء، فأولها النور، ويليها البرهان، والثالث الضياء.
فالقمر نور: (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً {16} نوح ، ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً {5} يونس ، فالقمر يوصف بأنه نور وهو: الذي يعطي الإضاءة بلا إشعاع -يعني: بلا إشعاع محسوس-، والبرهان: أشعة بلا حرارة، أعظم درجة من النور، وأقل درجة من الضياء، وأما الضياء: فهو النور الشديد، نور مسلط شديد يكون معه حرارة.
فهذه ثلاث مراتب من أنواع الأضواء، وإذا نظرت لذلك وجدت قوله -عليه الصلاة والسلام- هنا: ( والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء ) مرتب على أجمل ما يكون من الترتيب، فإن الصلاة سبقت الصدقة؛ ولهذا سبق النور البرهان، والصبر لا بد منه للصلاة وللصدقة ولكل الطاعات، ولكن الصبر محرق كشدة حرارة الضياء، فالضياء نور قوي فيه حرارة ونوع إحراق.
فلهذا جعل الصبر ضياء، ولم يجعل الصلاة ضياء، لكن الصلاة نور؛ لأنه فيها إعطاء ما تحتاجونه براحة وطمأنينة، والصدقة جعلها برهانا؛ لأن البرهان وهو: الضياء الذي يكون معه أشعة تنعكس في العين، الصدقة فيها إخراج المال، وهو محبوب للنفس، وهذا يحتاج إلى شيء من المعاناة، والصبر: فهو ضياء كما قال -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن معه المعاناة.

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }