عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 13-05-2005, 04:50 AM
memo2002 memo2002 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 1,503
إفتراضي

وترى مؤسسة «إندبندنت استراتيجي» أن هناك الكثير من المشكلات التي تواجه ‏الاقتصاد الأمريكي، كما لاحظت أن الرئيس الأمريكي جورج بوش زاد من ‏السرية المحيطة بالإنفاق الحكومي إلى أعلى مستوى له منذ حرب فيتنام، كما أن ‏الإدارة الأمريكية الحالية بددت الفائض الكبير في الموازنة الأمريكية الذي تركته ‏لها إدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ووصل بالعجز في الموازنة إلى ‏مستويات قياسية. ‏

والحقيقة أنه لم يكن من الممكن تجنب العجز في الموازنة الأمريكية بعد أن تبخر ‏الانتعاش الاقتصادي الذي شهدته أمريكا لمدة عشر سنوات خلال التسعينيات. ‏

ولكن الرئيس بوش وإدارته لم يحاولا مواجهة هذا العجز بل إنه عمل على زيادته ‏من خلال خفض الضرائب على الأنشطة الاستثمارية الأمريكية بمقدار 726 مليار ‏دولار ثم اضطر مجلس الشيوخ إلى تخفيض هذا المبلغ إلى 350 مليار دولار. ‏ والحقيقة أن أغلب المستفيدين من هذه التخفيضات الضريبية هم أغنياء أمريكا، ‏وفي نفس الوقت فإن الحرب الأمريكية ضد العراق أدت إلى زيادة الإنفاق العام. ‏

ويضيف تقرير «إندبندنت استراتيجي» أن انهيار أمريكا بدأ عندما فشلت الولايات ‏المتحدة في نشر نموذجها الاقتصادي والاجتماعي في العالم كنموذج عالمي، ‏فأوروبا واليابان ترفضان هذا النموذج منذ عقود، كما ترى المؤسسة الأمريكية أن ‏تراجع قيمة الدولار الأمريكي أمام العملات الكبرى في العالم مثل الين الياباني ‏والعملة الأوروبية الموحدة «اليورو» هو المؤشر الرابع على اضمحلال ‏الإمبراطورية الأمريكية. ‏
و فكرة انهيار الإمبراطورية الأمريكية ليست جديدة، فقد تحدث عنها من قبل ‏الكاتب والمؤرخ البريطاني بول كيندي في كتابه الشهير «صعود وانهيار القوى ‏العظمى» عام 1988، ولكن في أعقاب صدور هذا الكتاب النبؤة شهدت الولايات ‏المتحدة عشر سنوات من النمو والازدهار الاقتصادي غير المسبوق، ولكن هذا ‏الانتعاش ارتد في صورة تراجع اقتصادي غير مسبوق مع سلسلة من الفضائح ‏المالية التي طالت شركات أمريكية عملاقة مثل إنرون وورلد كوم. ‏

إن أمام أمريكا فرصة لكي تؤخر انهيارها ولكن الواضح أن سياسة الرئيس بوش ‏الحالية سوف تسرع بهذا الانهيار. ‏

ويعتقد المفكر الشهير«هنتنجتون» أن المصالح القومية ستتآكل أمام مد المصالح ‏التجارية، والتي ستزيد من نفوذ الأعراق والقوميات في الداخل ومن قدرات ‏جماعات الضغط السياسي، ونتيجة لذلك، سيصبح للهويات العرقية مغزى أكبر، ‏ويبدو أن مغزاها يزداد بالنسبة إلى الهوية القومية.‏

هذا التأصيل في شرعية التنوّع والتواصل التجاري مع الخارج سيبدد الآخر غير ‏المرغوب فيه، وسيختفي شبح العدو الذي يهدد الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة ‏العالم الحر، ويحذر هنتنجتون أن استمرار دخول العالم الثالث إلى عالم ‏الديمقراطية والسوق الحر، سيقضي على حالة الآخر المعادي لقيم العقيدة ‏الأمريكية وسيقلل من ضرورة الإيمان بعقيدة الخوف من المجهول الذي سيدمر ‏المجتمع الأمريكي الآمن.‏

ويقول د. عبد العزيز الرنتيسي:‏

لقد تنبأنا في مقالات سابقة أن العراق سينتصر على الأشرار من الأمريكان، وربما ‏تنبأ غيرنا بنفس الشيء، ومثل هذه الرؤى لم تكن قطعا وفق الحسابات المادية ‏لموازين القوى، ولو جرت وفق هذه المعايير لما تنبأ أحد بانتصار العراق، ولكنها ‏كانت وفق فهم واع للسنن الإلهية، وصدق الله إذ يقول (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ ‏السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ ‏لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا){43 فاطر}، ولكن الذي لم نتنبأ به هو ‏ما يجري من إذلال لأمريكا فاق كل التصورات والحسابات رغم أنه أيضا من ‏سنن الله (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ ‏مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء) {26 آل عمران}، مما أفقدها هيبتها، ويجعلها غير قادرة ‏بإذن الله على الاستمرار كمصدر إرهاب وابتزاز لشعوب العالم، فالأمر إذن أكبر ‏من هزيمة، وهذا ما جعل وزير خارجية أمريكا كولن باول يقول في ذهول واضح ‏‏"لم نكن نتوقع هذا الحجم من المواجهة".‏

الإدارة الأمريكية في العراق تقف اليوم عاجزة تماما، ومشلولة شللا كاملا، وقد ‏فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة المعركة، فالبيت الأبيض نراه مضطربا وهو يبحث ‏عن سبيل للخروج من المستنقع، لأنه لم يعد أمام جنرالات الشر والإرهاب ‏الأمريكان من حيلة إلا أن يخدعوا أنفسهم بالكذب الرخيص علاجا لما حل في ‏نفوسهم من انهيار معنوي خطير، وأغرب ما في الأمر أنهم يكذبون بطريقة ‏مفضوحة، وهذا يعني أن العقلية الأمريكية التي تفننت في قتل عشرات الآلاف من ‏الأطفال والنساء والشباب والشيوخ في العراق عمداً مع سبق الإصرار باتت ‏عاجزة تماما عن تمرير أكاذيبها على أقل تقدير، وفشلها في إخفاء الحقيقة أفقدها ‏مصداقيتها، فلم يعد أحدٌ يصدق مزاعم أمريكا فيما تطرح من أهداف إنسانية من ‏وراء احتلالها للعراق وهي التي تستخدم أمام العالم أحدث المقاتلات الحربية في ‏قصف البيوت في الفلوجة، ولم يعد أحد يصدق أمريكا في ما تعلنه من أرقام كاذبة ‏عن عدد قتلاها وجرحاها، وقد فضحتها اللقطات الإعلامية الذكية، فعلى أفضل ‏تقدير لا تعكس الأرقام المعلنة رسميا أكثر من 10% من الحقيقة، مما جعل ‏الجندي الأمريكي أرخص جندي في العالم فهو يُقتل ويُوارى التراب دون أن يُذكر ‏اسمه، ولم يعد أحد يصدق التهديدات الأمريكية العنترية الفارغة بسحق المقاومة ‏في العراق وأفغانستان، لقد سقطت أمريكا في العراق، وسقطت معها مشاريعها ‏السياسية الهادفة بكل الحقد الصليبي إلى هدم العقيدة الإسلامية ودك أركان ‏الإسلام.‏

وأسوأ ما ألمَّ بأمريكا من وضعٍ مخزٍ أنها لا تدري ما تفعل، فهي لا تستطيع ‏المكوث في العراق، فالجنود الأمريكان قد انهاروا تماما، فمنهم من يعيش اليوم ‏على العقاقير المهدئة للأعصاب حتى ينسى، ومنهم من يرى في الانتحار الحل ‏الأمثل، وهي لا تستطيع مغادرة العراق، فالمغادرة دون تحقيق الأهداف تعني ‏نهاية أمريكا على أقل تقدير كقوة عظمى، وفي ظل اللا حل تغرق أمريكا يوما بعد ‏يوم فيزداد وضعها سوءا وتعقيدا، فهل هناك من هو أبأس اليوم من الشيطان ‏الأمريكي؟، (وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ){59 يس}، ألم تر كيف هزمت على ‏أبواب الفلوجة الأبية؟

ومما لا شك فيه أن هذا الإذلال له آثاره الهامة لصالح المسلمين لو تم استثماره:‏ فالصهاينة اليهود هم أول المتضررين من هذا الإذلال، وذلك لأسباب عدة منها ‏أنهم هم من وراء توريط أمريكا في العراق مما سيؤدي ولو بعد حين إلى يقظة ‏أمريكية تكتشف معها أمريكا أن احتضانها للكيان الصهيوني إنما هو احتضان ‏للأفعى، وهذا أمر له ما بعده ولقد بدأ الأمريكان يشعرون بخطر الصهاينة اليهود ‏على مستقبل دولتهم.‏

كما أن خروج الحليف الأكبر للعصابات الصهيونية مهزوما ذليلا من العراق ‏سيضعف قدرة أمريكا على مواصلة دعمها للإرهاب الصهيوني، مما قد يؤدي ولو ‏بعد حين إلى وقوف تلك العصابات وجها لوجه مع أمة عريقة عظيمة ذات ‏حضارة.‏

و هزيمة أمريكا وإذلالها في العراق سيحطم الحلم الصهيوني في نفوس الصهاينة ‏وقد ظن اليهود أن حلمهم في تحقيق "إسرائيل الكبرى" من النيل إلى الفرات قد ‏حان أجله باحتلال أمريكا للعراق.‏

كما أن آمال الصهاينة قد تبخرت في استثمار الدماء الأمريكية وتحويلها إلى أموال ‏تصب في خزانتهم، وفي استثمار الوجود الأمريكي لبسط نفوذهم على الأمة ‏العربية والإسلامية، واستثمار السيف الأمريكي لتجنيد المذعورين في عالمنا ‏العربي والإسلامي لضرب الحركة الإسلامية خاصة في فلسطين، وكل ذلك اليوم ‏ينهار مع انهيار أمريكا.‏

ومن المتضررين أيضا أولئك الذين لم يتركوا فرصة إلا وذكرّونا فيها أن أمريكا ‏قوية وأننا ينبغي علينا أن نتفهم الواقع، وأن ننحني للعاصفة، فأمريكا في قراءتهم ‏للواقع لا تقهر، وغير ذلك من التعابير المهزومة، وهؤلاء في واقع الحال اتخذوا ‏أمريكا ربا من دون الله ، واليوم أراهم قد شُدِهوا وهم يرون ربَّهم يُذَّل في العراق ‏على أيدي المجاهدين الأبرار، وهؤلاء المنافقون بالطبع لم تعد لهم قدرة بعد اليوم ‏على نشر الإحباط واليأس في نفوس المسلمين، فلن ترى فيهم أمريكا بعد اليوم إلا ‏مجرد طفيليات ضارة، فلن يكون لهم دور أمريكي، هذا إن بقيت أمريكا أمريكا.‏

ومن المتضررين أيضاً تلك الدول التي تحالفت مع أمريكا في حربها على الإسلام، ‏فاستجابت للإغراءات الأمريكية فغاصت معها في طمي الفرات، وهؤلاء منهم من ‏بدأ يشعر بالخطر مثل بريطانيا وأسبانيا واليابان وإيطاليا مما جعل شعوبها تلعن ‏القادة، ومنهم من يترقب فهو يؤمن أن الخطر سيدركه عاجلا أم آجلا.‏

ومن المتضررين أيضا القادة الذين باعوا أنفسهم وكرامة أمتهم ومصالحها ‏للشيطان الأمريكي، فأصبحوا في عداء مع شعوبهم مما جعل بقاءهم مرهون ‏بالحماية الأمريكية، وهم اليوم يخشون أن تضعف أمريكا عن تقديم الحماية لهم.‏

كل ذلك يشكل فرصة عظيمة للشرفاء من أبناء هذه الأمة، المؤتمنين على ماضيها ‏وحاضرها ومستقبلها ليتحركوا لا يخافون في الله لومة لائم كي يفرضوا واقعاً ‏جديداً ينقذ الأمة من حالة الانكسار التي تعيشها اليوم، فقد آن للشرفاء إذن أن ‏يبذلوا كل جهد مستطاع ليحطموا قيود الواقعية المهزومة، لقد آن لهم أن يعملوا ‏مخلصين كي تتبوأ أمتهم العريقة المكانة التي تليق بها بين الأمم، آن لهم أن يحققوا ‏لأطفال هذه الأمة ونسائها وشبابها وشيوخها الأمن والاستقرار، وأن يبنوا لهم ‏مستقبلا أفضل يليق بأمة الإسلام، وأن ينفضوا عن كواهلهم غبار الذل والعار ‏والهزيمة، وأن يعيدوا لهم ما سلب من كرامة.‏

..................................