عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 15-05-2005, 09:38 PM
الغرباء الغرباء غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
الإقامة: دولة الخلافه الاسلاميه
المشاركات: 2,050
إفتراضي

عبد الله ابن الملك علي والملك فيصل الثاني والاثنان من ابناء عمومة الملك عبدالله الثاني وقد قتل الاثنان وسحلت جثة الامير في شوارع بغداد قبل ولادة الملك عبدالله باربع سنوات ... واختياري لهذه الصورة[لم استطع الحصول عليها] الان يعود الى عبارة قرأتها في كتاب " مهنتي كملك " وهو كتاب او مذكرات الملك حسين ... ففي هذا الكتاب يصف الملك حسين عملية اغتيال جده الملك عبدالله في القدس ويصف الملك الكيفية التي هرب فيها مرافقو وحراس جده الملك بدل ان يهبوا لحماية ملكهم ... يقول الملك حسين : " كنت اسير خلف جدي باتجاه خفيف الى اليمين لقد تبادل بعض الكلمات في الطريق ثم انتصب باب المسجد امامنا تماما ... قدم حرس الشرف التحية العسكرية ... وعندما دخل جدي المسجد استدار نحو قائد الحرس وساله عما اذا كان لا يعتقد بأن المراسم العسكرية غير مناسبه في مكان مقدس وتقدم نحو الباب وما كاد يخطو خطوات حتى ظهر رجل وراء الباب الكبير الى اليمين ... لم يكن في حالة طبيعية وكان يمسك بسلاح وقبل ان يستطيع احد ان يبدي اية مقاومة اطلق النار ... لم يره جدي ابدا .. وكان على بعد مترين من القاتل فأصيب برأسه فانهار على الارض وقد انتشرت عمامته ... لم اتبين فورا ما قد حدث خلال لحظة كانت تبدو دخرا كاملا ... بقي القاتل جامدا غير قادر على الحركة ... وفجأة استدار الرجل وفر هاربا فانطلقت في اثره في داحل المسجد وفي الوقت الذي انطلق مسرعا رايت من طرف عيني كل اصدقاء جدي يهربون في كل اتجاه ... انني ما زلت اراهم ... هؤلاء الكبراء واعيان الدولة وهم يخفون وجوههم ويفرون كانهم العجائز المذعورات ... ان هذه الصورة سوف تبقى محفورة الى الابد في ذاكرتي اكثر من صورة القاتل لانها الى حد كبير البرهان الاكيد الدائم على ضعف الولاء السياسي وسرعة زواله ."

انتهت رواية الملك حسين ... وفيها لا يصف عملية الاغتيال فقط بل يصف كيف فر المقربون من الملك وتركوه جثة ملقاة على الارض .

عندما جاء عبد السلام المجالي الى هيوستون ساله الشباب امامي : ما هي اخبار البلد يا باشا .. فقال ساخرا : البلد بيحكمها اولاد .
ترى ... لو تعرض الملك عبدالله الى محاولة اغتيال وبقربه عبد السلام المجالي مثلا ... فهل سيهب المجالي لحماية الملك وكيف يفعلها وهو ينهش في لحم الملك ويسخر منه في زياراته الى الخارج .
سبق وقلت للملك عبدالله ان الكبار من برامكة وتجار وضباط مخابرات في الاردن ممن يضربون بسيفه سيغادرون مركبته بعد اول حادث يتعرض له الملك ... وكلنا امل ان يعي الملك هذا الدرس ... ولعل قراءة ما حدث في قصر الرحاب لابناء عمومته يدعوه الى التيقظ والى الفهم والادراك بأن العاصفة عندما تهب لا تترك اثرا لاحد وسيكون الهاربون من حول الملك اكثر من الذين لحسوا احذيته في سالف العصر والاوان .

هذه الرواية لما حدث في قصر الرحاب وردت في كتاب صديقي الدكتور فالح حنظل ... فقد كان فالح حنظل في عام 1958 ملازما في القصر الملكي في بغداد " قصر الرحاب " وقد شهد عملية ابادة وسحل العائلة المالكة في صبيحة الرابع عشر من تموز ... وقد وصف فالح حنظل ما حدث انذاك في كتابه " اسرار مقتل العائلة المالكة في العراق " فبعد ان يصف فالح حنظل عملية هجوم الضباط والشعب على القصر والطلب الى الملك وخاله الخروج الى باحة القصر .. زبدأت المجزرة ...يقول فالح حنظل :
قبل الساعة الثامنة بقليل..فتح باب المطبخ .. وخرج منه الملك وامارات الرعب قد تجمدت على وجهه من هول الموقف.. وبدا مرتديا ثوبا ذا كمين قصيرين وبنطالا رمادي اللون, وينتعل حذاءا خفيفا .. وخلفه سار الامير عبدالاله مرتديا ثوبا وبنطالا كذلك, وقد وضع يده اليسرى في جيب بنطاله اما يده اليمنى فكانت ترفع منديلا ابيض.
وزاحمت الملكة نفيسة ولدها الامير عبد الاله على درج المطبخ, ووقفت وراء الملك ورفعت القران عاليا بيدها فوق رأسه وهي تصر باسنانها على اطراف الشرشف الذي يستر جسمها, وخلفها سارت الاميرة عابدية وهي تنتحب وتولول, ثم الاميرة هيام, ثم احدى خادمات القصر المسماة رازقية, والطباخ التركي وخادم اخر .. واثنان من جنود الحرس تركا بندقيتيهما في المطبخ.
خرج الجميع يتقدمهم المقدم محمد الشيخ لطيف.. والملازم اول ثامر خالد الحمدان.. وكان يقف في نهاية الرتل النقيب ثابت يونس.
وفي الباب كان العقيد طه ما زال يحاول ان يهدئ من سورة هيجان الضباط, وخاصة النقيب مصطفى عبدالله الذي كان يرفع عقيرته بالصراخ. "اخرجوا ايها السفلة .. ايها الخونة.. ايها العبيد", وخرج الجمع كله ليواجه نصف حلقة من الضباط وهم كل من:
النقيب مصطفى عبد الله, النقيب سامي مجيد, النقيب عبد الله الحديثي, النقيب منذر سليم, النقيب حميد السراج, الملازم اول عبد الكريم رفعت, وعدد اخر من الملازمين والمراتب.
ويقف خلف هؤلاء الضباط عدد اخر من الضباط والجنود, وقد انتشروا في الحديقة وخلف الاشجار.. والى خلف هؤلاء من اليمين واليسار كانت الجموع الغفيرة من العساكر والناس تقف متفرجة.
خرج الملك فيصل وسرعان ما رفع يده بالتحية العسكرية للضباط الموجودين امامه .. واغتصب ابتسامة رقيقة تراقصت على شفتيه, وظهرت خلفه جدته وهي تحاول ان تجعل الجمع كله يشاهد القران بيدها.. وبعدها سار عبد الاله .. وهو يتمتم ببضع كلمات غير مسموعة .. ووجهه يكاد يكون ابيض .. وزوى ما بين حاجبيه, وهو يرى لاول مرة الضباط شاهرين رشاشاتهم بوجهه, وتلفت يمنة ويسرة .. ليتطلع الى بقية العساكر المنتشرين في الحديقة .. ثم لم يلبث ان استدار الى الخلف ليطمئن على زوجته واخته اللتين جفت الدموع في مآقيهما ولم تعودا تعرفان ماذا تقولان او تفعلان .. وارتفع همس الملكة العجوز وهي تحاول ان تردد بعض الايات من القرآن الكريم.
وتقدم النقيب مصطفى عبد الله .. وصرخ فيهم ان يجتازوا ممرا من الشجيرات ينتهي الى باحة خضراء صغيرة.. جنب شجرة توت ضخمة وسط الحديقة, وقد تعلق بها نسناس صغير مربوط من رقبته بسلسلة معدنية .. فاجتاز الجمع الممر .. ووقفوا بشكل نسق يتطلعون الى افواه رشاشات الضباط الموجهة نحوهم.
وفي هذه الاثناء كان النقيب عبد الستار سبع العبوسي داخل قصر الرحاب .. فترك القصر ونزل هابطا الدرجات الامامية ورشاشته بيده.. واستدار الى اليمين فشاهد الاسرة المالكة كلها تسير في صف تاركة باب المطبخ.. وبعد اقل من نصف دقيقة كان النقيب العبوسي يقف خلف العائلة المالكة تماما, ويفصله عنهم خط شجيرات صغيرة على الارض.
وبلمح البصر فتح نيران رشاشته من الخلف مستديرا من اليمين الى اليسار .. فاصابت اطلاقات غدارته الثمانية والعشرون طلقة ظهر الامير عبد الاله.. ورأس ورقبة الملك وظهري الملكة والاميرة عابدية.. ثم لم يلبث ان فتح مصطفى عبد الله نيرانه من الامام على البشر الموجودين امامه, وفتح بقية الضباط المشكلين نصف حلقة نيران رشاشاتهم, وجاءت النيران من الامام ومن الخلف ومن الجانب.. من كل يد تحمل سلاحا في تلك اللحظة..!! اصيب الملك بعدة طلقات فتحت جمجمته وسقط في احضان الاميرة هيام التي تهاوت ارضا, وقد اصيبت في فخذها, وسقط عبد الاله قتيلا وانصبت عليه نيران اكثر من فوهة نارية, وهو يتمرغ قتيلا على الارض.. ونالت الاميرة عابدية والملكة نفيسة حظهما من رصاص المهاجمين .. فتمرغتا بالارض وهما تلفظان انفاسهما الاخيرة.. واصيب جندي الحرس محمد فقي بعدة طلقات نارية صرعته فورا.. وجرحت الخادمة رازقية .. وقتل الطباخ التركي, وقتل احد الخدم في نفس البقعة ايضا.
واصيب النقيب ثابت يونس بطلقة نارية اخترقت رئته اليمنى ونفذت, فهرب الى جهة اليمين ومعه ضابطا صف من الانضباط الخاص, وسرعان ما واجهتهم اعداد المسلحين المختفين وراء القصر واجبروهم على التسليم.. اما المقدم محمد الشيخ لطيف فقد قفز جانبا حائدا عن مهمر الرصاص, واستطاع الملازم اول ثامر الحمدان ان يلقي بنفسه بين الشجيرات, ويزحف ارضا الى ضفاف نهر الخر ويندس هناك بين جموع المهاجمين ويختفي دون ان يعرفه احد.
واثار منظر الدماء واصوات الطلقات النارية جنون ضابط المدرعة, ففتح نيران رشاشته الثقيلة على الاجسام الملقاة ارضا.. فحرثها حرثا وحاول الطفل جعفر اليتيم الذي كانت تربيه الاميرة عابدية ان يهرب الى زاوية من زوايا القصر, الا انه سرعان ما عاجله الجنود برصاص بنادقهم فاردوه قتيلا.
وعلى اثر هذا الرصاص المتناثر يمنة ويسرة اصيب النقيب مصطفى عبدالله بطلقة نارية بصدره, وسقط ارضا والدم ينزف من جرحه, وتهاوى بين الشجيرات النقيب حميد السراج, وقد اصابته طلقة نارية في كعب قدمه.. وسقط ضابط صف برتية رئيس عرفاء قتيلا من المهاجمين, اما الاميرة هيام فقد تمكنت من الزحف الى ركن امين وتقدم منها ضابط وحملها بيده حيث اخفاها في غرفة حرس الباب النظامي, والدماء تسيل من فخذها.
ثم كفت الاطلاقات النارية.. وكانت الجثث الميتة ملقاة ارضا.
وتصايح الضباط, كل يريد ان يعطي فكرة او طريقة للتخلص من الجثث, وسرعان ما جلبت سيارات نقل على اثرها الضابطان الجريحان من المهاجمين الى المستشفى.
وفجأة سمع المتجمهرون اطلاقة نارية تاتي من الخلف من بين الاشجار العالية المحيطة بالقصر.. لاتمام عملية التطهير, ولعلع من جديد رصاص الرشاشات شاقا السكون الذي ساد المكان اثر عملية القتل.. كأنما هو صرخات الموت الختامية وحشرجته في قصر الرحاب.
ثم جلبت سيارة من نوع بيك اب (فان) تابعة للقصر كانت تستعمل للمشتريات اليومية, ورفعوا جثة الملك.. وانزلوها في السيارة.. ووضعت الجثة على جنبها الايمن مما جعل اليد اليسرى تتدلى خارج الباب.. ثم سحبت الجثة من يدها الى الداخل.
ثم حملت جثث النساء.. فجثة عبد الاله.. وبقية القتلى.. والى هنا كانت جماهير الناس في الشارع قد دخلت حدائق القصر وانتشرت فيها.. وشاهد بعضهم الجثث, وهي تنقل الى السيارة (الفان) , وتحركت السيارة نحو الطريق الخاص للقصر.. وهجم شاب ضخم الجثة يحمل بيده خنجرا, وانهال بطعنتين على جثة عبد الاله.
وجيئ بسيارة ثانية نقلت النقيب ثابت يونس المرافق العسكري الذي بدت عليه علامات الضعف والوهن الى المستشفى العسكري.. حيث لفظ انفاسه الاخيرة هناك.
اما الاميرة هيام والخادمة رازقية فقد نقلتا الى المستشفى الحكومي الملكي حيث اعطيتا العلاج اللازم وتم انقاذ حياتهما.
وعندما خرجت السيارة التي كانت تقل القتلى.. وقفت باب ثكنة الرحاب حيث اعيد رفع جثتي الامير والملك, ووضعتا في سيارة جيب عسكرية ركب معها ضابطان.
اما سيارة البيك اب فقد توجهت بسرعة الى دائرة الطب العدلي في المستشفى المدني حيث ووريت جثث النساء في حفرة مقبرة قريبة.
كانت السيارة التي تقل جثتي الملك والامير.. تحاول ان تسير مسرعة وسط الزحام الشديد في الشارع, وحاول الضباط الا يعرف احد بان سيارتهم تقل جثتين, الا انه سرعان ما فطنت الحشود الهائلة التي راحت تركض وراء السيارة, وقد شهرت المسدسات والخناجر والهراوات, وكانت اعداد من الجنود قد وقفت على جوانب الطريق المكتظ, وهم يطلقون نيران بنادقهم ابتهاجا.
وفي قصر الرحاب.. هجمت جموع المدنيين الى داخل القصر المحترق.. وباشرت عمليات السلب والنهب في سباق مع اللهيب والنيران الاكلة.. واستمرت عمليات النهب يومين متتاليين على مرأى ومسمع من الضباط الذين كانوا في الحراسة هناك.
__________________