قف يا زمان  
الدكتور / أحمد بن عبد الله العمري 
أستاذ مساعد بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
 23/2 /1426هجرية
 يقول الشاعر :
 تأملت ما يفوه به فقهاء الجرائد من المقالات العجيبة منذ فترة من الوقت فهاجت على خاطري هذه الأبيات الّتي أرجو أن ينفع الله بها 
قفْ يا زمانُ أبوحُ بالأشجان = فلعلَّ في الشكوى دواءَ جناني 
قف يا زمانُ أقصُّ ما حَفِلَت به = أيامُنا من ذلّةٍ وهوانِ 
قفْ يا زمانُ لكي تُقارنَ حالنا = بالصِيدِ من آبائنا الشجعانِ 
قفْ يا زمانُ أبُثُّك الشكوى التي = من هولِها يتحدثُ الملوانِ 
نطق الرويبضُ يازمانُ فقل معي = آهٍ على الآثارِ والقرآنِ 
قوم تلوكُ الفقهَ لوكَ « لُبانةٍ » = في كلِ مسألةٍ لها قولانِ 
يتهافتون على شِقاقِ نبينا = والمصلحينَ تهافتَ الذُّبانِ 
لا يأبهونَ بما أتى عن مالكٍ = والشافعيِّ وأحمدِ الشيباني 
بل ما أتى عن سيد الثقلين ضد = شذوذِهم يُرمى بدون تواني 
يُرمى بتأويلٍ سخيفٍ بارد = من باردِ النظراتِ والإيمانِ 
وتجاوزَ الأمرُ الحدودَ جميعَها = حينَ استباحوا حرمَةَ القرآنِ 
تُصغي لواحدهم فتعجبُ عندما = يتأولُ القرآنَ بالهذيانِ 
فيقولُ عند الشافعيِ وعندنا = من أنتَ يا مسكينُ في الميزانِ 
حُبُ النصارى واليهودِ فريضةٌ = في فقهِ طائفةٍ بذي الأزمانِ ! 
والملحدون وكلُ صاحبِ بدعةٍ = أضحوا وأصحاب الهدى سيانِ 
ماذا الجفاءُ لغيرنا كلٌّ له = دينٌ يدينُ بهِ بلا نُكرانِ 
إنْ قلتَ قد جاء الكتابُ ببغضهمْ = نصٌّ صريحٌ من عظيم الشانِ 
قالوا لنا تتبدل الفتوى على = مرِّ الزمانِ تبدلَ القمصانِ 
أمّا الغناءُ فقام شهمٌ حاذقٌ = فأباحَهُ بالنايِ والعيدانِ 
وتعسّفَ الآثارَ دون هوادةٍ = وتأولَ المقصودَ بالتبيانِ 
وأتاكَ من هذا اللفيفِ جماعةٌ = ببواقعٍ يندى لها الخدانِ 
قالوا لنا :تليَ الرئاســةَ طَفْلةٌ = فرعاءُ من عدنانِ أو قحطانِ 
وتدينُ آلافُ الفحولِ لأمرها = بلْ والشعوبُ تُساقُ كالقطعانِ 
ويجوزُ أن تليَ القضاءَ خريدةٌ = في جِيدها شَبَهٌ من الغزلانِ 
في حينها لا تأتِ سُــدَّةَ حاكمٍ = واهجرْ حِماهُمْ أيّما هِجرانِ 
ولتأتِ قاضيةَ النساءِ فإنها = تُذكي الغرامَ بثديها الفتانِ 
واسمعْ مقالةَ جهبذٍ منهم أتى = بمصيبةٍ تربوا على ثهلانِ 
لا تتبعوا إن مات منكم مسلمٌ = هديَ النبيِ المُصطفى العدناني 
لُفّوه في كيسٍ وواروه الثرى = من دون تغسيلٍ ولا أكفانِ 
قالوا : وكلّ مصيبةٍ في أرضنا = من هيئةِ المعروف والنكرانِ 
دوماً يصيحون « الصلاةَ» أما لهم = شغلٌ بغيرِ أذيةِ الجيرانِ 
وفقيهةٌ أُخرى تنادي قومنا = الرأيُ قبلَ شجاعةِ الشجعانِ 
يا مجلس الشورى تنحّوا واتركوا = ثُلُثَ الكراسي السودِ للنسوانِ 
والدورةُ الأُخرى تكون ُ جميعُها = محجوزةً لخديجةٍ وحنانِ 
وهنا يكون الرأيُ رأياً ثاقباً = يرضى به القاصي ويرضى الداني 
وأتاك جمعٌ في الجرائدِ زمجرتْ = أقلامُهمْ غضباً على الشِّيخانِ 
قالوا سلبتمْ حقَ ساحرةِ اللّما = يا ويلكمْ من سطوةِ الدّيانِ 
قلتُمْ لها تبقى حبيسةَ دارِها = هل تُحْبَسُ الأقمارُ في الأكفانِ 
هذا كلامٌ لا يليقُ بعصرنا = قدْ كانَ حينَ جهالةِ النسوانِ 
والمَحرمُ المذكورُ في أسفاركم = يَقْضي على «السِّتاتِ» بالنقصانِ 
ماذا الرّقيبُ كأنها مسلوبةٌ = لا عقلَ يعقِلُها عن العصيانِ 
دعها تُسافرُ في الفضاءِ وحيدةً = وتهيمُ سافرةً بكلِّ مكانِ 
هذا الحجابُ يحُدُّ من حركاتها = في مرقصٍ لكواعبٍ وغواني 
مِنْ عادةِ الأعرابِ ليسَ عبادةً = فدعوا عوائدَ سالفِ الأزمانِ 
قدْ جوّزَ الشيخُ المهيبُ صلاتَها = مكشوفةَ الأكتافِ والسيقانِ 
فَلِمَ الخيامُ على مكامنِ حسنِها = حتّى تُرى في السوقِ كالغربانِ 
دعها تُباشرُ في المطاعمِ كيْ تَرى.. = يتدافعُ الرّواد كالطوفانِ 
دعها تكونُ مُديرةً ووزيرةً = وسفيرةً في سائرِ البلدانِ 
دعها تقودُ الجيشَ تدفعُ صائلاً = وتُقاومُ النيرانِ بالنيرانِ 
لا تعجبنَّ إذا التقيتَ بضابطٍ = يوماً وفي أحشائهِ طفلانِ 
دعها تقودُ بأرضنا سيارةً = وتسيرُ سائحةً على الشُطئآنِ 
تَلقى الحبيبَ , وهل تراها أجرمتْ = يا صاحِ إنْ باتتْ معَ الخلاّنِ ؟ 
دعها تكونُ إمامةً ومؤذناً = حتّى يبوءَ الجمعُ بالغفرانِ ! 
وترى الشبابَ الفاسدينَ جميعَهم = خلفَ الإمامَةِ خشيةَ الرحمنِ ! 
أوَما رأيتَ إمامةً غربيةً ؟ = تاهتْ على الدنيا بحسنِ بيانِ ! 
أثنى عليها ثُلّةٌ من قومنا = بالفقهِ معروفونَ كالنعمانِ ! 
رفعتْ إلى المأمومِ مأكمةَ الهوى = فهوى صريعَ الحُبِّ كالسكرانِ 
عجباً لكم يا مسلمونَ ألمْ يحنْ = وقتٌ يُقامُ العدلُ بالميزانِ ! 
لا تقبلونَ شهادةَ النسوانِ في = حدٍّ وتزويجٍ وأمرٍ ثاني ! 
وشهادةُ الرجلِ الوحيدِ مُقامَةٌ = كشهادةِ «السِّتَينِ » يا لِهواني 
وظلمتم الحسناءَ في ميراثِها = فجعلتمُ الضعفينِ للذكرانِ 
يا معشرَ « الفقهاءِ » فقه جرائدِ = هلاّ احترمتم شِرعَةَ الرحمنِ 
عجباً لمن يدعو لنهجِ محمّدٍ = وتغيبُ تحتَ ثيابِهِ القدمانِ 
أمّا اللحى فكأنهم قدْ كُلّفوُا = بِحِلاقِها في مُحكمِ القرآنِ 
وعِداؤهم دوماً لخيرِ شيوخنا = من « هيئةِ العلماءِ » في الميدانِ 
بينا تراهم يُحسنونَ تصنّعاً = لخصومِنا في الدِينِ والديّانِ 
يَصِفُون أمريكا بكلِ جليلةٍ = ويوبخونَ قتيلها الأفغاني 
هل يا زمانُ رأيتَ مثلَ مُصابِنا = حتّى أُسلي النفسَ عن أحزاني 
يا دولةَ الحرمينِ عشتِ مُصانةً = من كيدِ حُسّادٍ ومن فتّانِ 
محفوظةً بالدين ... في جنباتها = مأوىً لكلِّ معلمٍ رباني
<******>doPoem(0)******>
تحياتي