عرض مشاركة مفردة
  #19  
قديم 06-06-2005, 01:43 AM
فارس الأندلس فارس الأندلس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 703
إفتراضي

أقول: لا، لانقطاع الوحي، وهذا الذي يقصده عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قوله: (إن أناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم؛ فمن أظهر لنا خيراً أمَّناه وقربناه وليس لنا من سريرته شيء، الله يُحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة).

لذا نقول: من أظهر لنا الكفر البواح - من غير مانعٍ شرعي معتبر - أظهرنا له التكفير ولا بد.

وقوله رضي الله عنه: (كانوا يؤخذون بالوحي)، يريد في جانب إقالة العثرات، وليس في جانب تطبيق الحدود وإنزال العقوبات، فتنبه لذلك.

3) ومن علامات صدق حاطب رضي الله عنه أنه صدَق النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله، ولم يواري عليه ما فعل، مما دل على سلامة باطنه وقصده، وبراءته من النفاق، بخلاف المرأة فإنها أنكرت وكذبت لما سئلت عن الكتاب، فقالت: (ما معي من كتاب " فزاد ذلك من جرمها وكفرها!

ولو كان حاطب منافقاً لكذَب الحديث، لأن من خصال المنافق أنه إذا حدث كذب، ولكن لما صدق في الحديث، دل على صدق إيمانه وباطنه وأنه ليس منافقاً، وكان لذلك أثراً ظاهراً في منجاته وإقالة عثرته، كما في الحديث الصحيح الذي أخرجه الترمذي: (فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة).

ومن حديث كعب بن مالك في قصة تخلفه عن الغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، يقول: يا رسول الله إنما أنجاني الله بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقاً ما بقيت، والله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذَبْتُه فأهلك كما هلك الذين كذبوا، إن الله قال للذين كذَبوا حين أنزل الوحي شرَّ ما قال لأحدٍ، فقال: {سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنمُ جزاءً بما كانوا يكسبون. يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين}.

بينما أنزل الله في الثلاثة الذين صدَقوا الحديث - منهم كعب من مالك - قوله: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة} إلى قوله تعالى: {وعلى الثلاثة الذين خُلِّفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم * يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 117-119].

فتأمل كيف أن الصدق أنجاهم، وأقال عثرتهم، وكيف أن الكذب أردى أولئك الذين كذبوا الأعذار، وأوبق آخرتهم!

وهذا ينبغي أن يكون معتبراً عند الحديث عن حاطب بن أبي بلتعة، وعن الأسباب التي أقالت عثرته.

4) إن مما أعان على إقالة عثرة حاطب كذلك أنه من أهل بدر، وبدر حسنة عظيمة تذهب السيئات، وتقيل العثرات، وتستدعي تحسين الظن بأهلها، وتوسيع دائرة التأويل لهم لو عثروا أو زلوا!

لذلك نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تذكر له حسنة بدر - وما أدراك ما حسنة بدر - فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).

وفي صحيح مسلم: (إني لأرجو أن لا يدخل النار أحد - إن شاء الله - ممن شهد بدراً والحديبية).

وحاطب قد جمع بين الخيرين، فقد شهد بدراً والحديبية معاً!

نستفيد من ذلك أن المرء كلما كبرت وكثرت حسناته، وكانت له سابقة بلاء في الله، كلما ينبغي أن تتوسع بحقه ساحة التأويل وإقالة العثرات، عند ورود الشبهات، وحصول الكبوات، والله تعالى أعلم.

5) أن فعل الوشاية الذي أقدم عليه حاطب لم يكن فعلاً ملازماً له، فهو لم يفعل ذلك إلا مرة واحدة في حياته، ولأسباب تقدم ذكرها، وهذا بخلاف ما عليه الجاسوس فإن التجسس صفة لازمة له على مدار الوقت، لا هم له إلا كيف يتحصل على المعلومات لكي يرسلها إلى موفديه أو من يتعامل معهم!

فهناك فرق بين من يقع في الخطأ مرة، وبين من يقع في الخطأ مراراً من حيث دلالته على صفة وحقيقة فاعله.

لذا من الخطأ الفادح أن يُحمل على حاطب حكم ووصف الجاسوس الآنف الذكر، والله تعالى أعلم.

وبعد، لأجل هذه الأسباب مجتمعة أفدنا في أول حديثنا أن فعل حاطب يُعتبر من الكفر، ومن الموالاة الكبرى، إلا أن حاطباً لم يكفر بعينه، ولا يجوز أن يُحمل عليه حكم الكفر، والله تعالى أعلم.

كلمة أخيرة:

إلى أولئك الذين هان عليهم دينهم، وسهل عليهم التجسس على المسلمين لصالح الطواغيت باسم الدين، متذرعين بفتاوى بعض المضللين المشبوهين ممن ظاهرهم العلم، مقابل مبلغ زهيد يعطونه على كل تقرير يكتبونه إلى مخابرات الطواغيت، لا يحسب هؤلاء أنهم على خير، أو أنهم على شيء، وليتذكروا أن لهم يوماً سيسألون فيه عما يفعلون، وينتصف الله تعالى منهم لعباده المظلومين.

فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أعان ظالماً بباطل ليدحض بباطله حقاً فقد برئ من ذمة الله عز وجل وذمة رسوله) [7].

فكيف بمن يعين الطواغيت الظالمين على اعتقال المسلمين الموحدين وقتلهم، وانتهاك حرماتهم؟!

فكم من تقرير ظالم كتبه مخبر حقير أدى إلى اعتقال عشرات من الشباب المسلم الموحد - لعشرات السنين - في أقبية وزنازين الطواغيت، إن لم يكن سبباً في قتلهم وإعدامهم!

وفي صحيح مسلم وغيره: (المؤمن من أمنه المسلمون على أنفسهم وأموالهم، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).

فالذي لا يأمنه المسلمون على أنفسهم، ولا يسلمون من شر يده ولسانه، فهو بنص الحديث ليس من المؤمنين ولا المسلمين.

فاتق الله يا عبد الله، واحذر أن تكون ممن يتجسسون لصالح الطواغيت الظالمين، أو يجادلون عنهم، أو يُقاتلون دونهم، فتهلك وتخسر دنياك وآخرتك.


اللهم إنا قد بلغنا ونصحنا، فاشهد
وصلى الله على محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلَّم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين [8]


[عبد المنعم مصطفى حليمة / أبو بصير | 6/3/1422 هـ]
__________________
فارس الأندلس
***************
اللهم يا منزل الكتاب,ويا مجري السحاب, ويا سريع الحساب, وياهازم الأحزاب إهزم النصارى واليهود والعلمانيين والمنافقين المحاربين للأسلام والمسلمين. اللهم اهزمهم وزلزلهم, اللهم اقذف الرعب في قلوبهم, اللهم فرق جمعهم, اللهم شتت شملهم, اللهم خالف بين أرائهم, اللهم اجعل بأسهم بينهم, اللهم ارنا بهم عجائب قدرتك. ياقوي يا قادر اللهم أذل الدول الكافرة المحاربة للإسلام والمسلمين, اللهم ارسل عليهم الرياح العاتية, والأعاصير الفتاكة, والقوارع المدمرة, والأمراض المتنوعة, اللهم اشغلهم بأنفسهم عن المؤمنين, اللهم أتبعهم بأصحاب الفيل, وجعل كيدهم في تضليل, اللهم أرسل عليهم طير الأبابيل, ترميهم بحجارة من سجيل,اللهم خذهم بالصيحة, وارسل عليهم حاصبا, اللهم صب عليهم العذاب صبا,اللهم اخسف بهم الأرض وأنزل عليهم كسفا من السماء, اللهم اقلب البحر عليهم نارا, الجو شهبا وإعصارا, اللهم أسقط طائراتهم,اللهم دمر مدمراتهم, واجعل قوتهم عليهم دمارا. ياذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم. اللهم عليك برؤس الكفر, اللهم عليك ببوش,اللهم عليك ببلير, اللهم عليك بشارون اللهم عليك بهم كل الظالمين. اللهم طال ليل الظالمين, اللهم سلط عليهم يدا من الحق حاصدة. اللهم إن بالمسلمين من الجهد والضنك والضيق والظلم مالا نشكوه إلا إليك. لا إله إلا الله العظيم الحليم, لا إله إلا الله رب العرش الكريم, لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش الكريم. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
****************************