الموضوع: المجتمع
عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 13-06-2005, 12:17 PM
rajaab rajaab غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 112
إفتراضي

والمجتمع غير المتميز، هو المجتمع الذي تكون مكوناته الأربع (الأفراد والأفكار والمشاعر والأنظمة) ليس من جنس واحد، وإن اختلفت واحدة من المكونات أو أكثر عن الباقية لا يكون المجتمع مجتمعاً متميزاً، ولا ينسب إلى مبدأ من المبادئ، وإنما ينسب إلى شيء آخر كوطنه أو قومه فيقال المجتمع المصري، أو المجتمع العربي، ولا يقال لأي منهما المجتمع الرأسمالي أو المجتمع الشيوعي، بينما المجتمع الأمريكي مجتمع رأسمالي، والمجتمع الصيني مجتمع شيوعي.
والمجتمع الهندي مثلا مجتمع غير متميز، فلا يقال عنه مجتمع رأسمالي أو مجتمع شيوعي، أو هندوسي أو بوذي، لأن أفراده يعتنقون عقائد لا تنبثق عنها أفكار أو نظم لمعالجة جميع مشكلات الإنسان، ولأنه يطبق عليهم نظام لا يمت بصلة إلى عقائد وأفكار ومشاعر هؤلاء الأفراد، فالعناصر المكونة للمجتمع الهندي (الأفراد والأفكار والمشاعر والأنظمة) ليست من جنس واحد، فمنهم المسلم ومنهم البوذي، ومنهم عبدة البقر، ومنهم النصراني، وأفكارهم نحو الأشياء والأفعال تختلف بالنسبة لأفكارهم المنبثقة عن عقائدهم ويطبق عليهم النظام الرأسمالي منذ أن استعمر بلادهم الإنجليز، فمجتمعهم غير متجانس وليس له لون واحد معين، فيسمى باسم بلدهم فيقال المجتمع الهندي، وهو مجتمع غير متميز، فلا ينسب لأي مبدأ من المبادئ الثلاثة الموجودة في العالم.

العلاقة بين العناصر المكونة للمجتمع:

إن أفكار المجتمع إن أصبحت مفاهيم، ولدت لدى أصحابها مشاعر من نفس جنس الأفكار، فالمجتمع الإسلامي – مثلاً – الذي يدرك أفراده أن حكم الصلاة فرض، تثور لديهم مشاعر السخط تجاه من يتهاون في هذا الحكم، وتثور لديهم مشاعر الرضى إن سمعوا المؤذن يدعو إلى الصلاة، لأن أفكارهم عن الصلاة أصبحت مفاهيم، وصارت ميولهم ناجمة عن هذه المفاهيم، وبذلك يطلبون أن يوقع الحاكم العقاب الرادع على تارك الصلاة، ويطلبون منه أن يهتم بالمساجد، لأن المجتمع الذي تطبق عليه أنظمة من جنس الأفكار والمفاهيم التي يعتنقها ويتبناها أفراده، يكون حريصاً على تنفيذ هذه الأنظمة، وعيناً ساهرة للمحافظة عليها، وأما أفراد المجتمع الذين تطبق عليهم أنظمة غير أفكارهم ومفاهيمهم، وتكون مخالفة لمشاعرهم، فإنهم لا يهتمون بتطبيق هذه الأنظمة، بل يتذمرون منها ويسعون لتغييرها من أجل أن تتفق ومفاهيمهم، وتنسجم مع مشاعرهم.
وقد يلقن المجتمع أفكاراً لا تنبع من عقيدته، فتكون هذه الأفكار لدى أفراده مجرد معلومات، يستظهرونها ويرددونها، ويطلقون من خلالها حكمهم على الأشياء والأفعال، ولكنها لا ترقى لتصبح عندهم مفاهيم، فلا تكون مشاعرهم حسبها، وإن كان النظام المطبق عليهم والمستند إلى هذه الأفكار يجبرهم على التصرف بناء عليها. في هذه الحالة يحصل الانفصال في شخصية هذا المجتمع، فيحب أفراده أموراً، ويميلون إلى أمور، ولكنهم يفعلون أموراً تخالف ميولهم، وذلك لعدم ربطهم بين أفكارهم التي لقنوها، وبين مشاعرهم التي تستند إلى العقيدة التي يعتنقونها، فالمسلم في مثل هذا المجتمع يرتكب الحرام كالربا، وشرب الخمر وفي نفس الوقت يصرح بأن ما يفعله حرام، ويحاول إيجاد المبررات لارتكابه هذه الأفعال، وهو أيضاً يرتاح لسماع الأذان وقراءة القرآن، ويحس في نفسه بمشاعر روحية، ولكنه لا يصلي ولا يقرأ القرآن.
هذا الانفصام في شخصية المجتمع مرض خطير، يقف عقبة في طريق نهضة المجتمع ورقيه، وصعوبة تعترض من يريد تغييره إلى مجتمع متميز.[/font]
[/size]