عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 27-04-2005, 01:49 PM
نور الحياة نور الحياة غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
الإقامة: أرض الخليج ...
المشاركات: 595
إفتراضي



تـعب .. !! ( كـتاب " ورود وأشواك" : تأملات في فهم علاقة الخير بالشر)


التعب من أجل شيءٍ نبيل قمّة السعادة، ويصبح التعب أكثر إسعاداً لصاحبه في لحظات العُسرة والضيق، أما حينما تفتح الدنيا على الجميع زهرتها، ويصبح كلُ شيءٍ سهل المنال .. فقد ذهب "طعم" الحياة واحترقتْ مشاعر الإحساس بالسعادة .. وتحولتْ الحياة إلى "طاولة قمار" ..
فالمقامر المدمن لا يجد لذته في الربح والخسارة، وإنما يجد "قمة" لذته في لحظات التشنج التي تفرضها قواعد اللعبة، وبعدها، وقبلها، يصبح "الإدمان" شيئاً مقيتاً.
فالمدمنون على السعادة أشقياء !

.................................................. ...................


إيتسم .. فالابتسامة سلاح مؤثر * بقلم الشيخ: كمال أبو سنة * "من النت "


قد يموت إنسان ويندثر عنصره الترابي منذ سنين عددا، أو قرون طويلة الإمتداد، بيد أن ذكراه تبقى ماثلة في أذهان وقلوب السواد الأعظم من الناس ..!
في حين قد يكون إنسان آخر، وبعد أيام معدودات فقط، يضحى نسياً منسيا، كأنه لم يسر خطوة على ظهر الأرض!
والفارق بين هذا وذاك أن الأول ترك آثاراً تقوي الود، وتجلب الحمد وتدفع للوفاء بالعهد .. فكانت له عمراً ثانياً ..
أما الثاني فكان على نقيض الأول، لم يترك أثراً يُذكر به، وإن ترك شيئاً، فمما تعافه النفس، ولا تحب أن تعيد صورته في الذاكرة حتى لا تصدم في الحياة مرات كثيرة .. وربما قد يضطر لسان ذكره في سياق الحديث بسبب أمر محتوم، لكن ذكراه تكون وبالاً ولعنة عليه، كمثل الذي حكم مصر في يومٍ ما " فكذّب وعصى، ثم أدبر يسعى، فحشر فنادى، فقال أنا ربكم الأعلى، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى، إن في ذلك لعبرة لمن يخشى" (سورة عبس - الآية:26).
وهذه القاعدة وإن كانت معتبرة على مستوى الأمم والمجتمعات وأوضح مثال ما كان من بني إسرائيل الذين ضُربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله وازدراء الشعوب التي تحترم نفسها .. فهؤلاء القوم لا يُذكرون إلا بأحط صفاتهم، وأخبث اتجاهاتهم، وأرذل أقوالهم، وشر أفعالهم، والتاريخ الإنساني خير شاهد !!
وكلامنا على هذا النحو يجرنا إلى القول بأن التأثير في الناس إما أن يكون " بنّاءً " فيحافظ على شعرة الحب والود فلا ينقطع أبداً، وإما أن يكون " هدّاماً " قلا يُبقي ولا يذر ..!
وللتأثير البناء ضروب ناجعة توصل إلى إعطاء طابع يستحسنه الناس، ويسهل التغلغل في شغاف قلوبهم. وأقصر وأبسط طريق إلى ذلك هو: " الابتسامة المشرقة ".
يقول الأستاذ "دايل كارنيجي": "إن قسمات الوجه خير معبر عن مشاعر صاحبه، فالوجه الصبوح ذو الإبتسامة الطبيعية خير وسيلة لكسب الصداقة والتعاون مع الآخرين ..".
إنني أعرف الكثير ممن سبقوني إلى الحياة الأبدية، وأرسخهم في ذاكرتي هم الذين كانوا خير مؤاور لي في أحلك الظروف، فابتسامتهم الصافية المشرقة ما تزال مرتسمة في حافظة الذكريات التي أحملها .. إنها طبيعية مؤثرة في عواطفي، وأعتقد أنها حالة مشتركة بين القلوب المملوءة بمشاعر الحب والوفاء.
إن الإبتسامة الصافية من ألوان التصنع خير رسول نوجهه إلى من نتعامل معه، أو نخالطه في أماكن عديدة.
وفهم الأستاذ "دايل كارنيجي" يوافق ما دعا إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ قرون في الحديث الذي رواه عنه الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال: قال روسل الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحقرنّ من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق".
ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مشرق الوجه، تزيّنه الإبتسامة الصافية التي تبعث الراحة في نفوس عارفيه، وحتى الذين يلقونه لأول مرة، قال عبد الله بن الحارث - رضي الله عنه -: "ما رأيتُ أحداً أكثر تبسُّماً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". وعن عمرة قالت: "سألتُ عائشة - رضي الله عنها - كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خلا مع نساءه ؟ قالت كالرجل من رجالكم إلا أنه كان أكرم الناس وألينَ الناس ضحّاكاً بسّاماً".
وعن جابر - رضي الله عنه - قال:" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه الوحي أو وعظ قلت: نذير قوم أتاهم العذاب، فإذا ذهب عنه ذلك رأيت أطلق الناس وجهاً وأكثرهم ضحكاً وأحسنهم بشراً".إن العبوس في وجه الناس خُلقٌ لا يرتضيه الإسلام مطلقاً، ولا يُحب أن يتشكل على صفحات وجه أتباعه .. وذلك واضح من خلال عتاب الله - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - عندما قال: "عبسَ وتولّى أن جاءه الأعمى وما يُدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى".
فالعبوس مرفوض حتى مع الأعمى الذي لا يلحظ ذلك بسبب ابتلائه بحبيبتيه .. وإن كانت مشاعر العابس لعبوسه قد تُثير أحاسيسه "فإنها لا تعمى أبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور".
وعليه، فإن الإسلام أراد أن يغلق باب هذا الشر من بدايته إلى نهايته، محاولةً منه للحفاظ على المحبة والإخاء والتعاون بين جميع أفراد المجتمع الواحد ...
وتتبع مدى أهمية الإبتسامة وتأثيرها في مدى ربط أواسط المحبة ورفع مستوى السعادة التي يستشعرها المرء في هذا المثال الذي ذكره الأستاذ "دايل كارنيجي":
(طلبتُ من تلامذتي أن يبتسم كل منهم لشخص معين كل يوم في أسبوع واحد، ثم يُراقب أثر تلك الإبتسامة غير المنتظرة ...)
وممن طبّق هذه التعليمة المهذبة الخُلُ السيد "وليم شنيهارت" أحد تلاميذ الأستاذ "دايل" حيث قال له: (إنني متزوج ولي أولاد لكنني قلما ابتسمتُ لزوجتي بل قلما حدثتُها سواء على مائدة الإفطار أو بعد عودتي من العمل، فأنا منشغل دائماً وقد سارتْ حياتنا الزوجية على وتيرة آلية حتى طلبتَ أنتَ مني أن أبتسم لشخصٍ ما فآثرتُ أن يكون هذا الشخص هو زوجتي).
وجلستُ في صبيحة اليوم الثاني إلى المائدة فقلتُ مبتسماً: "صباح الخير يا عزيزتي" ولم تندهش المرأة فحسب بل ذهلت فعلاً لكني أسرعتُ فوعدتها أن تنتظر مني هذه التحية و الإبتسامة الرقيقة كل يوم، فهل تدري ماذا كانت النتيجة ؟ اكتشفتُ سعادة جديدة لم أذق مثلها طوال الأعوام الأخيرة.
وحفزني ذلك إلى الابتسام لكل من يتصل بي، فصرتُ أبتسم لعامل المصعد والعامل في شباك التذاكر والزبائن الذين أعمل معهم في البورصة، وصار الجميع يبادلونني التحية ويُسارعون إلى خدمتي ..
لقد شعرتُ بأن الحياة صارت أكثر إشراقاً وأيسر منالاً وقد زادت أرباحي الحقيقية بفضل تلك الإبتسامة، وعجبتُ بسبب غفلتي عن ذلك طوال المدة السابقة)!
هناك من تعود رسم العُبوس على صفحات وجهه طبيعة ورثها أو اكتسبها من محيطه رغم جوهره الصافي من الأحقاد والبغضاء والكره وقد يراه المرء لأول وهلة دون سابق إنذار فيظن به الظنون، فإذا خالطه استطاع بيُسرٍ معرفة معدنه الذهبي الخالص ..!
فمن كانت هذه صفته فليُسارع إلى تعويد نفسه الإبتسامة المشرقة لتُجّمل مظهره تماشياً مع جمال مخبره كي يكتمل الأجر "وتبسُّمكَ في وجه أخيك صدقة"، واصطناع المعروف كما قيل: "يقي مصارع السوء، ويزرع المحبة في القلوب ويكتب الشكر على الألسنة، وينشر حسن السُمعة في الدنيا، ويورث جزيل الأجر، ويخلد جميل الذكر .."
و الإبتسامة معروفٌ يزيد ثوابه إذا تعدّى إلى من يبغضه القلب .. وما أحسن قول الشافعي عندما أنشد:

لما عفوتُ ولم أحقد على أحدٍ *** أرحتُ قلبي من غمّ العداوات
إنني أُحيّي عدوي عند رؤيته *** لأدفع الشر عني بالتحيّات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه *** كأنما قد حشا قلبي محبات

إن إظهار البشر وإنفاق البسمة البريئة خيرٌ يجب تجسيده باستمرار وفرضه على النفس ليكون عادةً يحيا المرء بها في خِضم هذه الحياة فيكسب منها أشياءً ثمينة خاصةُ إذا صفت النية وحسن القصد وقد قال علماؤنا: "بالنيات تتحول العادات إلى عبادات".
يقول "دايل كارنيجي": (إن الإبتسامة لا تكلف شيئاً ولكنها تعود بخير كثير وهي لا تفقر من يمنحها مع أنها تُغني آخذيها ولا تنس أنها لا تستغرق لحظة لكنها تبقى ذكرى حُلوة إلى آخر العمر وأنه ليس هناك من هو فقير إلى درجة ألاّ يملكها ولا هو غني إلى درجة أن يستغني عنها، وكن واثقاً من أنها راحة للمتعَب وأمل للبائس وفيض سعادة للسعيد، وهي إن كانت لا تُشترى أو تُباع، فإنها يعُم آخذها ومعطيها،، فابتسم .. ابتسم ..)
إذن .. فنجاح الإنسان يبدأ من القُدرة على تحقيق أبسط الأمور .. وإلا فلن يتمكن من تحقيق ما هو أعظم .. وقديماً قال حكماء الصين: "إن الذي لا يُحسن الإبتسام لا ينبغي له أن يفتح متجراً" !
والقياس على هذه الحكمة يصلح في كثير من المجالات المتعددة
عزيزي القارئ .. وما أحسن قول الشاعر الحكيم:

أخو البِشر محمودٌ على حُسن بِشرهِ *** ولن يَعدمَ البغضاءَ من كان عابساً
الرد مع إقتباس