الموضوع: التقوقع الديني
عرض مشاركة مفردة
  #26  
قديم 19-06-2005, 12:40 AM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي

( حلقة 1 )

هل الإنجيل-العهد الجديد كلام الله

ثانياً: العهد الجديد- الأناجيل وملحقاتها:

بين سنة 1861 - 1870 م عقد الفاتيكان مجمعاً أقر فيه أن الكتب القانونية للعهد القديم والجديد قد كتبت بإلهام من الروح القدس!!!.
ولكن بعد أن طال النقد الكتاب المقدس كما رأينا من النقاد المسيحيين الغربيين أنفسهم، واشتد ذلك في السنوات الأخيرة، عقد الفاتيكان مجمعاً آخر في أواسط الستينات 1962 / 1965 م وخرج بوثيقة جديدة، تراجع فيها عن قَرَاره السابق بالنسبة للعهد القديم، واعترف فيها صراحة أن العهد القديم يحتوي على شوائب وشيء من البطلان!! ولكن عندما جاء للعهد الجديد نفى عنه ذلك، وكرر أنه كتب بإلهام من الروح القدس!!.

قالت الوثيقة:
" لا يغفل أي إنسان أن من بين الكتب المقدسة، بل حتى كتب العهد الجديد كان هناك ما يتمتع عن حق بالامتياز مثل الأناجيل باعتبار أنها تكون شهادة حقيقة عن حياة وتعاليم الكلمة المجسدة أي منقذنا. فدائماَ وفي كل مكان حفظت الكنيسة وما زالت الأصل الرسولي للأناجيل الأربعة. والواقع أن ذلك هو الذي دعا إليه الرسل بأمر المسيح وقد نقلوا إلينا والناس الذين كانوا يحيطون بهم وبتأثير من الوحي الإلهي للروح كتابات هي أساس الإيمان ونعني بذلك الإنجيل المربع حسب متَّى ومرقص ولوقا ويوحنا. إن كنيستنا الأم المقدسة قالت وتقول بحزم وثبات دائمين إن هذه الأناجيل الأربعة التي تؤكد تاريخيتها دون أي تردد تنقل بشكل أمين فعلاً أقوال وأفعال المسيح طيلة حياته بين البشر لخلاصهم الأبدي الى أن رفع إلى السماء".
والآن دعونا نناقش هذه الوثيقة بهدوء:

ا- الامتياز الذي تتمتع به الأناجيل:

للأسف نرى أن الكتب التي تنتقد العهد الجديد، إن لم تساوِ الكتب التي تنتقد العهد القديم فهي حتماً تزيد عليها. ووثيقة الفاتيكان هذه، جاءت متأخرة جداً جداً عن الشارع الذي تطور عن مفهوم الفاتيكان نفسه، فبدت وكأن الزمن قد تجاوزها منذ سنين لا بل منذ قرون. ولربما كانت وثيقته هذه تجد لها تجاوباً عند الناس السذج والبسطاء من العامة الذين كانوا يعيشون في القرون الغابرة، قبل أن يظهر فن النقد الذي تناول جميع الكتب حتى الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد بالنقد والتجريح. مما يؤكد أن محرري هذه الوثيقة حرروها وهم قابعون في بروج كنائسهم وأديرتهم العالية، فلم يحتكوا بالأغلبية الساحقة من عامة الشعب ليقرأوا كتبهم، ولم ينزلوا قط إلى الشارع ليروا المكتبات والأرصفة قد امتلأت بالكتب التي تنتقد العهد الجديد الذي قالوا إنه يتمتع بالامتياز. إذ ثبت بعد ضعف الكنيسة وظهور فن النقد، وامتلاك الناس للكتاب المقدس بعد أن كان حكراً على الكنيسة... أن العهد الجديد ليس حصيناً كما يدعي الفاتيكان في وثيقته، بل ظهر أنه ممتلىء بالثغرات التي يمكن الهجوم عليه منها من كل جانب. لذا هاجمه النقاد الغربيون المسيحيون أنفسهم وأثخنوه بالجراح، وأزاحوا عنه غطاء الوحي والقداسة وذهب عنه الامتياز المزعوم. لا بل ثبت أن الأمر أخطر بكثير من أن يعالج بتصريح من الفاتيكان، أو مجرد وثيقة تخرج منه موقعة باسم القساوسة الذين حضروا الاجتماع لأن القضية لم تعد قضية العهد الجديد وحده، إنما قضية العقيدة المسماة اليوم زوراً "بالمسيحية" وما هي في حقيقتها إلا العقيدة "الشاؤولية (البولسية) الكنسية الوثنية" برمتها (أي الأب والابن والروح القدس، وابن اللّه وأم اللّه والتجسد وخطيئة آدم والكفارة وصلب اللّه ودفن اللّه وقيامه من الأموات، وعصمة البابا... الخ)
تلك العقيدة التي شوهت مسيحية المسيح الحقة، هل تكون هذه بمجملها أو لا تكون أمام تحديات العصر!؟ تمامآَ كما قال الكونت الفرنسي "دو" مصور البابا بولس السادس مفاجئاً ضيوفه "المسيح ابن الله!! ومريم أم اللّه!! هذا كلام ما عاد محتملاً، هيا دعونا من هذا فاللّه ليست له أم وليس له ولد. وفوق ذلك فهو ليس الكائن الذي أخبرونا عنه بأنه ظهر في القدس يصنع المعجزات منذ ألفي عام. اللّه ليس هذا الإنسان ".
وكما قال " ماكينون وفيدلر وويليامز وبيزنط " في كتابهم اعتراضات على العقيدة المسيحية
(إن هذا عصر أصبحت فيه أساسيات العقيدة المسيحية موضع ارتياب، وإن الدعاوى التي تقوم ضد المسيحية لم يعد ممكنأ مواجهتها بتكرار الحجج القديمة أو تلك التبريرات الواهية (.
والنقاد الغربيون يعترفون صراحة بأن "المسيحية الحقة انتهت بعد رفع المسيح بقليل ودشن انتهاؤها سنة 325 في مجمع نيقية على يد الإمبراطور الوثني قسطنطين، وهذا شيء أصبح معروفاً للغالبية العظمى من المثقفين المسيحيين، وأن ما هو موجود اليوم ويحمل اسم المسيحية فالمسيح بريء من معظمه. إذ فيه القليل القليل من أقوال المسيح والباقي ما هو إلا "أفكارأ شاؤول (بولس) اليهودي الفريسي ممزوجة بالوثنية ومضافاً إليها أفكار المجمعات الكنسية القديمة المنغلقة على نفسها، صاحبة بدعة الثالوث التي كانت تعيش في ظلام الجهل وعدم المعرفة. وهي التي أنكرت دوران الأرض حول الشمس وحكمت بالإعدام على"برونو" و "كوبرنكس" وهددت "جاليليو" وأعدمت العديد من المصلحين الدينيين الثائرين، تلك الأفكار التي عفا عليها الزمن، لذا فأساسيات العقيدة (الشاؤولية- البولسية- الكنسية الوثنية) الموجودة اليوم والتي تحمل اسم "المسيحية" زوراً، أصبحت في عصرنا الحاضر عصر النور والاكتشافات العلمية والصعود إلى القمر، تهتز تحت ضربات النقاد المسيحيين أنفسهم وثبت أنها أساسيات بالية عفا عليها الزمن وتحتاج إلى بريسترويكا وجلاسنوست، أي إلى الانفتاح والمكاشفة العلنية والاعترف بأن ما كان ينطلىِ على الناس في العصور المظلمة من قبل الكنيسة، يوم كانت هي الحاكمة بأمرها والسيف بيدها، لم يعد ينطلي عليهم اليوم في القرن العشرين عصر الديمقراطية والحريات، ولا بد للرجوع إلى رسالة عيسى الحقة في الوحدانية، لا سيما بعد اكتشاف مخطوطات البحر الميت، التي صدمت قساوسة النصارى وكهنة اليهود على حد سواء وبينت كذب تعاليمهم.

- الأناجيل تكون شهادة حقيقية عن حياة وتعاليم الكلمة المجسدة:
(أ) الأناجيل:
كنا نتمنى لو أن الفاتيكان تكلم عن "الإنجيل " وليس عن "الأناجيل"، أىِ عن "إنجيل عيسى"!. لقد اختفى هذا الإنجيل بطريقة مريبة ولا زال مخفياً عن الأنظار حتى يومنا هذا. لذا جاء الفاتيكان يتكلم عن "أربعة روايات" ظهرت بعد اختفاء إنجيل المسيح الأصلي، بعد رفعه للسماء وسميت أناجيل، ولكن للأسف حتى هذه الأناجيل الأربعة مشكوك فيها بل وفيمن نسبت إليهم. وكما يقول الكثير من النقاد أيضاً إنه اعتراها التحريف والتبديل والحذف والإضافة قبل وبعد إضفاء القداسة والشرعية عليها وتسميتها بالأناجيل القانونية!!.(علماً بأن القداسة والشرعية في الأديان السماوية تأتي من اللّه وليس بقرار من الكنيسة أو أي سلطة على وجه الأرض) لتلائم أغراض الكنيسة وتطورها.
وبهذا الصدد يقول جون تولاند على لسان ايرانيوس: "لكي تدهش- الكنيسة- السذج الذين لا يعرفون حقيقة الإنجيل فقد أقحمت فيه حشداً من الجمل التي لا يمكن تفسيرها ونصوصاً كاذبة من ابتكارها. نحن نعرف مسبقاً إلى أي درجة سار الخداع والتصديق يداً بيد في فترة الكنيسة البولسية حيث كان التصديق يتم بسرعة بمجرد أن تزور الكتب، وهذا العمل الشرير استمر فيما بعد بشكل كبر عندما كان الرهبان هم النساخ والحفظة الوحيدون لجميع الكتب الجيدة والسيئة. وبمرور الزمن أصبح من المستحيل التمييز بين التاريخ والأسطورة وبين الصدق والكذب في المعالم المسيحية الأصلية".
وهذا التحريف والتغيير في الأناجيل لا زال جاريأ حتى وقتنا الحاضر تحت اسم "الأناجيل المنقحة" ويشهد على ذلك أكثر من عشرين طبعة مختلفة للكتاب المقدس والأناجيل في السوق ولا تنطبق واحدة منها على الأخرى. لذا فمن حقنا أن نسأل الفاتيكان الفاضل أية أناجيل هذه التي يقول عنها إنها تكون "شهادة حقيقية عن حياة وتعاليم المسيح! وأي طبعة وأي سنة من الطبعات ، إذ فيها كثير من شهادة مرقص محرف في إنجيل متى، وكثير من شهادة مرقص ومتى يناقض شهادة لوقا (بالرغم من سرقة نصوص بعضهم البعض)، وما ورد في هذه الثلاث يناقض ما جاء في إنجيل يوحنا تناقضاً صارخاً، أي ليس فيها إنجيلاً واحداً مطابقاً للاَخر.
"9 ولقد أشار هيردر في عام 1976 إلى ما بين ( مسيح مرقص ومتى ولوقا) وبين "المسيح في إنجيل يوحنا" من فوارق لا يمكن التوفيق بينها مما يجعل إنجيل يوحنا إنجيلاً كاذباً!.
ولقد جاء في دائرة المعارف الأمريكية عن تناقضات هذه الأناجيل الثلاث مع إنجيل يوحنا "أن الاختلاف بينهما عظيم لدرجة أنه لو قبلت الاْناجيل المتشابهة الثلاث الأولى باعتبارها صحيحة وموثوقاً بها فإن ما يترتب على ذلك هو عدم صحة إنجيل يوحنا!.
هذا فضلاً عن أن الأناجيل الأربعة وملحقاتها في مجملها ليست سوى "أخبارأ مروية على لسان من نسبت إليهم.
"وتعريف الخبر( في اللغة العربية هو )ما يحتمل الصدق أو الكذب !. كما لا يوجد أي إثبات عند نصارى اليوم بصدق هذه الأخبار أو عصمة مؤلفيها، الأمر الذي يجوز منهم الخطأ والسهو. ثم إن المخبر ليس كالمعاين، إضافة إلى أنها مجرد أخبار مروية عن آحاد وليست متواترهْ ومعظم أصولها ضائعة ولهذا السبب تغيرت عدة مرات، لذا يجب أن لا نستغرب لما فيها من الاْخبار التي تعتبر قذى في عين الحق والحقيقة "ولقد كان سلسوس يصيح في القرن الثاني أن المسيحيين بدلوا أناجيلهم ثلاث مرات أو أربع بل أزيدأ وكذا فستوس من علماء فرقة "ماني كيز" كان يصيح في القرن الرابع بأن هذا الأمر محقق وأن العهد الجديد ما صنعه المسيح ولا الحواريون بل صنعه رجل مجهول ونسبه إلى الحواريين ورفقائهم خوفاً من أن لا تعتبر الناس تحريره، ظانين أنه غير واثق من الحالات التي كتبها، وآذى بذلك المريدين لعيسى إيذاء بليغاً بأن ألف الكتب التي توجد فيها الاْغلاط والمتناقضات.
أما عن قانونيتها وقداستها فنجد "جون لوريمر" يقول: ( لم يصلنا إلى الان معرفة وافية عن الكيفية التي اعتبرت بها الكتب المقدسة كتباً قَانُونِيَّة)
فإذا كانت فرضت بالقوة فمن الذي فرضها ولمصلحة من!؟ وإذا لم تكن هناك معرفة عن كيفية اختيارها لتكون كتباً قانونية فكيف تكون مقدسة!؟.