الموضوع: سؤال
عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 24-04-2005, 06:15 AM
muslima04 muslima04 غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 872
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين..

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..

أخي الفاضل..أسأل الله لنا ولكم العون والثبات برحمته..أنا أيضا يوم من الأيام فتنت بهذا الأمر لكن الحمد لله رب العالمين جاء الجواب الشافي لما في الصدور برحمة منه تعالى ثم بفضل الإخوة الكرام هنا في هذه الخيمة..وبالظبط اقتنعت بكلام الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى..

أقول ان أخانا الفاضل الوافي لم يقصر ولله الحمد في المساعدة..وأخانا الفاضل جاد لخص الأمر بجملة في قمة الحكمة ماشاء الله..ورغم اني أظن "شخصيا" أن ما أتى به الأخ الوافي كافي جدا للإقتناع إلا انني احببت ان اشارك أنا أيضا بشيء ونسال الله تعالى أن يقذف في قلوبنا من نوره ويشرح صدرنا لهذا الأمر برحمته إنه ولي ذلك والقادر عليه..

فإليك اخي الفاضل ما وجدت والله الموفق..


إقتباس:
فكيف نقول عن فلان ولد مسلما و كان يصلي و يصوم... و بعد أعوام ترك الصلاة و لا يصوم...و لو نصحته لا يهتدي فهل كان مقدرا عليه من عند الله أن يعيش أواخر حياته كافرا ؟

رسالة في القضاء والقدر


الشيخ محمد الصالح بن العثيمين


فنقول الجواب عن ذلك أن الله تبارك وتعالى إنما يهدي من كان أهلاً للهداية ، ويضل من كان أهلاً للضلالة ، ويقول الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ‏}‏ ‏[‏ الصف ‏:‏5‏]‏ ويقول تعالى‏:‏ ‏{‏فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ‏}‏ ‏[‏المائدة ‏:‏13‏]‏ ‏.‏

فبين الله تبارك أن أسباب إضلاله لمن ضل إنما هو بسبب من العبد نفسه ، والعبد كما أسلفنا آنفاً لا يدري ما قدر الله تعالى له ، لأنه لا يعلم بالقدر إلا بعد وقوع المقدور ‏.‏

فهو لا يدري هل قدر الله له أن يكون ضالا أم أن يكون مهتديا ‏؟‏ فما باله يسلك طريق الضلال ثم يحتج بأن الله تعالى قد أراد له ذلك أفلا يجدر به أن يسلك طريق الهداية ثم يقول إن الله تعالى قد هداني للصراط المستقيم ‏؟‏ أيجدر به أن يكون جبريا عند الضلالة وقدريا عند الطاعة كلا لا يليق بالإنسان أن يكون جبريا عند الضلالة والمعصية فإذا ضل أو عصى الله قال هذا أمر قد كتب علي وقدر علي ولا يمكنني أن أخرج عما قضى الله تعالى للطاعة والهداية زعم أن ذلك منه ثم منَّ به على الله وقال أنا أتيت به من عند نفسي فيكون قدريا في جانب الطاعة جبريا في جانب المعصية هذا لا يمكن أبداً فالإنسان في الحقيقة له قدرة وله اختيار وليس باب الهداية بأخفى من باب الرزق وأخفى من أبواب طلب العلم ‏.‏ والإنسان كما هو معلوم لدى الجميع قد قدر له ما قدر من الرزق ومع ذلك هو يسعى في أسباب الرزق في بلده وخارج بلده يميناً وشمالاً لا يجلس في بيته ويقول إن قدر لي رزق فإنه يأتيني ، بل يسعى في أسباب الزرق مع أن الرزق نفسه مقرون بالعمل كما ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن مسعود رضي الله عنه ‏(‏إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقه مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد‏)‏ ‏(3)‏‏.‏ فهذا الرزق أيضا مكتوب كما أن العمل من صالح أو سيئ مكتوب فما بالك تذهب يمينا وشمالاً وتجوب الأرض والفيافي طلباً لزرق الدنيا ولا تعمل عملا صالحا لطلب رزق الآخرة والفوز بدار النعيم‏.‏

إن البابين واحد ليس بينهما فرق فكما أنك تسعى لرزقك وتسعى لحياتك وامتداد أجلك ، فإذا مرضت بمرض ذهبت إلى أقطار الدنيا تريد الطبيب الماهر الذي يداوي مرضك ومع ذلك فإن لك ما قدر من الأجل لا يزيد ولا ينقص ، ولست تعتمد على هذا وتقول أبقى في بيتي مريضاً طريحاً وإن قدر الله لي أن يمتد الأجل امتد ، بل نجدك تسعى بكل ما تستطيع من قوة وبحث لتبحث عن الطبيب الذي ترى أنه أقرب الناس إن يقدر الله الشفاء على يديه فلماذا لا يكون عملك في طريق الآخرة وفى العمل الصالح كطريقك فيما تعمل للدنيا ‏؟‏

وقد سبق أن قلنا إن القضاء سر مكتوم لا يمكن أن تعلم عنه فأنت الآن بين طريقين طريق يؤدي بك إلى السلامة وإلى الفوز والسعادة والكرامة وطريق يؤدي بك إلى الهلاك والندامة والمهانة وأنت الآن واقف بينهما ومخير ليس أمامك من يمنعك من سلوك طريق اليمين ولا من سلوك طريق الشمال إذا شئت ذهبت إلى هذا وإذا شئت ذهبت إلى هذا فما بالك تسلك الطريق الشمال ثم تقول أنا قدر علي أفلا يليق بك أن تسلك طريق اليمين وتقول إنه قُدِّر لي فلو أنك أردت السفر إلى بلد ما كان أمامك طريقان إحداهما معبد قصير آمن والآخر غير معبد وطويل ومخوف لوجدنا أنك تختار المعبد القصير الآمن ولا تذهب إلى الطريق الذي ليس بمعبد وليس بقصير وليس بآمن هذا في الطريق الحسي إذن فالطريق المعنوي مواز له ولا يختلف عنه أبداً ولكن النفوس والأهواء هي التي تتحكم أحياناً في العقل وتغلب على العقل والمؤمن ينبغي أن يكون عقله غالبا على هواه وإذا حكم عقله فالعقل بالمعنى الصحيح يعقل صاحبه عما يضره ويدخله فيما ينفعه ويسره ‏.‏

بهذا تبين لنا أن الإنسان يسير في عمله الاختياري سيراً اختيارياً وأنه كما يسير لعمل دنياه سيراً اختيارياً وهو إن شاء جعل هذه السلعة أو تلك تجارته ، فكذلك أيضا هو في سيره إلى الآخرة يسير سيراً اختيارياً ، بل إن طرق الآخرة أبين بكثير من طرق الدنيا لأن الذي بين طرق الآخرة هو الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ‏.‏ فلا بد أن يكون طرق الآخرة أكثر بيانا أجلى وضوحا من طرق الدنيا ‏.‏ ومع ذلك فإن الإنسان يسير في طرق الدنيا التي ليس ضامنا لنتائجها ولكنه يدع طرق الآخرة التي نتائجها مضمونة معلومة لأنها ثابتة بوعد الله والله تبارك وتعالى لا يخلف الميعاد ‏.‏

بعد هذا نقول ‏:‏ إن أهل السنة والجماعة قرروا هذا وجعلوا عقيدتهم ومذهبهم أن الإنسان يفعل باختياره وأنه يقول كما يريد ولكن إرادته واختياره تابعان لإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته ثم يؤمن أهل السنة والجماعة بأن مشيئة الله تعالى تابعة لحكمته وأنه سبحانه وتعالى ليس مشيئته مطلقة مجردة ولكنها مشيئة تابعة لحكمته لأن من أسماء الله تعالى الحكيم والحكيم هو الحاكم المحكم الذي يحكم الأشياء كوناً وشرعاً ويحكمها عملاً صنعاً والله تعالى بحكمته يقدر الهداية لمن أرادها لمن يعلم سبحانه وتعالى أنه يريد الحق وأن قلبه على الاستقامة ويقدر الضلالة لمن لم يكن كذلك لمن إذا عرض عليه الإسلام يضيق صدره كأنما يصعد في السماء فإن حكمة الله تبارك وتعالى تأبى أن يكون هذا من المهتدين إلا أن يجدد الله له عزماً ويقلب إرادته إلى إرادة أخرى والله تعالى على كل شيء قدير ولكن حكمة الله تأبى إلا أن تكون الأسباب مربوطة بها مسبباتها ‏.‏


للإستزادة بإذن الله تفضل من هنا

وإليك هذا المقال أيضا بإذن الله:


القضاء والقدر:




هو موضوع يبين إنحراف التفكير عند الكثير من المسلمين عن سواء السبيل, ذلك لأن ديننا أمرنا بالإيمان بالقضاء والقدر, فآمن الأوائل منا وشمروا عن ساعد العمل بما يرضى الله, حتى إذا وضعت الفتوحات أوزارها, واطلع الناس على ثقافة الشعوب الأخرى وفلسفتها, برزت التساؤلات عن القضاء والقدر بطريقة عجيبة وغير مسبوقة, ثم أدخلت هذه البحوث في وسائل العقيدة وما هي من العقيدة بل هي من أفكار الباحثين والدارسين, وشأنها شأن الكم الكبير من المسائل والبحوث المنسوبة للعقيدة وهي منها براء ولاتعدو كونها معبرة عن أفكار أصحابها ومن تابعهم وليست ملزمة لكل المسلمين.

الآيات والأحاديث تحدثت عن القضاء والقدر في إطار الحديث عن صفات الله وقدرته وعلمه, فتحولت المسألة عند المتكلمين عن فعل العبد هل هو مخير أم مسير؟

ولو تتبعث القرآن والحديث لوجدت أن معنى كلمة " القضاء" وكذلك " القدر" أنها من الألفاظ المشتركة التي تحتمل عدة معان..وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا ذكر القدر فأمسكوا" يعني إذا ذكر علم الله وتقديره للأشياء فلا تخوضوا في ذلك لأنكم ستخوضوا فيما لاطاقة لكم به.

إنحرف مسار القضاء والقدر من مسألة إيمانية بقدرة الله وعلمه الى الخوض هل الإنسان مخير أم مسير وبناء عليه أثير البحث في مسالة الثواب والعقاب. فالموضوع ذو شعبتين:

شعبة شرعية وهي الإيمان بالقضاء والقدر على أنهما علم الله وقدرته التي تتجلى في خلقه دون الخوض في التفاصيل.

وشعبة عقلية وهي البحث في التخيير والتسيير والعقاب والثواب. فمن هذه الناحية نجد أن الإنسان يعيش في دائرتين وليس في دائرة واحدة:

فالدائرة الأولى يسيطر الإنسان فيها وتقع في نطاق تصرفاته وفيها تحصل أفعاله التي يقوم بها بإختياره وعلامة ذلك أنه يملك الفعل أو الكف عنه, وعلى هذه الأفعال يكون الحساب ومن ثم الثواب والعقاب.

الدائرة الثانية: تسيطر على الإنسان وتقع فيها الأفعال التي لادخل للإنسان فيها سواء صدرت منه أو عليه كان ينزلق إنسان فيقع على آخر فنقول هذا قضاء وقدر إذ لا إرادة للإنسان في الإنزلاق ولا إرادة للإنسان أخيه عليك. وكذلك كونك تتنفس الهواء فهذا فعل مسير فيه بقضاء الله وقدره.

إلى هذا الحد لا مشكلة في التفكير, وإنما ينشأ الخلل من خلط المفاهيم عندما يكون العمل إراديا للإنسان فإذا حدث منه مكروه نسبوه للقضاء والقدر تهربا من المسؤولية أو ركونا لعدم أخذ الأسباب وعدم توخي الحيطة والحذر الممكنين ومن هنا فالمسلم مسؤول عن كل فعل يفعله يحدث من جراءه الضرر بالآخرين طالما أنه مقصر في الحيطة والحذر وعليه يقع العزم. إن التهرب من تقصير الإنسان في عمله مرفوض بقوله تعالى" قل هو من عند أنفسكم".

والخلاصة أن العقل يحكم بأن الإنسان ليس مخيرا على الدوام في كل شيء وليس مسيرا على الدوام في كل شيء والقلب مؤمن بأن الله سيطر على كل شيء ولايعجزه شيء وهو عليم بكل شيء وانه لايظلم أحدا.



لقد شاءت حكمة البارئ عز وجل أن يمنح الإنسان مساحة محدودة من الإختيار وزوده بقدرة محدودة لفعل ذلك وجعل له مدة محدودة يعيشها ووهبه العقل وأنزل إليه الشريعة وقال له آمن بي وافعل ما يرضيني ولك مني العون والثواب.

فإن أبيت فسيلحقك مني العقاب...فكيف يتيه فكر الإنسان ويتصور أنه أصبح مخيرا دائما أو مسيرا دائما. ولو نظر الإنسان الى مساحته المحدودة لعلم أنه لا سيطرة له على شروق الشمس ولاتعاقب الشتاء والصيف ولا إختلاف الليل والنهار فتواضع أيها المخلوق ولو نظر الى قدرته المحدودة وكيف ان موسم العمل فيها قصير لأن الطفولة ضعف وعجز ثم المراهقة طيش وتقلب ثم الشباب اندفاع وحماس...ثم الكهولة حيث يتوفر العقل وتقل القدرة ثم الشيخوخة وهي ضعف وعجز وحكمة, فالأولى اغتنام العمر المحدود في العمل بما يرضي الله وإلا تضيعه في جدل لاطائل من ورائه ولا أمامه فحسبنا أن نؤمن بعلم الله وقدرته وحكمته وسيطرته على مخلوقاته وان نشمر ساعد العمل.

أمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره ونسالك اللهم إيمانا يصلح للعرض عليك, ويقينا نقف به في القيامة بين يديك, وعلما نفقه به أوامرك ونواهيك وفهما نعلم به نناجيك.


وفي أمان الله..